فضائح الفساد التركية.. بداية النهاية لمستقبل إردوغان السياسي

عملية السلام مع الأكراد كانت انطلاقة التباعد بين رئيس الحكومة وغولن

رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان
رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان
TT

فضائح الفساد التركية.. بداية النهاية لمستقبل إردوغان السياسي

رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان
رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان

قد لا يعرف السياح والمتسوقون الذين كانوا يتجولون في شارع الاستقلال يوم السبت الماضي أي شيء عن الأحداث التي وقعت هناك. لن يجد هؤلاء سوى القليل من الدلائل المتبقية, مثل فقدان إحدى اللوحات الإعلانية الضخمة فوق أحد المباني هنا أو وجود كسارة من حجارة الرصف هناك. فقد جرى تغطية الجرافيتي المرسوم هنا من خلال وضع صور فوقه، بالإضافة إلى إزالة المتاريس من المكان.
ولكن حتى لو اختفت العلامات المادية التي تدل على المواجهات العنيفة التي اندلعت ليلة الجمعة بين المتظاهرين المعارضين للحكومة وقوات الشرطة في قلب إسطنبول، فإن الفضيحة التي طالت الحكومة وتحيط بأفرادها وحقيقة مواجهة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان لأخطر التحديات السياسية لم تنتهيا حتى الآن. وعلى الرغم من ذلك، فربما الأنباء الخطيرة التي جرى الكشف عنها بشكل متزايد على مدار الأيام العشرة الماضية - بخصوص المزاعم المتعلقة بعقد صفقات الذهب غير المشروعة مع إيران واستقالة ثلاثة وزراء من حكومة إردوغان وإصدار مذكرة اعتقال ضد نجله - قد تتسبب في حدوث اضطراب سياسي في تركيا أكبر مما سببته مظاهرات حديقة جيزي التي اندلعت الصيف الماضي.
في بداية عام 2013، ظهر إردوغان بمظهر أقوى القادة في منطقة الشرق الأوسط. وبدا أن دعمه للمعارضة السورية سيجعل تركيا تفوز بدور قيادي في المنطقة التي أعيد تشكيلها، كما أن تعامله مع المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني جعله يحظى بالثناء والإطراء عندما توصلت تلك المفاوضات في شهر مارس (آذار) الماضي إلى إعلان وقف إطلاق النار. ولكن بعد ذلك بشهرين فقط، بدأت حظوظ إردوغان الخاصة بمسيرته السياسية تتعرض للتعثر. ففي شهر مايو (أيار)، وقع انفجار ضخم باستخدام سيارتين مفخختين في بلدة ريحانلي التركية، وهي مدينة صغيرة تقع بالقرب من معبر باب الهوى على الحدود مع سوريا. وتمثلت عواقب هذا الهجوم في الكشف عن هشاشة عملية السلام في هذه المنطقة الحدودية لتركيا – التي تضم مزيجا ديموغرافيا متقلبا من اللاجئين السوريين والسكان العلويين الأصليين الذين يؤيدون نظام بشار الأسد بشكل كبير.
وبعد ذلك، وقعت احتجاجات حديقة جيزي. وفي بادئ الأمر احتج عدد قليل من المناصرين لحماية البيئة ضد عملية إعادة تطوير رقعة خضراء من أجل التوسع وإعادة التطوير العمراني، وسرعان ما تطورت تلك الاحتجاجات إلى مواجهات عنيفة استمرت لفترة طويلة بين آلاف المواطنين الأتراك العاديين من جانب – بما في ذلك الرجال والنساء والصغار والكبار واليساريون والقوميون والمسيسون جنبا إلى جنب مع الأشخاص العاديين غير المبالين – وبين الدولة على الجانب الآخر. وبعد أسابيع من الاضطراب، جرى حماية الحديقة بيد أن إردوغان تشبث برأيه أيضا.
