لبنان: أمن طرابلس يهتز مجددا.. ومخاوف من امتداد حريق عرسال إليها

بعد تفجير أوقع قتيلا وعشرة جرحى واعتداءات متتالية على الجيش

لبنان: أمن طرابلس يهتز مجددا.. ومخاوف من امتداد حريق عرسال إليها
TT

لبنان: أمن طرابلس يهتز مجددا.. ومخاوف من امتداد حريق عرسال إليها

لبنان: أمن طرابلس يهتز مجددا.. ومخاوف من امتداد حريق عرسال إليها

ساد الهدوء الحذر أمس عاصمة الشمال، طرابلس، بعدما اهتز الوضع الأمني فيها ليلا بانفجار عبوة تحت جسر الخناق، أدى إلى سقوط قتيل وعشرة جرحى. وفيما لا يزال الترقب سيد الموقف، لا يخفي الطرابلسيون قلقهم من أن يكون التفجير مقدمة لأحداث أمنية متوقعة على وقع معركة عرسال، وهو ما أشار إليه القيادي في «تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا شك في أن الوضع غير مطمئن وهو لا يحتاج إلى مقدمات. واحتمال أن يكون التفجير امتدادا لأحداث عرسال البقاعية التي قد تتوسع بشكل أكبر وارد جدا، بعد أن بات السبب الرئيس في كل ما يحصل بلبنان اليوم معروفا وواضحا وهو مشاركة (حزب الله) في القتال بسوريا إلى جانب النظام».
وتبين أن تفجير الأربعاء ناتج عن عبوة ناسفة كانت موضوعة تحت سيارة من نوع «رينو 18» مركونة في شارع فرعي محاذ لجسر طلعة الخناق الذي يربط وسط طرابلس بمنطقة باب التبانة، وعلى بعد ثلاثين مترا من نقطة للجيش اللبناني. وقد عمدت الأجهزة الأمنية إلى إغلاق الطريق والكشف على موقع التفجير ورفع الأدلة، قبل أن تعيد فتحه بعد الظهر.
ولفت علوش إلى أن التحقيقات لم تظهر نتائج نهائية لغاية الآن، مرجحا أن يكون ما حصل جزءا من العنف الأعمى المرتبط بأحداث عرسال وسوريا.
وتضاربت الأنباء بشأن الجهة المستهدفة بهذا التفجير، لا سيما أنه كان على مقربة من مركز للجيش اللبناني، ووقع بعد دقائق من مرور موكب رئيس «هيئة العلماء المسلمين» في لبنان مالك جديدة، لكن مصادر أمنية استبعدت الفرضية الثانية، على اعتبار أن هذا الطريق رئيس باتجاه منطقة باب التبانة ويشهد حركة نشطة طوال ساعات النهار والليل.
ومنذ بدء معركة عرسال، لم تبق طرابلس بمنأى عما يجري في البقاع، إذ وقعت اعتداءات عدة، استهدفت في معظمها مراكز للجيش اللبناني، وتعدتها في بعض الأحيان إلى مواجهات، أدت إلى سقوط جرحى في صفوف المسلحين، وكان آخرها، قبل ثلاثة أيام إثر إصابة الشيخ سالم الرافعي، ابن المدينة، الذي كان ضمن مشايخ وفد العلماء المسلمين المتوجهين إلى عرسال في مساع للتهدئة.
وفي حين لم يخف مسؤولون لبنانيون تخوفهم من أن يمتد حريق عرسال إلى طرابلس وينفجر الوضع في أي لحظة، أكد علوش أن «القاعدة الطرابلسية ترفض الانجرار إلى أي أحداث أمنية قد تعيد تاريخ جولات العنف التي شهدتها المدينة طوال السنوات الأخيرة، وهم يقفون إلى جانب الجيش في معركته ضد المتطرفين»، عادا أنه «بين التطرف والجيش، الخيار للثاني بالتأكيد».
وأبدى القيادي في «تيار المستقبل» تخوفه من وجود مجموعة من الشباب، لا يتجاوز عددهم العشرات وما زالوا يتحركون في طرابلس، يقفون خلف الاعتداءات التي تحدث بين الحين والآخر ضد الجيش، وبعضهم معروف بالأسماء من قبل القوى الأمنية، من دون أن يعني ذلك أن يكونوا هم من قاموا بالتفجير الأخير، وفق قوله. ولفت علوش إلى أن «هؤلاء يعدون أهل السنة في لبنان مستهدفين من قبل (حزب الله) والنظام السوري، ويتحركون وفق هذه القناعات».
من جهته، وصف النائب بكتلة «المستقبل»، محمد كبارة، الانفجار بـ«العمل الإجرامي التخريبي» ووضعه في إطار المسلسل المستمر الذي يستهدف المدينة، وهو رسالة جديدة، والمؤسف فيها أنها موضوعة في منطقة شعبية مكتظة بالسكان».
وشدد، في تصريح له، على أنه «لا يوجد أي هدف من هذا الانفجار سوى البلبلة واستهداف الأمن في طرابلس». وأكد أن المدينة ستبقى متمسكة بالدولة ومؤسساتها، داعيا الأهالي إلى الصبر وعدم الانجرار إلى الفتنة.
ويرتبط الخوف من انفجار الوضع في طرابلس بتاريخ المدينة الأمني الذي اعتاد أن يتحرك على وقع أي حدث، وزادت وطأته بشكل كبير منذ اندلاع الأحداث السورية، من خلال جولات عنف بين باب التبانة (ذات الغالبية السنية) وجبل محسن (ذات الغالبية العلوية) وسقط خلالها عشرات القتلى والجرحى. وكان آخرها «الجولة عشرين» في شهر مارس (آذار) الماضي، وانتهت بتنفيذ «خطة أمنية توافقية»، نتج عنها وقف القتال بين الطرفين، وتوقيف معظم قادة المحاور في باب التبانة، وخروج رئيس «الحزب العربي الديمقراطي» علي عيد ونجله، الأمين العام للحزب رفعت عيد من طرابلس، ورجحت بعض المعلومات أنهما انتقلا إلى سوريا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.