مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون يرفضون «خطة ترمب»

وزير في حكومة نتنياهو يطالب بضم الضفة الغربية

TT

مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون يرفضون «خطة ترمب»

على الرغم من أن أحداً لم ينشر حتى الآن نصاً رسمياً لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في الشرق الأوسط، خرج مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون بتصريحات رفضوا فيها ما نُشر حولها من تسريبات في اليومين الأخيرين. فالإسرائيليون، وبينهم وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، رفضوا مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية، فيما اعتبر الفلسطينيون الدولة المقترحة هزيلة ومتحيزة لإسرائيل.
وأعلن وزير العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلي أوفير أكونيس رفضه فكرة الدولة الفلسطينية، واعتبرها «مشروعاً قديماً كالحاً أكل عليه الدهر وشرب»، مضيفاً أن هذا المشروع «يُعتبر كارثة وعملية انتحار لإسرائيل»، وقال إنه سيسعى إلى «تنفيذ القرار الذي اتخذه مؤتمر حزب ليكود، القاضي بفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات، وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مباشرة بعد انتخابات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) التي ستجري في 9 أبريل (نيسان) المقبل». وراح أكونيس، المعروف بأنه من المقربين جداً من نتنياهو، وشغل في الماضي منصب الناطق بلسانه، يتحدث كما لو أنه لا يوجد شعب فلسطيني، فقال إن «المطلوب الآن هو تسريع وتيرة البناء الاستيطاني في الضفة الغربية لضمان حق اليهود الطبيعي في أرضهم، ومنع الكارثة المتمثلة بقيام دولة فلسطينية».
وقالت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغف، المقربة من عائلة نتنياهو، إن إسرائيل ترفض قيام دولة فلسطينية بين نهر الأردن والبحر المتوسط. وتوجهت إلى الرئيس دونالد ترمب تذكره بمواقفه السابقة، حيث قالت: «أيها الرئيس ترمب، إسرائيل هي لمصلحة مواطنيها قبل أي شيء، وينبغي أن يأخذ أي اتفاق مستقبلي بالحسبان أنه بين البحر والنهر ستكون القومية اليهودية فقط، ولن تكون هنا دولة فلسطينية»، وهي بذلك تقتبس من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي قال في خطابه في القاهرة إن «الشعوب مسؤولة عن بلدانها. يجب على الشعوب أن تضع مصالحها أولاً، وكذلك الولايات المتحدة. ولذلك، عندما تكون هناك حاجة للمساعدة الأميركية، فإنها ستساهم بدورها في حل الأزمة، لكنها في النهاية ستعيد الزمام إلى القوى المحلية». وأعربت ريغف عن أملها في أن يطبق الأميركيون هذه المقولة في هذه القضية أيضاً.
وفي الجانب الفلسطيني، تواصلت ردود الفعل السلبية على ما تم تسريبه من الخطة، فقالت مساعدة وزير الخارجية والمغتربين للشؤون الأوروبية، أمل جادو، خلال استقبالها المبعوث الإسباني لـ«الشرق الأوسط» وشؤون المتوسط، السفير ألفونسو لوثيني، والوفد المرافق له، إن أي خطة سلام لا تتضمن إقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967 «سيكون مصيرها الفشل». وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون اللاجئين، الدكتور أحمد أبو هولي، إن المعركة السياسية التي تخوضها القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس «هي معركة تثبيت الحقوق الفلسطينية المشروعة» التي تستهدفها الخطة الأميركية، بحسب رأيه.
وقال الأمين العام لحزب «الشعب» الفلسطيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بسام الصالحي، إن ما يتم تسريبه حول ما يُعرف بـ«صفقة القرن» إنما يؤكد «طابعها التصفوي للقضية الفلسطينية»، مطالباً بـ«ضرورة تعزيز رفضها عبر أوسع وحدة وطنية فلسطينية، فهي ليست سوى نسخ للطروحات الإسرائيلية والأميركية السابقة، التي تم رفضها جملة وتفصيلاً في حينه، تجاه موضوع القدس أو الاستيطان، وسلخ أراضي الضفة الغربية، وغير ذلك، وهذه محاولة جديدة لإعادة إنتاج هذه الطروحات وتسويقها من قبل إدارة ترمب وإسرائيل بالكامل، بل والتمادي في محاولات تسويقها».
كانت مصادر إسرائيلية قد سربت إلى الإعلام أن الإدارة الأميركية قد أجرت تعديلات على الصفقة، وأنها تقضي بإقامة دولة فلسطينية في 90 في المائة من مساحة الضفة الغربية، وأن تشكل أجزاء في القدس الشرقية عاصمة لها، من دون البلدة القديمة ومحيطها، التي ستبقى محتلة، ومن دون ذكر لقطاع غزة واللاجئين الفلسطينيين. ووصف المبعوث الأميركي الخاص للمنطقة، جيسون غرينبلات، هذا التسريب بأنه «ليس دقيقاً».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».