أنقرة تعتبر «المنطقة الآمنة» مهمة للاستقرار وعودة اللاجئين

أدانت هجوم منبج... وواشنطن رفعت مستوى تحذير السفر إلى تركيا

TT

أنقرة تعتبر «المنطقة الآمنة» مهمة للاستقرار وعودة اللاجئين

أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أهمية المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في شمال سوريا من أجل استقرار المنطقة وعودة السوريين وفي مقدمتهم «الأشقاء الأكراد» فضلاً عن مكافحة الإرهاب. وقال جاويش أوغلو إن فكرة المنطقة الآمنة، التي تحدث عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، هي في الأساس مطروحة من قبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان منذ بداية الأزمة السورية.
وأشار الوزير التركي، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المقدوني نيكولا ديميتروف عقب مباحثاتهما في أنقرة أمس، إلى أن المباحثات ستحدد ما إذا كان هناك تطابق أو اختلاف في تفكير تركيا والولايات المتحدة بشأن طبيعة المنطقة الآمنة، وأن أول مباحثات في هذا الصدد جرت أول من أمس خلال اجتماع رئيسي هيئة الأركان في البلدين بالعاصمة البلجيكية بروكسل.
وأضاف جاويش أوغلو: «سنواصل مباحثاتنا مع الجانب الأميركي، بين عسكريينا ومؤسساتنا الأخرى، وبالطبع على مستوى وزيري الخارجية أيضاً».
وأشار جاويش أوغلو إلى الهجوم الإرهابي الذي وقع أول من أمس في مدينة منبج السورية، قائلا إن الخارجية التركية أدانته بشدة، قائلا: «نعارض جميع أشكال الإرهاب لأننا عانينا منه كثيراً، وعازمون على مكافحة المنظمات الإرهابية».
وذكر جاويش أوغلو أن الولايات المتحدة ستزود بلاده بالمعلومات اللازمة في هذه المسألة بعد جمعها... وستتضح الجهة التي تقف خلف الهجوم، متعهدا بأن تقدم أنقرة المساعدة قدر المستطاع في حال تلقيها طلباً في هذا الإطار، مضيفا أن «الإرهاب موجود في سوريا منذ البداية، وأنه ينبغي ألا تؤثر المنظمات الإرهابية على تصميمنا والقرارات التي نتخذها».
وأكدت وزارة الخارجية التركية، في بيان أمس، التزام أنقرة بخارطة الطريق المتفَق عليها مع الأميركيين في منبج عقب الهجوم الذي تعرضت له دورية أميركية في المدينة، أدى لمقتل وإصابة جنود أميركيين وعدد من المدنيين وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عنه بحسب وكالة «أعماق» التابعة له.
وقال البيان: «نؤكد من جديد على التزامنا بخريطة الطريق التي صادقنا عليها مع الولايات المتحدة بشأن منبج، وضرورة تنفيذها على جميع العناصر، وتطهير منبج من المنظمات الإرهابية وضمان الاستقرار والأمن في هذه المنطقة».
وأكدت الخارجية التركية مواصلة أنشطتها المشتركة مع الولايات المتحدة، معرِبة عن أملها في إتمام عملية تنفيذ خارطة طريق «منبج» في أقرب وقت ممكن.
إلى ذلك، رفعت الولايات المتحدة مستوى التحذير من السفر إلى تركيا، إلى المستوى الثالث، بعد تفجير منبج، وجددت الخارجية الأميركية تحذيرها لمواطنيها من السفر إلى تركيا، مطالبة إياهم بإعادة النظر في خططهم للسفر إلى تركيا بسبب الإرهاب، والاعتقالات التعسفية، حسب صحيفة «زمان» التركية، اليوم الخميس.
وأعلنت الخارجية الأميركية، رفع مستوى التحذير من السفر إلى تركيا إلى المستوى الثالث، والرابع عند السفر إلى المناطق الحدودية مع سوريا والعراق، وهو أعلى مستويات التحذير. وقال بيان الخارجية الأميركية إن الجماعات الإرهابية تواصل مخططاتها لشن هجمات في تركيا، وإن الهجمات قد تقع دون سابق إنذار، مشيراً إلى استهداف الهجمات للمناطق السياحية، ومراكز النقل، ومراكز التسوق، والأبنية الحكومية، والفنادق، والنوادي الليلية، والمطاعم، ودور العبادة، ومراكز الفعاليات الثقافية، والرياضية، والمؤسسات التعليمية، والمطارات، والأماكن العامة الأخرى. وتطرق البيان إلى اعتقال عشرات الآلاف في تركيا، وأميركيين، استناداً إلى مزاعم بالتورط في الإرهاب.
في السياق ذاته، أعلن مجلس منبج العسكري، القبض على خلية مؤلفة من 7 أشخاص، تابعة لفصائل قوات «درع الفرات» المدعومة من تركيا.
وذكر المجلس، في بيان أمس، أنه «خلال عملية نوعية نفذتها وحداتنا لمكافحة الإرهاب التابعة لمجلس منبج العسكري، تم القبض على خلية مؤلفة من 7 أشخاص، تابعة لفصائل درع الفرات المدعومة من تركيا، والمتواطئة مع الاستخبارات التركية».
وأضاف أن التحقيقات أظهرت «أنهم كانوا يخططون لأعمال عديدة من تفجيرات وما شابه من أعمال إرهابية، بتوجيه مباشر من فصائل درع الفرات والاستخبارات التركية».
وتابع البيان أنه تم «الكشف عن عدد من الأسلحة الفردية وذخيرة متنوعة، قاموا بإخفائها داخل البيوت وملحقاتها، وتم العثور عليها جميعا».
من جانبه، رأى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن التفجير الذي شهدته مدينة منبج، يستهدف دفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى التراجع عن تنفيذ قراره بالانسحاب من سوريا.
وكان إردوغان، قال في وقت سابق، إن أنقرة مستعدة لتنفيذ عملية في شرق الفرات، وكذلك في منبج السورية ضد وحدات حماية الشعب الكردية، إذا لم تسحبها الولايات المتحدة من المنطقة.
ورأى الأستاذ في جامعة التنباش بمدينة إسطنبول، إراي غوتشلوار، أن تركيا جادة فيما يتعلق بعمليّتها شرق نهر الفرات، قائلا إنها ستتمّ لا محالة، وإن التحرك التركي بهذا الخصوص ليس دعاية سياسية، وأن هدفه عسكري بحت.
وقال الأكاديمي التركي، في تعليق حول مباحثات الجانبين التركي والأميركي المتعلقة بتفاصيل إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا بعد الانسحاب الأميركي المرتقب، إن تركيا سبق أن طلبت إنشاء المنطقة منذ سبع سنوات لكن الولايات المتحدة وقوى أوروبية رفضت المقترح. غير أنّ العمليات التي نفّذتها تركيا في جرابلس والباب وعفرين، شكّلت مناطق آمنة بحكم الأمر الواقع، وكانت نتائج هذا الأمر إيجابية.
إلى ذلك، دان رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض عبد الرحمن مصطفى، التفجير «الإرهابي» في منبج، وأكد على «ضرورة حفظ أمن المنطقة من خلال ملء الجيش السوري الحر والجيش التركي الفراغ بعد انسحاب القوات الأميركية».
وقال رئيس الائتلاف الوطني على موقع «تويتر» إن «التفجير الإرهابي في مدينة منبج محل إدانة واستنكار»، وأشار إلى «ضرورة التنسيق والتعاون مع الجانب التركي والجيش السوري الحر في مواجهة الإرهاب».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».