عشرات الإصابات في «مسيرات العودة» على حدود قطاع غزة

تلويح بـ«مليونية» في الذكرى الأولى لانطلاق الاحتجاجات

فلسطينيون يشاركون في الاحتجاجات قرب الحدود مع إسرائيل شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يشاركون في الاحتجاجات قرب الحدود مع إسرائيل شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

عشرات الإصابات في «مسيرات العودة» على حدود قطاع غزة

فلسطينيون يشاركون في الاحتجاجات قرب الحدود مع إسرائيل شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يشاركون في الاحتجاجات قرب الحدود مع إسرائيل شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن 30 فلسطينياً أصيبوا برصاص الجيش الإسرائيلي في مواجهات اندلعت خلال احتجاجات الجمعة الثالثة والأربعين لـ«مسيرات العودة» التي ينظمها الفلسطينيون قرب السياج الحدودي الفاصل شرق قطاع غزة.
وأعلن الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، في بيان، أنه «أصيب 30 مواطناً برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي وهذه حصيلة الإصابات خلال فعاليات الجمعة الـ43 لمسيرات العودة وكسر الحصار، شرق قطاع غزة، من بينهم 3 مسعفين».
وأوضح أن نحو «46 آخرين أصيبوا بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع بينهم صحافيان فلسطينيان».
وشارك آلاف الفلسطينيين في مظاهرات الجمعة، حيث دارت مواجهات بين المئات منهم مع الجيش الإسرائيلي على بعد عشرات الأمتار من السياج الحدودي. وأشعل متظاهرون عدداً قليلاً من إطارات السيارات.
وذكرت الوكالة الفرنسية أن جميل مزهر القيادي البارز في الجبهة الشعبية وعضو الهيئة العليا لمسيرات العودة قال في كلمة شرق غزة: «نوجه رسالة للعدو الصهيوني بألا تراهنوا على تراجع المسيرات (...) ومسيرات العودة متواصلة وستزداد اشتعالاً في الأيام المقبلة».
وأضاف مزهر: «بعد أشهر قليلة سنحيي الذكرى السنوية الأولى على انطلاق مسيرات العودة من خلال مليونية كبيرة وبخيارات جديدة بعد تقييم التجربة ستفاجئ الجميع».
وأوردت وكالة الأنباء الألمانية، من جهتها، أن «الهيئة العليا الفلسطينية لمسيرات العودة» حذّرت أمس إسرائيل من الاستمرار في «المراوغة» بشأن رفع الحصار عن قطاع غزة. وأكدت الهيئة المكونة من فصائل ومؤسسات أهلية وحقوقية فلسطينية التمسك باستمرار مسيرات العودة «حتى تحقيق أهدافها»، مؤكدة أنه «لا تراجع عن المسيرات، ولا عن طابعها الجماهيري والشعبي». ودعت الهيئة المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لرفع الحصار عن غزة، محذرة من أن «سياسة التسويف والابتزاز تعني صب الزيت على النار وتفتح الباب واسعاً أمام تصعيد جديد». كما دعت إلى أوسع مشاركة في احتجاجات يوم الجمعة المقبل تحت عنوان (جريمة الحصار مؤامرة لن تمر).
في غضون ذلك، قالت حركة «حماس» في بيان، إن «إصرار جماهير الشعب الفلسطيني على المشاركة في مسيرات العودة للجمعة 43 يؤكد أنه يخوض مساراً نضالياً متواصلاً، وفعلاً كفاحياً مستمراً حتى تحقيق أهدافه». وأكد المتحدث باسم «حماس» حازم قاسم أن «المقاومة التي تشكل مسيرات العودة أحد أشكالها، هي المسار الوحيد القادر على إفشال كل المؤامرات على الحق الفلسطيني». واعتبر قاسم أن «هذه الجمعة تحمل رسالة بأن مواجهة التحديات المتصاعدة التي تمر بها القضية، تتطلب توحيد جهد الكل الوطني الفلسطيني».
وكانت «مسيرات العودة» قد انطلقت في نهاية مارس (آذار) 2018 بهدف التأكيد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من أراضيهم في 1948 والمطالبة بفك الحصار المستمر منذ 2006 على قطاع غزة. وقتل في المواجهات أكثر من 240 فلسطينياً بنيران الجيش الإسرائيلي، فيما قتل جنديان إسرائيليان.
وفي الضفة الغربية تم هدم وتفجير بيتين فلسطينيين وقمع عدة مظاهرات احتجاج سلمية واستمرت حملات الاعتقالات. فقد أصيب شابان بالرصاص المطاطي، واعتقل طفل، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة قرية كفر قدوم، شرق محافظة قلقيلية، السلمية الأسبوعية المناهضة للاستيطان. وقد اقتحمت قوات الاحتلال القرية وسط إطلاق الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، ما أدى لإصابة شابين بالرصاص المعدني أحدهما في الصدر والآخر في القدم. وأكد شهود أن قوات الاحتلال اقتحمت منزل المواطن نصفت شتيوي، بعد إطلاق الرصاص الحي على أبوابه الخارجية وجدرانه الداخلية، وحطمت محتوياته، واعتدت على نساء وأطفال، واعتقلت الطفل طارق حكمت شتيوي (14 عاماً).
واعتقلت قوات الاحتلال خمسة فتية، وأصابت عدداً من المواطنين بالاختناق، خلال مواجهات في قرية تقوع، جنوب شرقي محافظة بيت لحم. وقال مدير بلدية تقوع، تيسير أبو مفرح، إن مواجهات نشبت بين عشرات الشبان وقوات الاحتلال التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، وقنابل الصوت والرصاص المطاطي، ما أدى لإصابة عدد من المواطنين بالاختناق. وأضاف أن قوات الاحتلال اعتقلت خمسة فتية خلال المواجهات.
واحتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجموعة مسار «امشِ تعرف على بلدك»، في قرية الزبيدات بالأغوار الوسطى، واستولت على الحافلة التي تقلهم. وأفاد منسق المجموعة أنور حمام، بأن عدداً من جنود الاحتلال أوقفوا المشاركين في المسار الذي يهدف للتعرف على المنطقة، ومنعوهم من استمرار السير فيها، بحجة أنها منطقة أمنية، وأن التجول فيها مقتصر على المستوطنين! وأشار حمام إلى أن جنود الاحتلال استولوا على الحافلة التي أقلت المجموعة، كما صادروا بطاقاتهم الشخصية.
وداهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منزل المواطن أسامة زيد زكارنة في قرية دير غزالة شرق جنين، وكثفت من وجودها العسكري ونصب الحواجز في القرية. كما كثفت قوات الاحتلال من وجودها العسكري على الشارع الالتفافي المحاذي للقرية، وشارع جنين - الناصرة، ومحيط قرى وبلدات شرق جنين، ونصبت حواجز عسكرية متنقلة، دون أن يبلغ عن أي اعتقالات.
وقمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة قرية نعلين الأسبوعية السلمية المناوئة للاستيطان والجدار العنصري التي انطلقت أمس، دعماً للرئيس محمود عباس، بمناسبة ترؤسه مجموعة الـ77 والصين، وإحياء لذكرى القادة (أبو إياد وأبو الهول وفخري العمري). وانطلقت المسيرة عقب صلاة الجمعة من وسط القرية باتجاه الجدار العنصري ورفع المشاركون فيها الأعلام الفلسطينية وصور القادة الثلاثة. وأفاد عضو اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في نعلين محمد عميرة، بأن قوات الاحتلال هاجمت المشاركين لدى وصولهم إلى الجدار العنصري المقام على أراضي القرية مطلقة قنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة عدد من المشاركين بالاختناق وعولجوا ميدانيا. وأضاف عميرة أن جنود الاحتلال لاحقوا المشاركين في حقول الزيتون حتى مشارف منازل القرية ما أدى إلى اندلاع مواجهات. وقام مستوطنون باقتلاع قرابة 40 شجرة زيتون في منطقة أبو الحنون بقرية المغير شرق رام الله، بعضها بعمر 30 عاماً.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.