متمردو جنوب السودان يشنون هجوما عنيفا على وسطاء «الإيقاد» والمجتمع الدولي

رئيس وفد التمرد في المفاوضات لـ {الشرق الأوسط} : طرفا النزاع يريدان التفاوض المباشر والوسطاء يرفضون

متمردو جنوب السودان يشنون هجوما عنيفا على وسطاء «الإيقاد» والمجتمع الدولي
TT

متمردو جنوب السودان يشنون هجوما عنيفا على وسطاء «الإيقاد» والمجتمع الدولي

متمردو جنوب السودان يشنون هجوما عنيفا على وسطاء «الإيقاد» والمجتمع الدولي

شنت الحركة الشعبية المعارضة بقيادة نائب رئيس جنوب السودان السابق رياك مشار هجوما عنيفا على فريق وسطاء دول «الإيقاد» وشركائها الدوليين، واتهمتها بأنها تخدم أجندة لا علاقة لها بعملية السلام في البلاد، في حين كانت الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (الإيقاد) قد حذرت من انهيار مفاوضات (أصحاب المصلحة) بين أطراف النزاع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتي بدأت يوم الاثنين الماضي بعد توقف دام لأكثر من شهر بسبب الخلافات في كيفية إشراك القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، في وقت حذر فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري من أن المجتمع الدولي يستعد لإعطاء مهلة نهائية للحكومة والمتمردين في دولة جنوب السودان لكي يضعوا فورا حدا للحرب بينهما والتي استمرت لسبعة أشهر.
وقال رئيس وفد الحركة الشعبية المعارضة في المفاوضات الدكتور ضيو مطوك لـ«الشرق الأوسط»، إن بيان فريق وسطاء «الإيقاد» الذي اتهم فيه وفد الحركة بعرقلة المفاوضات مجافٍ للحقيقة. وأضاف أن وفدي المفاوضات في الحكومة والمعارضة تقدما بطلب إلى الوسطاء بأن يجري تفاوض مباشر بين الطرفين المتحاربين. وقال: «لكن الوساطة ظلت ترفض هذا الطلب، وكذلك شركاؤها من المجتمع الدولي، وهذا أغرب نوع من الوسطاء لأن أطراف النزاع يمكنهما التفاوض المباشر»، مشيرا إلى أن الوساطة تتعلل بضرورة إشراك أصحاب المصلحة في هذه المحادثات. وقال: «نحن لا نرفض مشاركتهم، ولكن لا يمكن أن يتفاوضوا في طاولة طرفي النزاع يمكن أن يصبحوا مستشارين يمدون الأطراف من خارج قاعة المحادثات بآرائهم». وتابع: «الكرة الآن في ملعب الوساطة هي التي تعرقل عملية السلام وعليها تصحيح موقفها وتوقف ما تقوم به لأنه يعني أنها لا تريد استقرارا في جنوب السودان». وقال: «التفسير الوحيد بالنسبة لنا أن (الإيقاد) وشركاءها الدوليين ليست لديهما جدية في أن يتحقق الاستقرار لشعب جنوب السودان»، مؤكدا أن اللجنة الأمنية من الطرفين دخلت في جلسات صباحية ومسائية أمس، وأن المفاوضات المباشرة بين وفدي الحكومة والمعارضة مستمرة. وقال إن انتهاء المهلة التي حددتها «الإيقاد» بإنهاء التفاوض في العاشر من أغسطس (آب) من مسؤوليتها بسبب أنها تمنع التفاوض المباشر بين أطراف النزاع.
وكانت «الإيقاد» قد حذرت في بيان لها أمس تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، من انهيار مفاوضات التي بدأت الاثنين في أديس أبابا بين وفدي حكومة جنوب السودان والمتمردين بقيادة رياك مشار. وقالت إن المحادثات أصبحت على شفا الانهيار بعد رفض وفد المتمردين مواصلة التفاوض حول مشاركة (أصحاب المصلحة) من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين ومجموعة الـ11 من قيادات حزب الحركة الشعبية المفرج عنهم. وطالب البيان مجموعة مشار إلى الالتزام بتعهداتها والعودة إلى اجتماع المائدة المستديرة الذي يجمع تلك الأطراف مع وفدي الحكومة والمتمردين لحل الأزمة في جنوب السودان. وناشدت «الإيقاد» شعب جنوب السودان والشركاء الدوليين إلى حث المتمردين بالعودة إلى عملية السلام.
من جهة أخرى، عقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري اجتماعا على هامش قمة الولايات المتحدة - أفريقيا المنعقدة في واشنطن، مع رئيس جنوب السودان سلفا كير وزعماء كل من إثيوبيا وكينيا وجيبوتي وأوغندا، الأعضاء في الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا (إيقاد) التي تتولى الوساطة في هذا النزاع، وقال الوزير الأميركي إن هناك إجماعا على توقف الحرب في جنوب السودان. وأضاف: «على الحرب أن تتوقف الآن». وأضاف أن قادة دول «الإيقاد» مستعدون لإعطاء مهلة نهائية لعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وكشف عن أن وفد من مجلس الأمن الدولي سيزور المنطقة الأسبوع المقبل للقول بوضوح إنه ليس هناك أي بديل عن خطة السلام التي وضعتها «الإيقاد». ووجهت واشنطن انتقادات إلى المتمردين بعد أن نقل الوسطاء بانسحابهم من جلسة المفاوضات. وأضاف كيري قائلا قبيل محادثات مع كير: «هو (مشار) يحتاج إلى أن يتفهم أهمية الوفاء بالاتفاقات»، وحث الجانبين كليهما على تحقيق تقدم.
ومن جانبه، قال رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت أثناء حضوره قمة لزعماء أفارقة في واشنطن، إن مشار لا يسيطر على القوات التي تحت قيادته. وعبر عن تأييده لوقف لإطلاق النار، لكنه قال: «نحن نجد صعوبة من جانب المتمردين». وأضاف: «أقول دائما إن ريك مشار ليس له سيطرة على ما يسميه جيشه. ولهذا فإن كل قائد في المناطق المختلفة يعمل بشكل مستقل».
وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، إن هذه هي أول زيارة لكير إلى الولايات المتحدة منذ 2011، وانتقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أيضا مشار عن خروقات لوقف إطلاق النار، وقال إن الأزمة تصبح أكثر إلحاحا بالنظر إلى المخاطر المتزايدة لمجاعة في جنوب السودان.



أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)

ندّدت تشاد والسنغال بشدّة بتصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين واتّهم فيها دول الساحل بأنها «لم تشكر» بلاده على الدعم الذي قدّمته للقارة في مكافحة التمرد الإرهابي.

وقال ماكرون الإثنين إنّ بلاده كانت «محقّة» في تدخّلها عسكريا في منطقة الساحل «ضدّ الإرهاب منذ عام 2013»، لكنّ القادة الأفارقة «نسوا أن يقولوا شكرا» لفرنسا على هذا الدعم. وأضاف أنّه لولا هذا التدخّل العسكري الفرنسي «لما كان لأيّ من» هؤلاء القادة الأفارقة أن يحكم اليوم دولة ذات سيادة. وأدلى ماكرون بكلامه هذا خلال الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم. وأضاف الرئيس الفرنسي بنبرة ملؤها السخرية «لا يهمّ، سيأتي هذا (الشكر) مع الوقت».

وأثارت هذه التصريحات استنكارا شديدا في كلّ من نجامينا ودكار. وفي بيان أصدره وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله أعربت نجامينا عن «قلقها العميق عقب تصريحات (...) ماكرون التي تعكس موقف ازدراء تجاه أفريقيا والأفارقة». وفي بيانه الذي تلاه التلفزيون الرسمي أكّد الوزير التشادي أنّه «ليست لديه أيّ مشكلة مع فرنسا»، لكن بالمقابل «يجب على القادة الفرنسيين أن يتعلموا احترام الشعب الأفريقي».

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، ألغت تشاد الاتفاقيات العسكرية التي كانت تربطها بالقوة الاستعمارية السابقة. وشدّد الوزير التشادي على أنّ «الشعب التشادي يتطلّع إلى السيادة الكاملة والاستقلال الحقيقي وبناء دولة قوية ومستقلة».

بدوره، ندّد بتصريح ماكرون رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، مؤكّدا في بيان أنّه لولا مساهمة الجنود الأفارقة في الحرب العالمية الثانية في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي «لربّما كانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية».

وفي كلمته أمام السفراء الفرنسيين في العالم قال ماكرون إنّ قرار سحب القوات الفرنسية من أفريقيا اتّخذته باريس بالتشاور والتنسيق مع هذه الدول. وقال الرئيس الفرنسي «لقد اقترحنا على رؤساء دول أفريقية إعادة تنظيم وجودنا، وبما أنّنا مهذّبون للغاية، فقد تركنا لهم أسبقية الإعلان» عن هذه الانسحابات. واضطرت فرنسا رغما عنها لسحب قواتها من دول أفريقية عديدة في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة لسونكو الذي أعلنت بلاده في الأسابيع الأخيرة إنهاء أيّ وجود عسكري فرنسي على أراضيها خلال العام الجاري فإنّ ما أدلى به ماكرون «خاطئ بالكامل» إذ «لم يتمّ إجراء أيّ نقاش أو مفاوضات حتى الآن، والقرار الذي اتّخذته السنغال نابع من إرادتها الوحيدة، كدولة حرة ومستقلة وذات سيادة».

كما هاجم رئيس الوزراء السنغالي الرئيس الفرنسي بسبب تهمة «الجحود» التي وجّهها سيّد الإليزيه لقادة هذه الدول الأفريقية. وقال سونكو إنّ «فرنسا لا تمتلك لا القدرة ولا الشرعية لضمان أمن أفريقيا وسيادتها. بل على العكس من ذلك، فقد ساهمت في كثير من الأحيان في زعزعة استقرار بعض الدول الأفريقية مثل ليبيا، ممّا أدّى إلى عواقب وخيمة لوحظت على استقرار وأمن منطقة الساحل».

بدوره، شدّد وزير الخارجية التشادي على «الدور الحاسم» لأفريقيا وتشاد في تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين وهو دور «لم تعترف به فرنسا أبدا»، فضلا عن «التضحيات التي قدّمها الجنود الأفارقة». وأضاف كلام الله «خلال 60 عاما من الوجود الفرنسي (...) كانت مساهمة فرنسا في كثير من الأحيان مقتصرة على مصالحها الاستراتيجية الخاصة، من دون أيّ تأثير حقيقي دائم على تنمية الشعب التشادي».