الجامعة العربية تبلغ أعضاءها قرار إعلان الإخوان «تنظيما إرهابيا».. وهيغل يبدي قلقه للسيسي

السفير عبد العاطي: اتفاقية مكافحة الإرهاب ترتب التزامات على الدول المصدقة

الجامعة العربية تبلغ أعضاءها قرار إعلان الإخوان «تنظيما إرهابيا».. وهيغل يبدي قلقه للسيسي
TT

الجامعة العربية تبلغ أعضاءها قرار إعلان الإخوان «تنظيما إرهابيا».. وهيغل يبدي قلقه للسيسي

الجامعة العربية تبلغ أعضاءها قرار إعلان الإخوان «تنظيما إرهابيا».. وهيغل يبدي قلقه للسيسي

في أجواء سياسية مشحونة، سارعت جامعة الدول العربية أمس بإعلان تعميمها مذكرة مصرية بشأن تفعيل قرار حكومي بإدراج جماعة الإخوان المسلمين كـ«تنظيم إرهابي»، على الدول الأعضاء، عقب يوم واحد من نفي الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي وجود طلب مصري رسمي بذلك، فيما أبدى وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل «قلقه» إزاء التطورات التي تشهدها القاهرة خلال اتصال بالفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري ليلة أول من أمس.
وبينما قال السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية لـ«الشرق الأوسط» إن اتفاقية مكافحة الإرهاب ترتب التزامات على الدول المصدقة عليها، أوقفت السلطات الأمنية المصرية ثلاثة صحافيين يعملون لحساب فضائية الجزيرة القطرية الليلة قبل الماضية.
ومنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين تدهورت العلاقات بين القاهرة والدوحة، التي تستضيف عددا من قادة جماعة الإخوان وقيادات من قوى إسلامية مصرية أخرى.
وقالت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في بيان لها أمس إنها «تلقت مذكرة من المندوبية الدائمة لجمهورية مصر العربية في 26 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بشأن قرار مجلس الوزراء باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيما إرهابيا، وكذلك اعتزام السلطات المصرية المختصة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار، استنادا إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب»، لافتة إلى أنها عممتها على الدول الأعضاء.
وبرر مصدر مسؤول في الجامعة، طلب الاحتفاظ بسرية اسمه، نفي الأمين العام وجود طلب مصري رسمي بـ«اطلاعه على المذكرة المصرية في وقت متأخر من يوم أول من أمس، عقب التصريح الذي أدلى به خلال مؤتمر صحافي لاستعراض حصاد العام المنتهي».
ومن جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يعلم الأسباب التي دعت الدكتور العربي لنفي وجود طلب مصري، مشيرا إلى أن المندوبية الدائمة لمصر أعدت مذكرة رسمية بشأن قرار الحكومة وأبلغته للأمانة العامة»، لافتا إلى أن «القرار الحكومي واضح في هذا الصدد».
ونص القرار المصري على «إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيما إرهابيا في مفهوم نص المادة 86 من قانون العقوبات، بكل ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها توقيع العقوبات المقررة قانونا لجريمة الإرهاب على كل من يشترك في نشاط الجماعة أو التنظيم، أو يروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى، وكل من يمول أنشطتها». كما نص القرار المصري على إخطار الدول العربية المنضمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1998 بهذا القرار.
وأضاف عبد العاطي أن اتفاقية مكافحة الإرهاب ترتب التزامات على الدول المصدقة، منها منع تمويل التنظيمات الإرهابية وتسليم المطلوبين والتوقف عن دعم تلك الجماعات، لافتا إلى أن بلاده تقوم حاليا بتقييم الموقف ودراسته من كل الجوانب ومتابعته.
ومن بين 22 دولة عربية، وقعت 17 دولة على الاتفاقية، منها 13 دولة قامت بالتصديق عليها؛ بما يعني التزامها ببنودها. لكن خبراء قانونيين قالوا لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه يمكن للدول المصدقة الامتناع عن تسليم المطلوبين بموجب المادة السادسة من الاتفاقية.
