إردوغان يبحث مع بوتين الأربعاء «المنطقة العازلة»

TT

إردوغان يبحث مع بوتين الأربعاء «المنطقة العازلة»

يعتزم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بحث سبل إعلان منطقة آمنة شمال شرقي سوريا، على غرار المنطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب، خلال مباحثات يجريها مع الرئيس فلاديمير بوتين في 23 يناير (كانون الثاني) الحالي بموسكو.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أكصوي في مؤتمر صحافي أمس: «قمنا في السابق بطرح وتبرير الحاجة لتشكيل منطقة آمنة في سوريا لضمان سلامة اللاجئين، لكن لم يتم قبول اقتراحنا لفترة طويلة. سنواصل المفاوضات مع الزملاء الروس وبحث هذه القضية، التي سيبحثها الرئيسان الروسي والتركي في موسكو في 23 يناير الحالي».
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن، الأربعاء الماضي، رفض بلاده مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإقامة منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً (32 كيلومتراً) شمال سوريا على حدود تركيا قالت أنقرة إنها ستنشئها إذا توفر التمويل اللازم، وستكون تحت إشرافها، مشدداً على أن الجيش السوري هو مَن يجب أن يسيطر على شمال البلاد.
وقال لافروف: «نحن على قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية وقوات الأمن السورية والهياكل الإدارية».
في السياق ذاته، أكد أكصوي أن أنقرة لن تسمح للاستفزازات بزعزعة التفاهم القائم مع روسيا بشأن المنطقة منزوعة السلاح في إدلب، التي أُنشئت بموجب اتفاق وُقّع بين إردوغان وبوتين في مدينة سوتشي الروسية في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأكد المتحدث التركي أن بلاده تعمل من أجل إدامة وقف إطلاق النار عبر «تفاهم سوتشي»، لافتاً إلى أن النظام السوري قام ببعض الاستفزازات خلال الفترة الأخيرة. وقال: «لن نسمح للاستفزازات بزعزعة تفاهم إدلب». وأضاف أن «اتفاق إدلب» جنّب المنطقة كارثة إنسانية كبيرة، ونال تقدير المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن نظام الأسد يسعى وراء نصر عسكري «لكن الحل السياسي هو الممكن في سوريا».
وذكر أكصوي أنه تم التوصل إلى مراحل معينة في تشكيل لجنة صياغة دستور لسوريا.
من ناحية أخرى، شدد أكصوي على أن تركيا حازمة في مسألة تطبيق اتفاقية خريطة الطريق في منبج مع الولايات المتحدة، والانتقال إلى شرق الفرات، معتبراً أن «الحزم التركي دفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى اتخاذ قرار الانسحاب من سوريا».
وقال إن «تطهير منبج من عناصر الوحدات الكردية مسألة أمن قومي بالنسبة إلينا، وقد وقع هجوم إرهابي في منبج، وهذا أظهر أهمية تطبيق اتفاق خريطة طريق منبج بشكل كامل، وتطهير المنطقة من التنظيمات الإرهابية».
وتابع أن هناك مقاومة من قبل موظفين أمنيين بارزين في الولايات المتحدة حيال قرار ترمب بالانسحاب، مؤكداً أهمية الحوار والتنسيق في تنفيذ القرار.
وقال أكصوي إنه «ينبغي ألا يخدم الانسحاب الأميركي من سوريا الأجندة الانفصالية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية)، ويجب ألا يحدث فرض أمر واقع على الأرض، ولقد أبلغنا هذا لنظرائنا بشكل حازم».
وذكر أن وفداً تركياً يترأسه نائب وزير الخارجية سادات أونال سيتوجه إلى واشنطن في 5 فبراير (شباط) المقبل لإجراء محادثات مع الجانب الأميركي، كما سيشارك وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، في اجتماع وزراء خارجية دول التحالف الدولي للحرب على «داعش».
في سياق متصل، قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، إن بلاده لن تتوقف لحين تجفيف ما سماه «مستنقع الإرهاب» قرب حدودها شمال سوريا.
وقال ألتون، أمس، إن الإرهابيين أزهقوا أرواح أكثر من ألفي إنسان بريء في تركيا منذ عام 2015، وغالبية الهجمات الإرهابية التي شهدتها تركيا خطط لها في شمال سوريا، مضيفاً: «لن نتوقف لحين تحقيق العدالة، ولحين تجفيف مستنقع الإرهاب بجانب حدودنا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.