«المرصد السوري» يشكو من تهديدات بالقتل أطلقها مقربون من «داعش»

قال إن الدولة والنظام يختلفان على كل شيء ويتفقان عليه

«المرصد السوري» يشكو من تهديدات بالقتل أطلقها مقربون من «داعش»
TT

«المرصد السوري» يشكو من تهديدات بالقتل أطلقها مقربون من «داعش»

«المرصد السوري» يشكو من تهديدات بالقتل أطلقها مقربون من «داعش»

لا يعرف كثيرون، أسامة سليمان، الناشط السوري المقيم في المملكة المتحدة، ويمتلك متجرا صغيرا في كوفنتري. لكنهم بالتأكيد يعرفون رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي تحول إلى مصدر مهم لوسائل الإعلام المهتمة بتغطية الشأن السوري، والذي أعلن أمس عن تعرضه لتهديدات من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروفة باسم داعش.
وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن التهديدات ضد المركز كانت موجودة منذ زمن، لكنها ازدادت في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن الجديد فيها هو إصرارهم على معرفة أسماء الناشطين في سوريا بغية استهدافهم. وأشار إلى أن «هذه المجموعات تحاول تحديد أمكنة وجود مصادرنا في المناطق الخاضعة لسيطرتها» لا سيما في شمال سوريا وشرقها وفي ريف دمشق. وأضاف: إن «مصادرنا مهددة»، مشيرا إلى أن هذه التهديدات «هي الأخطر» التي تلقتها هذه المنظمة غير الحكومية. ويشير عبد الرحمن إلى أن مصدر هذه التهديدات جماعة مقربة من «الدولة الإسلامية في العراق والشام» التنظيم الذي يحاول الاستيلاء على كل شيء، معتبرا أن هذا التنظيم والنظام (السوري) يختلفان على كل شيء، لكنهما يتفقان على المرصد والشعب السوري.
وأسس عبد الرحمن المرصد السوري في عام 2006. ويقول إن هذه المنظمة «لديها 230 ناشطا من معلمين ومحامين وصحافيين وأطباء وكذلك تتلقى الأخبار من أكثر من خمسة آلاف شخص في كل أنحاء البلاد»، موضحا أن بينهم مسؤولين من نظام الرئيس السوري بشار الأسد وجنودا ومسلحين من المعارضة وجهاديين. ويقول المرصد إنه يعتمد للحصول على معلوماته على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية المدنية والعسكرية في مختلف المناطق السورية.
ويؤكد عبد الرحمن أن الناشطين الذين يعملون في سوريا موثوقون من قبل المرصد الذي يتحقق بوسائله الخاصة من كل المعلومات التي ترده ويدقق فيها، مشددا على أن هؤلاء لا يتعاملون مع المرصد لأجل مكاسب مادية، رغم أنه اعترف بتزويدهم بما يكفيهم للاستمرار في عملهم «وليس لجمع الثروات».
ويشدد عبد الرحمن على أن المرصد لن يتراجع عما يقوم به «لأن دورنا حيوي بالنسبة للشعب السوري». ويشير إلى أن الشرطة البريطانية أبلغت بهذه التهديدات، وبما سبقها، وأن الاحتياطات الأمنية اتخذت من أجل مواجهة أي طارئ.
وقال المرصد في بيان نشره أمس على موقعه الإلكتروني: «وصلنا في الآونة الأخيرة كم هائل من رسائل التهديد بالقتل (...) سواء إلى صفحة المرصد السوري لحقوق الإنسان على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي أو على حسابات كثير من أعضائه والنشطاء المتعاونين معه». وقال عبد الرحمن إن هذه التهديدات بلغت ذروتها بعد نشره خبرا الجمعة عن مقتل عشرات المقاتلين الإسلاميين في كمين للقوات النظامية في منطقة استراتيجية شمال دمشق. وأضاف البيان: «إننا في المرصد السوري نطالب هنا جميع الجهات التي هاجمتنا، وارتكزت على الحادثة التي جرت في منطقة القلمون بريف دمشق في 27 من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، متذرعة بأننا زورنا حقائق، ونسبنا صفة المقاتلين إلى شهداء مدنيين نازحين (...) بأن تقوم بنشر أسماء الشهداء المدنيين من أطفال ونساء، الذين قالوا إنهم قضوا في تلك المنطقة».
تابع: «أليس من الغريب أنه إلى الآن، وبعد انقضاء أيام عدة على الحادثة، لم ينشر أي مقطع مصور، أو صور أو أسماء ولو لطفل واحد أو امرأة واحدة، ممن قيل إنهم استشهدوا في ذلك الكمين، وقيل إن عددهم بالعشرات». وأشار المرصد في بيانه إلى أن التهديدات «تزامنت مع حملة تشويه ممنهج ضد المرصد ونشطائه يشنها بعض من ينسب نفسه للمعارضة (...) واعتمد على المزايدة وخلق الأكاذيب».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.