الآلية المالية الأوروبية ـ الإيرانية «تقترب من مرحلة التنفيذ»

مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، فدريكا موغريني
مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، فدريكا موغريني
TT

الآلية المالية الأوروبية ـ الإيرانية «تقترب من مرحلة التنفيذ»

مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، فدريكا موغريني
مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، فدريكا موغريني

نقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن متحدث باسم الاتحاد الأوروبي، أمس، أن الآلية المالية الأوروبية المقترحة على طهران للالتفاف على العقوبات الأميركية «تقترب من مراحلها النهائية» وأصبحت «على وشك التفعيل».
وطالب المتحدث الأوروبي الذي رفض الكشف عن اسمه إيران إلى «القيام بدور فعال وتنفيذ كامل التزاماتها النووية»، مشددا على التزام الاتحاد الأوروبي بتنفيذ الاتفاق في سياق احترام الاتفاقيات الدولية والأمن الدولي المشترك.
وصرح المسؤول الأوروبي بأن الاتحاد «قد اتخذ حلولاً قوية للإبقاء على الاتفاق النووي» واستطرد: «لقد قمنا بتحديث قوانين إغلاق وتسهيلات مالية لبنك الاستثمار الأوروبي».
ويتزامن التحرك الأوروبي مع تحرك أميركي لإقامة قمة الشرق الأوسط في وارسو منتصف الشهر المقبل ومن المفترض أن تمارس ضغوطا متزايدة على إيران لاحتواء تدخلاتها الإقليمية.
وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، فدريكا موغريني «من غير المرجح أن تشارك في قمة وارسو بسبب ازدحام جدول الأعمال».
ردا على هذا الجزء، قال متحدث باسم مكتب موغريني لـ«الشرق الأوسط» عبر الإيميل إن «موغريني لن تحضر القمة بسبب ارتباطها بموعد سفر».
ولفت المتحدث الأوروبي لوكالة «إرنا» إلى أنه «لا يوجد بديل سلمي آخر للاتفاق النووي» معربا عن «تعهد الدول الأوروبية في الاتفاق النووي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) بحفظ العلاقات المالية المؤثرة مع إيران خاصة وإنشاء قناة مالية (SPV)» بحسب ما أوردت «إرنا».
وقال المسؤول الأوروبي إن الآلية المالية الأوروبية التي من شأنها الالتفاف على العقوبات الأميركية «باتت في مراحلها الأخيرة لتصبح سارية».
أتى ذلك، بعد يومين من إطلاق طهران صاروخ «بيام» (رسالة) إلى مدار الأرض لكن المحاولة باءت في الفشل. ويشتبه بأن طهران استخدمت تكنولوجيا في تطوير الصواريخ العابرة للقارات وتخشى الدول الغربية من أن تؤدي إلى صنع صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.
ونددت واشنطن وباريس بالخطوة الإيرانية وحذرت إيران من انتهاك القرار الأممي 2231. ولم يصدر أي موقف من الاتحاد الأوروبي حول التجربة الصاروخية الإيرانية. والتزم شركاء فرنسا في الاتفاق النووي (ألمانيا وبريطانيا) الصمت تجاه الخطوة الإيرانية على الرغم من احتجاجها على تجربة إطلاق صاروخ مماثل في يوليو (تموز) 2017.
ولم ينجح الاتحاد الأوروبي في تفعيل الآلية المالية في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي على الرغم من تأكيد مسؤولة السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي دخولها حيز التنفيذ قبل بدء العام الجديد وهو ما أدى إلى مواقف غاضبة من المسؤولين الإيرانيين. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) إن «قناة الدفع بغير الدولار لمواصلة التجارة مع طهران تحقق تقدماً».
وأعلنت لوكسمبورغ والنسما وبلجيكا في نوفمبر (تشرين الثاني) أنها رفضت مقترحات لاستضافة القناة المالية الأوروبية خشية التعرض للعقوبات الأميركية. ويواجه التكتل الأوروبي ولا سيما الدول الثلاث (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) صعوبات في العثور على البلد الذي يستضيف القناة المالية.
ورجّح دبلوماسيون أوروبيون الشهر الماضي أن تستضيف باريس القناة المالية الأوروبية، ورجحت مصادر حينها أن تتقاسم فرنسا وألمانيا أعباء استضافة القناة التي تواجه تحذيرات من الإدارة الأميركية. وانسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من اتفاق نووي مع إيران في مايو (أيار) 2018 وأعاد فرض العقوبات على قطاع الطاقة والقطاع المصرفي على أمل كبح برنامج طهران النووي. وكانت مصادر سويسرية كشفت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية عن مفاوضات بين الحكومتين الأميركية والإيرانية لفتح «قناة مالية» تسمح ببيع الطعام والدواء لإيران.
ويريد الاتحاد الأوروبي أن تساعد الآلية التي تعرف باسم الآلية المحددة في الحفاظ على المنافع الاقتصادية العائدة على إيران من القيود التي تفرضها طهران على برنامجها النووي بموجب الاتفاق المبرم في 2015 مع القوى العالمية. وتوصف بأنها ذات غرض خاص بهدف تجنب النظام المالي الأميركي من خلال استخدام إطار وسيط بالاتحاد الأوروبي لتسيير التجارة مع إيران.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.