ويبدو أن ما بدأ يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي كان أمرا مختلفا بكل ما تحمله الكلمة من معنى وأكثر أهمية. بدأت الأحداث بعشرات الهجمات المفاجئة من قبل الشرطة، وتضمن ذلك مداهمة منزل سليمان أصلان، الرئيس التنفيذي لمصرف «هالك بنك» المملوك للدولة، حيث عثرت الشرطة على مبلغ 4.5 مليون دولار داخل صناديق أحذية في منزله أثناء عملية المداهمة. ويعتقد الكثير من الأتراك أن هذا المبلغ النقدي كان سيستخدم لتقديم رشوة إلى المسؤولين من أجل الموافقة على مشروعات إنشائية، في حين يعتقد آخرون إمكانية ارتباط تلك الأموال بصفقات غير مشروعة تتعلق بالنفط والغاز والذهب مع إيران. انتشرت هذه الفضيحة تدريجيا وسط حكومة إردوغان عندما ألقي القبض على أبناء ثلاثة وزراء بسبب صلتهم بتلك القضية. وفي 22 ديسمبر الماضي، اندلعت أول الاحتجاجات في حي قاضي كوي في الجانب الآسيوي من إسطنبول. واستهدف المتظاهرون الغاضبون الفرع المحلي لمصرف «خلق بنك»، حيث حطموا نوافذه ورسموا الجرافيتي على جدرانه.
وإذ كان إردوغان يتمنى أن تهدأ هذه الفضيحة قريبا، فإنه أصيب بخيبة أمل أيضا، لأن تلك القضية كانت على وشك أن تمس أفراد أسرته أيضا. فبعد ذلك، نشرت العديد من الصحف التركية وثائق تظهر أن مذكرة الاعتقال كانت صادرة ضد نجل إردوغان وأن الشرطة رفضت تنفيذ ذلك. ومع مرور الوقت، بعد بدء المظاهرات ليلة الجمعة، ازداد الغضب بين خصوم إردوغان ووصل ذروته. بيد أن هذا الأمر ليس مجرد صراع بين المتظاهرين في الشوارع وبين الدولة، وهو ما يجعل الوضع خطيرا للغاية بالنسبة لإردوغان.
ومن المعتقد على نطاق واسع أن السبب وراء إثارة التحقيق في الفساد هم أعضاء جماعة أو حركة فتح الله غولن، وهي حركة تعمل سريا بيد أنها لها تنظيم كبير داخل تركيا وتدير شبكة من المدارس الخاصة ومن المعتقد كذلك أن لها أعضاء يتقلدون أعلى المناصب بالدولة. وتعد تلك الجماعة منظمة إسلامية يتبع أعضاؤها تعاليم فتح الله غولن، الإمام التركي الذي عاش في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة على مدار السنوات الـ13 الماضية. كان من المفترض - قبل أن تصير فضيحة الفساد هذه معروفة - أن تلك الجماعة هي أحد الحلفاء السياسيين لإردوغان وتشاركه في نفس وجهات النظر في ما يتعلق باقتناعه بشأن تحويل تركيا باتجاه الإسلام وتقليل نفوذ الجيش في ما يخص سياسات البلاد. يعتقد المحللون أن إردوغان ذاته عين العديد من أعضاء الجماعة في المناصب العليا داخل الشرطة والسلطة القضائية وذلك عن علم وقصد، بل إن بعض المحللين يقول إن إردوغان عين أعضاء الجماعة في حكومته أيضا. بيد أن الآراء تتباعد ما بين إردوغان والجماعة بشأن القضية الكردية. ففي عام 2008، دخلت الحكومة في مباحثات سرية مع حزب العمال الكردستاني، الذي تعارضه الجماعة بشدة. وأدى رد فعله إلى تقليل شعبيته التي يحظى بها في تركيا بشكل كبير. وفي أعقاب عمليات الاعتقالات المبدئية، جرى فصل عشرات من كبار ضباط الشرطة، بما في ذلك رئيس شرطة إسطنبول. ويعتقد أنهم جميعا من أعضاء الجماعة. ومن المعتقد أن عملية التطهير كانت السبب وراء إخفاق الشرطة حتى الآن في تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة بحق نجل إردوغان. وفي المقابل، انتهت الاحتجاجات التي اندلعت ليلة الجمعة بالطريقة التي صارت معتادة وحتمية في الوقت الحالي. كان المتظاهرون يحملون الحجارة والألعاب النارية، بينما كانت الشرطة مسلحة بمدافع المياه والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. بيد أن الاشتباكات كانت مجرد مظهر فقط من أزمة أكثر تعمقا وأشد صعوبة.
إذا كان هذا الأمر هو بداية النهاية لمسيرة إردوغان السياسية، فإن تلك الثورة نابعة من داخل الدولة أكثر من المعارضين خارجها، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى حدوث الثورة. ومع الكشف في كل مرة عن فضائح، يزداد احتمال اقتراب تلك النهاية.



