عون يرفض التنازل عن رئاسة الجمهورية رغم الضغوط الأمنية

قيادي بتياره: لن نخضع هذه المرة والأزمة أبعد من الموضوع الرئاسي

ميشال عون
ميشال عون
TT

عون يرفض التنازل عن رئاسة الجمهورية رغم الضغوط الأمنية

ميشال عون
ميشال عون

لم تنجح الضغوط الأمنية التي مورست في الأيام الماضية على المعنيين بالملف الرئاسي، بعد التطورات العسكرية في بلدة عرسال شرق البلاد وطرابلس شمالا، بإنضاج أي حلول لوضع حد للشغور في سدة الرئاسة والمستمر منذ 25 مايو (أيار) الماضي. وظل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون متمسكا بترشيحه رافضا التنازل لشخصية أخرى توافقية يختارها بنفسه، ما يهدد بنسف الجلسة البرلمانية العاشرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم الثلاثاء المقبل.
وكشفت مصادر مطلعة على اللقاءات الأخيرة التي عقدها عون في مقر إقامته في منطقة الرابية شرق بيروت، وكان آخرها لقاؤه برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وبالسفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، أنّه «أبلغ المعنيين عزمه على المضي بمعركته الرئاسية وأنه لن يتراجع أو يحيد كما فعل قبل 6 سنوات قبيل انتخاب قائد الجيش حينها ميشال سليمان رئيسا»، لافتة إلى أن «جنبلاط عرض على عون أن يسمي هو الرئيس المقبل لكنّه لم يوافق».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «أبلغ أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله النائب جنبلاط في اللقاء الأخير الذي جمعهما أن الموضوع الرئاسي معلق لدى العماد عون، وبأنّه يبقى مرشح حزب الله حتى يقرر هو خلاف ذلك»، موضحة أن جنبلاط قرر على أثر لقائه نصر الله التفاوض مع عون بالملف الرئاسي.
واستبعدت المصادر أن تأتي التطورات الأمنية الأخيرة بقائد الجيش جان قهوجي رئيسا للجمهورية، لافتة إلى أن «قسما كبيرا من الفرقاء يرفضون السير به لاعتبارات مختلفة».
ونفى سليم عون، القيادي في التيار الوطني الحر الذي يرأسه ميشال عون، أن يكون جنبلاط أو غيره طرحوا عليه التنازل عن «حقه» بالترشح للرئاسة، لافتا إلى أن اللقاءات التي يجريها والمستمرة في الأيام المقبلة تبحث بكيفية تجنيب لبنان الخطر الخارجي المحيط والذي أصاب أخيرا عرسال وطرابلس.
وأكّد عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «كل الضغوط التي تُمارس على العماد عون والتي اتخذت أخيرا طابعا أمنيا لا تؤثر عليه»، جازما «أننا لن نكرر الأخطاء التي ارتكبناها في السنوات الماضية، ولن نقبل بأن نستبدل (الشيك من دون رصيد) الذي أعطونا إياه خلال اتفاق الطائف بشيك آخر من دون رصيد أيضا، فإما يكون الشيك برصيد ويعطي المسيحيين كامل حقوقهم كما هو حاصل مع باقي الطوائف أو أننا لا نريده»، على حد تعبيره.
وعد عون أن «الأزمة الحالية التي تتخبط البلاد فيها ليست رئاسية بل هي أبعد من ذلك بكثير، جزء منها داخلي، يتعلق بالنظام الذي يحتاج لترميم وإذا طالت الأمور قد يحتاج لتغيير، وهو ما لا نتمناه، وجزء خارجي يتعلق بالفكر التكفيري الذي يجتاح المنطقة». وقال: إن «المطلوب معالجة صلب الموضوع وليس القشور، فالمهدئات والمسكنات لم تعد تنفع وهي قد تكون مؤذية أكثر بعد انتهاء مفعولها».
وكان عون طرح في يوليو (تموز) الماضي ما قال: إنها مبادرة لـ«إنقاذ» الاستحقاق الرئاسي تقضي بتعديل الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب على دورتين؛ أولى تأهيلية تجري على مستوى الناخبين المسيحيين، وثانية تجري على المستوى الوطني. ولم ترحب أي من القوى السياسية الحليفة لعون وكذلك خصومه بمبادرته باعتبار أنها «تنسف الميثاق والدستور واتفاق الطائف».
ويعد عون أن الحل للأزمة الرئاسية يكمن إما باعتماد مبادرته أو بانتخابه رئيسا للجمهورية أو بإقرار قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية المقبلة.
ويسعى رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان للعب دور محدد للمساهمة بحل أزمة الرئاسة، وهو بعد اللقاء الذي عقده في دارته ليل الثلاثاء وحضره البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس الحكومة تمام سلام ورئيس كتلة المستقبل، رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، إلى جانب جنبلاط، استقبل أمس الخميس رئيس حزب الكتائب أمين الجميل الذي أكّد بعد اللقاء أن الجهود مستمرة لانتخاب رئيس: «وهذا الأمر من الأولويات في الوقت الحاضر نظرا إلى كل انعكاسات الانتخاب على الوضع اللبناني». وأضاف: «ليسامح الله كل الذين يعوقون هذا الانتخاب خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي يعيشها لبنان».
والتقى الجميل أيضا بري وبحث معه بالتطورات الأمنية والملف الرئاسي، وأشار النائب في حزب الكتائب ايلي ماروني إلى أن الزعيمين تباحثا بوجوب إنهاء حالة الفراغ في سدة الرئاسة لقطع الطريق على مزيد من الانفلات الأمني. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس الجميل لا يزال مرشحا طبيعيا للرئاسة وقد تناول البحث ترشيحه كما صيغ أخرى لوضع حد للأزمة باعتباره لا يتعاطى كما سواه مع الموضوع بمنطق أنا أو لا أحد».
وأوضح ماروني أن اسم قائد الجيش جان قهوجي كان مطروحا منذ فترة لرئاسة الجمهورية: «باعتباره يتمتع بكفاءة عالية وصاحب كف نظيف ويدير المؤسسة العسكرية التي نثق جميعا بها، لكنني لاأادري إذا كان الفرقاء على جهوزية لتعديل الدستور وانتخابه رئيسا.. أما نحن فلنا مرشحنا وهو الرئيس الجميل.. وإذا ما تغيرت المعطيات الحالية سيكون عندها لكل حادث حديث».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.