الراعي يعرض في اللقاء الماروني الهواجس من تعديل اتفاق الطائف

طرح مخاوف من المثالثة و«المؤتمر الوطني» واللعب بالدستور

TT

الراعي يعرض في اللقاء الماروني الهواجس من تعديل اتفاق الطائف

لم يكن يتوقع البطريرك الماروني بشارة الراعي، أن يشهد الاجتماع الموسّع للنواب وقادة الأحزاب المارونية الذي رعاه في بكركي، سجالاً بين زعيمي «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، و«المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية، وإن كان بقي تحت السيطرة فإنه حال دون صدور بيان سياسي عن المجتمعين يتناغم مع التحذيرات التي أطلقها الراعي لدى افتتاحه الاجتماع الذي هو الأول من نوعه، وأبرزها أن لدى الموارنة هواجس مشروعة حيال ارتفاع منسوب الحديث عن وجود توجّه إلى تعديل اتفاق «الطائف» وابتداع معايير جديدة في تشكيل الحكومة مخالفةٍ للدستور وتزايد الحديث عن لجوء أطرافٍ، تجنَّب تسميتها، تطالب بتطبيق المثالثة كبديل عن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأيضاً بالدعوة إلى قيام هيئة تأسيسية تضع أسساً لنظام جديد في لبنان.
فالصرخة التي أطلقها البطريرك الراعي لتدارك الخطر الآتي على الصيغة اللبنانية التي أنتجها «الطائف» شبيهة إلى حدٍّ كبير بنداء «الإنقاذ» الذي صدر عن اجتماع المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك نصر الله صفير في 20 سبتمبر (أيلول) عام 2000، مع فارق أن الأخير حرص على تسمية النظام السوري واتهامه مباشرةً بأنه يقف وراء الإخلال بالتوازن الداخلي للحياة السياسية في لبنان. فيما عرض الأول بالتفصيل لواقع الأزمة السياسية من دون أن يسمّي مَن يقف وراء الانقلاب على «الطائف» الذي أكد الراعي ضرورة الحفاظ عليه.
ففي نداء الإنقاذ الذي صدر عن مجلس المطارنة الموارنة آنذاك اتهام واضح للنظام السوري برئاسة الرئيس بشار الأسد، بأنه كان وراء وضع قانون انتخاب لا يراعي صحة التمثيل الشعبي والضغط على المخاتير ورؤساء البلديات للاقتراع لمصلحة معظم اللوائح الانتخابية المدعومة منه.
وفي هذا السياق، لم يتجاهل النداء الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل على مطالبتهما بالثلث الضامن أو ما يسمى الثلث «المعطّل» لولادة الحكومة العتيدة، وأن مجرد تنازلهما عن وزير واحد من حصتهما سيدفع في اتجاه تبديد العقبات التي تمنع الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري من أن ترى النور.
وبمعنى آخر فإن فرنجية أراد أن يأخذ النقاش إلى مكان خارج سياق البحث الذي حدد البطريرك الراعي إطاره العام ليقول إن المشكلة ليست في إيران ولا في سوريا وأيضاً ليست عند «حزب الله» وإنما في إصرار البعض على أن يكون «الثلث الضامن» من حصته.
فزعيم «المردة» أراد أن يوحي لمن يهمهم الأمر بعدم وجود أبعاد خارجية تضغط لتأخير ولادة الحكومة وإن كان «الثلث الضامن» يبقى مشكلة كانت وراء سيطرة «جليد سياسي» على المشاورات لتأليف الوزارة التي تقضي حالياً إجازة «قسرية» ليست مبررة رغم أن موجة الصقيع التي ضربت لبنان في الأيام الأخيرة أخذت في التراجع. لكن فرنجية لم يكن يدرك أن قوله في الاجتماع الماروني بأن «حزب الله» لا يؤيد حصول «التيار الوطني» على الثلث الضامن، أزعج الأخير لأنه كشف، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، عن مضمون بعض ما دار من مداولات تتعلق بالشأن الداخلي في اجتماع باسيل مع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وفيها أن الأخير ليس في وارد التسليم لحليفه «التيار الوطني» في الحصول على الثلث الضامن. واضطر فرنجية من خلال تغريدة له، أمس، إلى تصويب تسرّعه في الكشف عن بعض الأوراق المستورة لدى حليفه «حزب الله»، وهذا ما تبين من خلال قوله إن على تيار «المستقبل» أن يعطي وزيراً من حصته للنواب السنة الأعضاء في «اللقاء التشاوري».
إلا أن «المستقبل» فوجئ بما صدر من تصويب على لسان فرنجية لأنه ليس في وارد التنازل عن حصته في الحكومة لأي طرف، وكيف إذا كان المقصود به «اللقاء التشاوري»؟
وعليه، فإن الراعي لم يكن يرغب في السجال الذي دار بين باسيل وفرنجية وإن كان النقاش داخل الاجتماع -كما تقول مصادر في حزب «القوات اللبنانية»- أدى إلى تقديم صورة «حضارية» لحوار بين مختلفين تحت سقف بكركي ونجحوا في إصدار بيان ختامي يشكّل وثيقة إضافية من وثائق بكركي بدفاعها عن سيادة الدولة والعيش المشترك وتمسكها بالدستور وباتفاق «الطائف» ورفضها تكريس أعراف جديدة في تشكيل الحكومات وحرصها على توازن السلطات.
وهكذا وبمنأى عما ورد في البيان الختامي للمجتمعين، فإن التباين كان واضحاً بين «التيار الوطني» بقوله إن الثلث الضامن يقوّي رئيس الجمهورية والآخرين الذين أجمعوا على تأكيد أنهم لن يتوانوا عن الوقوف إلى جانب الرئيس في وجه أي خطر من شأنه أن يهدد الصيغة الميثاقية والعيش المشترك، وبالتالي لا حاجة إلى هذا الثلث ما دامت الحكومة تشكل مناصفة بين المسيحيين والمسلمين. لكن التباين يتجاوز الخلاف حول الثلث الضامن إلى وجود مقاربات متعددة لمعركة رئاسة الجمهورية التي يبدو أنها فُتحت قبل أوانها وستبقى قائمة مهما قيل من كلام بأنه من المبكر فتحها منذ الآن.
ويبقى السؤال: هل سيصار فور انتهاء لبنان من استضافة القمة الاقتصادية التي تبدأ أعمالها غداً إلى إعادة تشغيل محركات المشاورات لتشكيل الحكومة، أم أن «الصقيع السياسي» سيبقى قائماً لابتداع بديل يقضي بتفعيل حكومة تصريف الأعمال باعتبار أن هذه الخطوة ستكون أقل مرارة من إقحام لبنان في فوضى سياسية يخشى معظم الأطراف من أن تُفرض عليهم في وقت يحتاج فيه البلد إلى إحداث صدمة سياسية لوقف الانهيار الاقتصادي الذي يشكو الجميع من خطورته لكن من دون جدوى ما دام الاصطفاف السياسي لا يزال على حاله بدلاً من أن يتلاقى أهل الحل والربط في منتصف الطريق الذي يتطلب منهم تبادل تقديم «التنازلات» لفرض تسريع ولادة الحكومة؟
لهذا توافق الراعي في إنذاره الذي أطلقه لإنقاذ لبنان مع النداء الذي كان قد وجّهه مجلس المطارنة الموارنة برئاسة صفير وإن كان الأخير رأى أن المشكلة ناجمة عن التدخُّل السوري في لبنان، ما أدى إلى اختلال في الداخل سببه النظام في سوريا، بينما رأى الراعي أن العلة في اختلال الوضع الداخلي.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.