زلزال عنيف يضرب منطقة الهيمالايا... ويُخلِّف 126 قتيلاً (صور)

TT

زلزال عنيف يضرب منطقة الهيمالايا... ويُخلِّف 126 قتيلاً (صور)

تجمع النيباليون خارج منازلهم بعد زلزال بقوة 7.1 درجة ضرب كاتماندو (د.ب.أ)
تجمع النيباليون خارج منازلهم بعد زلزال بقوة 7.1 درجة ضرب كاتماندو (د.ب.أ)

ارتفعت حصيلة الزلزال القوي الذي ضرب إقليم التبت في جبال الهيمالايا جنوب غربي الصين، الثلاثاء، إلى 126 قتيلاً، حسبما أفادت «وكالة الصين الجديدة» للأنباء (شينخوا) الرسمية.

وأوردت الوكالة أنه «تأكّد مصرع إجمالي 126 شخصاً، وإصابة 188 آخرين حتى الساعة السابعة مساء الثلاثاء (11.00 ت غ)».

منازل متضررة في شيغاتسي بإقليم التبت جنوب غربي الصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وقالت «شينخوا» إنّ «مراسلاً في مكتب الزلازل بمنطقة التبت ذاتية الحُكم علم بأنَّ أناساً لقوا مصرعهم في 3 بلدات، هي بلدة تشانغسو، وبلدة كولو، وبلدة كوغو، بمقاطعة دينغري».

وكان سكان العاصمة النيبالية كاتماندو قد شعروا، فجر الثلاثاء، بهزَّات أرضية قوية، إثر زلزال عنيف بقوة 7.1 درجة، ضرب منطقة نائية في جبال الهيمالايا قرب جبل إيفرست، حسبما أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» و«هيئة المسح الجيولوجي» الأميركية.

صورة تظهر صخوراً على الطريق السريع الوطني بشيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وقالت «هيئة المسح الجيولوجي» الأميركية، إنّ مركز الزلزال يقع على بُعد 93 كيلومتراً من لوبوش، المدينة النيبالية الواقعة على الحدود الجبلية مع التبت في الصين، في حين أفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن كثيراً من المباني اهتزَّت في كاتماندو الواقعة على بُعد أكثر من 200 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي.

نيباليون خرجوا من منازلهم بعد تعرضهم لزلزال ويقفون وسط مواد البناء في كاتماندو (أ.ب)

وكان تلفزيون الصين المركزي قد ذكر أن زلزالاً قوته 6.9 درجة هز مدينة شيغاتسي في التبت، الثلاثاء. وقال مركز «شبكات الزلازل الصيني» في إشعار منفصل، إن الزلزال وقع في الساعة (01:05 بتوقيت غرينتش) وكان على عمق 10 كيلومترات.

وشعر السكان بتأثير الزلزال في منطقة شيغاتسي، التي يقطنها 800 ألف شخص. وتدير المنطقة مدينة شيغاتسي، المقر التقليدي لبانشين لاما، إحدى أهم الشخصيات البوذية في التبت. وأفادت قرى في تينغري بوقوع اهتزازات قوية أثناء الزلزال، أعقبتها عشرات الهزات الارتدادية التي بلغت قوتها 4.4 درجة.

آثار الدمار في أحد المنازل كما ظهرت في فيديو بالتبت (أ.ف.ب)

ويمكن رؤية واجهات متاجر منهارة في مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر آثار الزلزال في بلدة لهاتسي، مع تناثر الحطام على الطريق.

صورة ملتقطة من مقطع فيديو يظهر حطاماً على طريق في مدينة شيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وتمكّنت وكالة «رويترز» للأنباء من تأكيد الموقع من المباني القريبة والنوافذ وتخطيط الطرق واللافتات التي تتطابق مع صور الأقمار الاصطناعية وصور الشوارع.

وذكرت «شينخوا» أن هناك 3 بلدات و27 قرية تقع على بُعد 20 كيلومتراً من مركز الزلزال، ويبلغ إجمالي عدد سكانها نحو 6900 نسمة. وأضافت أن مسؤولي الحكومة المحلية يتواصلون مع البلدات القريبة لتقييم تأثير الزلزال والتحقق من الخسائر.

حطام على طريق في مدينة شيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

كما شعر بالزلزال سكان العاصمة النيبالية كاتماندو على بُعد نحو 400 كيلومتر؛ حيث فرّ السكان من منازلهم. وهزّ الزلزال أيضاً تيمفو عاصمة بوتان وولاية بيهار شمال الهند، التي تقع على الحدود مع نيبال.

جانب من الحطام على طريق في مدينة شيغاتسي في التبت بالصين بعد أن ضرب زلزال المنطقة (أ.ف.ب)

وقال مسؤولون في الهند إنه لم ترد حتى الآن تقارير عن وقوع أضرار أو خسائر في الممتلكات.

منازل متضررة بعد زلزال بقرية في شيغاتسي بمنطقة التبت (رويترز)

وتتعرض الأجزاء الجنوبية الغربية من الصين ونيبال وشمال الهند لزلازل متكررة، ناجمة عن اصطدام الصفيحتين التكتونيتين الهندية والأوراسية. فقد تسبب زلزال قوي في مقتل نحو 70 ألف شخص بمقاطعة سيتشوان الصينية في 2008، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وفي 2015، هزّ زلزال قوته 7.8 درجة منطقة قريبة من كاتماندو، ما أودى بحياة نحو 9 آلاف شخص، وتسبب في إصابة آلاف في أسوأ زلزال تشهده نيبال.