وتنص المادة السادسة في بندها الأول على أنه لا يسلم في عدة حالات، منها «إذا كانت الجريمة المطلوب من أجلها التسليم معتبرة - بمقتضى القواعد القانونية النافذة لدى الدولة المتعاقدة المطلوب إليها التسليم - جريمة لها صبغة سياسية».
ويرى مراقبون في مصر أن القرار بشأن إعلان جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا شابه «قصر والتباس». وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار المصري معيب ويبدو سياسيا أكثر منه قانونيا.. وإخطار الدول العربية بقرار الحكومة ملتبس، فهل يعني أن مصر ستطلب من الدول العربية تسليم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بحكم انتمائهم لجماعة لا وجود قانوني لها في مصر، أم أنها ستطالب بتسليم من يصدر بحقه حكم قضائي؟ الأمر يثير إشكاليات قانونية كثيرة».
ويعتقد مراقبون أن الطلب المصري يستهدف إحراج الدوحة التي تعارض عزل مرسي، لكنهم رجحوا ألا يسفر القرار عن إجراءات ملموسة في ظل غياب الترحيب الدولي الذي قوبل به إعلان الإخوان جماعة إرهابية.
وفيما بدا أنه تصعيد مصري قالت قناة الجزيرة إن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على ثلاثة صحافيين يعملون لحسابها بعد أن اتهمت وزارة الداخلية القناة التلفزيونية القطرية بالبث غير القانوني من جناح بأحد الفنادق بالاشتراك مع عضو بجماعة الإخوان المسلمين. وأغلقت مكاتب الجزيرة في القاهرة منذ الثالث من يوليو (تموز) الماضي، وبينما انتقل بعض العاملين إلى الدوحة، فيما تقدم آخرون باستقالات جماعة لاعتراضهم على السياسة التحرير للقناة، قائلين إنها «افتقرت إلى المهنية».
وقالت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها أمس إنه «وردت معلومات لجهاز الأمن الوطني بقيام أحد عناصر التنظيم (الإخواني) باستخدام جناحين بأحد فنادق القاهرة وعقد لقاءات تنظيمية مع عدد من عناصر التنظيم بها، واتخاذ الجناحين كمركز إعلامي والبث المباشر للأخبار التي تضر الأمن الداخلي، وبث الشائعات والأخبار المغلوطة لقناة الجزيرة القطرية من دون الحصول على موافقات الجهات المعنية».
وأضافت أن عضوا بجماعة الإخوان وصحافيا أستراليا يعمل لحساب الجزيرة اعتقلا، وجرت مصادرة معدات منها أجهزة للبث المباشر. لكن الجزيرة قالت إن ثلاثة من صحافييها يعملون في قناة الجزيرة الإنجليزية اعتقلوا؛ هم مراسل ومخرج ومصور.
وفي غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن وزير الدفاع تشاك هيغل أبدى «قلقه» إزاء التطورات الأخيرة في مصر خلال اتصال بالفريق أول السيسي، ليلة أول من أمس (الأحد).
وقال المتحدث باسم البنتاغون، الأميرال جون كيربي، إن هيغل قدم تعازيه في ضحايا سلسلة من الهجمات بالقنابل التي وقعت في مصر في الآونة الأخيرة، وعرض مساعدة الولايات المتحدة في التحقيق في هذه الحوادث.
وشهدت مصر عدة تفجيرات استهدفت مواقع للجيش وأخرى للشرطة خلال الأسبوعين الماضيين، سقط خلالها نحو 17 قتيلا معظمهم من الشرطة وعشرات المصابين.
وقال كيربي في البيان إن هيغل «شدد (خلال الاتصال الهاتفي) على دور العملية السياسية الشاملة»، لافتا إلى أن الوزيرين ناقشا «التوازن بين الأمن والحرية»، مشيرا إلى أن «الوزير هيغل أبدى أيضا قلقه بشأن المناخ السياسي قبل الاستفتاء على الدستور، بما في ذلك استمرار فرض تطبيق قانون مقيد للمظاهرات».
ومن المقرر أن تجري مصر استفتاء على دستور معدل منتصف الشهر المقبل، في ظل جدل حول قانون ينظم الحق في التظاهر أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور الشهر الماضي، ووصفته قوى سياسية ومنظمات حقوقية ودولية بـ«المقيد للحريات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم