سيكون من السخف توقيع عقوبة على الأرجنتيني مارسيلو بيلسا المدير الفني لفريق ليدز يونايتد بسبب تجسسه على جلسات التدريب الخاصة بقريق ديربي كاونتي.
لقد اعترف مدرب ليدز يونايتد على الفور بما فعله وسارع للاتصال بفرانك لامبارد مدرب ديربي وأعلن مسؤوليته عن هذا الحادث، ولم يقتصر الأمر على ذلك، وإنما سارع ناديه لتذكيره علانية بمبادئ «النزاهة والأمانة» التي يلتزمها، وبالتأكيد لا بد النظر إلى أن هذا كاف لغلق هذا الأمر إلى الأبد.
ربما كان يتعين أن يفطن بيلسا بسرعة أكبر إلى حقيقة أن ما قد يمر دونما تعليق في أميركا الجنوبية ربما سيثير عبوساً وتقطيباً داخل إنجلترا، لكن تظل الحقيقة أن التباينات القائمة بين الثقافات الكروية من بلد لآخر ينبغي النظر إليها كوسيلة للاستمتاع والترفيه، وليس حظرها ووأدها. ربما جاء تصرف بيلسا مخالفاً لروح ميثاق أندية الدوري الإنجليزي، بغض النظر عما ورد حرفياً بها، لكنك حتى لو تفحصت سطور هذه الوثيقة لن تجد شيئاً محدداً بخصوص التسلل والتخفي بين الشجيرات لاختلاس النظر إلى استعدادات لاعبي الخصم.
وعندما وردت تقارير أوليه عن هذا الحادث، جرت الإشارة إلى أن المتسلل كان يرتدي ملابس مموهة ويحمل معدات لكسر الأقفال. وبدا هذا أمراً مثيراً يقف على حدود خرق القانون، وإن كانت التقارير قد تبدلت لاحقاً وأشارت إلى أنه كان يرتدي ملابس رياضية. كان الشخص الذي لم يكشف اسمه قد قدم في سيارة تحمل اسم نادي ليدز يونايتد. الأكثر طرافة عن ذلك، تمكن مسؤولو ديربي كاونتي بطريقة ما من تحديد أنه سبق له فعل ذلك. كان أفراد الفريق قد شعروا بحفيف أقدام، لكن لم يتحركوا باتجاهه في وقت سابق من الموسم - تحديداً عشية فوز ليدز يونايتد بنتيجة 4 - 1 داخل ملعب برايد بارك في أغسطس (آب).
ويعمل لامبارد حالياً على نظرية أن بيلسا ربما تلصص على جميع الخصوم الكبار الذين واجههم، ووصف واقعة التجسس على تدريبات فريقه بغير الأخلاقية، دافعا بأن هذا شتت استعدادات فريقه للمباراة، وربما يكون محقاً في هذا الاعتقاد.
واعترف بيلسا بأن بعض من أفراد طاقمه التدريبي شاهدوا كافة تدريبات المنافسين هذا الموسم، وقال: «في كلمات موجزة، يمكنني أن أبلغكم أننا تابعنا كافة المنافسين الذين لعبنا أمامهم وشاهدنا كافة الحصص التدريبية للمنافسين قبل أن نواجههم».
وأوضح المدرب الأرجنتيني إلى أن اعترافه جاء بهدف تسهيل مهمة تحقيق رابطة الدوري الإنجليزي في الواقعة وأنه أراد توفير كافة المعلومات الضرورية، وقال: «هدفي أن نجعل التحقيق أسهل، ولا أعتقد أن هناك أي شيء سيزيد ما يبحثون فيه الآن سوءا مما سأقوله الآن».
وأضاف المدرب السابق لأتلتيك بلباو والبالغ من العمر 63 عاما أن ما قام يعد قانونيا، وأكد على أن جمع المعلومات عن المنافسين يعد «سلوكا احترافيا». وأوضح: «سنشعر بالذنب إذا لم نبذل ما يكفي من الجهد لمتابعة تدريبات المنافسين، ربما البعض يرى هذا خطأ، وأنني اتسمت بالغباء للسماح بمثل هذا النوع من السلوك».
ربما حان الوقت كي يتوقف مدرب ليدز يونايتد الذي يتصدر دوري الدرجة الأولى بفارق أربع نقاط عن أقرب مطارديه، الآن عن هذا السلوك وقبول حقيقة أن مثل هذه الأفعال غير مقبولة داخل إنجلترا، وإن كانت الإشارة تجدر هنا إلى أن الشرطة التي حضرت في موقع الحادثة الأخيرة لم تلق القبض على المدرب المتلصص، ذلك أنه ليس هناك جريمة. في كل الأحوال هناك منازل خاصة تطل على ملعب تدريب ديربي كاونتي. وقد تم رصد جاسوس ليدز يونايتد من جانب أحد السكان العاديين بالمنطقة، وليس مسؤولا بالنادي. ومع أن لامبارد محق في قوله إنه يجب ألا يصبح مضطراً لإجراء عملية تفتيش حول ملعب التدريب قبل كل جلسة تدريب، فإن هذا التعليق من جانبه يسلط الضوء على حقيقة أن الكثير من ملاعب التدريب لا تتسم بالخصوصية.
على سبيل المثال فإن مانشستر سيتي قبل أن ينتقلوا إلى مجمع الاتحاد القائم في مركز المدينة، كانوا دائماً يشكون من أنهم لا يحظون بأي قدر من الخصوصية في مركز كارينغتون بسبب وجود ممشى عام على حدود أرض النادي. وكان كل ما يحتاج إليه من يخالجهم الفضول لمشاهدة تدريبات الفريق (عادة من الصحافيين، لكن ربما خصوم كذلك) هو صعود سلم صغير أو فتح حلقة صغيرة في الحاجز للنظر من خلالها.
أما ملعب تدريب ميلوود الخاص بليفربول فله سور يحيط به، لكنه ليس بالطول الذي يمنع أحداً من اختلاس النظر. وأيضاً، تحيط بهذا الملعب مجموعة من المنازل الخاصة، ما يعني أن سكان المنطقة من حقهم الاعتراض إذا ما أقدم ليفربول على بناء أسوار عالية تشبه أسوار السجن حول الملعب. ويخطط ليفربول للانتقال إلى موقع آخر تغلب عليه الخضرة على أطراف المدينة نهاية الأمر، لكن في الوقت الحالي يبقى مشهد اختلاس الكثيرين النظر إلى داخل الملعب خاصة خلال موسم عطلات المدارس، من المشاهد المألوفة.
منذ ما يزيد قليلاً على 20 عاماً أقام شخص كولومبي كان يدرس للحصول على درجة علمية في علوم كرة القدم من جامعة جون موريس في ليفربول علاقات شديدة الود مع أسرة كانت تعيش بجوار ميلوود من خلال استعارته طاولة صغيرة منهم كي يتمكن من اختلاس النظر من فوق سور ملعب التدريب. وبلغ هذا الود حداً جعل خوان كارلوس أوسوريو ينتقل للإقامة مع الأسرة عبر استئجار غرفة بالمنزل مكنته من متابعة روتين التدريب اليومي لليفربول دونما عائق. اليوم، يتولى أوسوريو تدريب منتخب الباراغواي، بعدما بلغ ذروة شهرته الصيف الماضي عندما كان يتولى تدريب المنتخب المكسيكي الذي فاز على ألمانيا في إطار بطولة كأس العالم في روسيا.
من الواضح أن ثمة اختلاف كبير بين التلصص لزيادة تثقيف المرء وفعل ذلك بهدف تقويض خصم ما في مباراة تنافسية. وبالنظر إلى التقدم الشديد في تكنولوجيا الطائرات دون طيار فإنه ليس هناك طائل من وراء بناء مخابئ جبلية شديدة الحراسة للتدريب بها.
من جانبه، واجه بيلسا اتهامات بالغش والخداع، رغم أن تفقد استعداد الخصم مسبقاً من الأمور التي من السهل النظر إليها باعتبارها جزء من المباراة، وربما يرى البعض في تصرفه اهتماماً مبالغاً فيه بالتفاصيل. من الواضح أن هذه منطقة رمادية وربما تكون بحاجة لأن يصدر اتحاد الكرة بشأنها بروتوكولاً واضحاً. وفي كل الأحوال ينبغي التنويه هنا بأنه ليس جميع المدربين قادرين على صياغة خطة ناجحة بالاعتماد على شذرات المعلومات التي استقاها المدرب من التلصص على تدريبات الفريق المنافس.
وبينما يفض بعض المدربين التحلي بقدر كبير من السرية، فإن آخرين لا يمانعون في نشر خطة اللعب علانية، فعلى أي حال لا تبدل غالبية الأندية الكثير من أسلوب لعبها من مباراة لأخرى. ربما يبدل مدرب تشكيل اللاعبين داخل الملعب خلال مباراة بعينها أو للتصدي لخصم بعينه، وربما ينتقلون إلى الاعتماد على ثلاثة لاعبين في الدفاع أو مهاجم واحد في الأمام، لكنهم بالتأكيد لن يفعلوا ذلك في أسبوع تلو الآخر.
هل تجسس مدرب ليدز على منافسيه نوع من الغش أم التسلية؟
لامبارد المدير الفني لفريق ديربي كاونتي يشكو من «تلصص} بيلسا على خصومه الكبار
هل تجسس مدرب ليدز على منافسيه نوع من الغش أم التسلية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة