في ظل نظرة غير متفائلة، وبيانات اقتصادية ضعيفة متوالية، قال رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي: إن التطورات الاقتصادية بمنطقة اليورو جاءت أضعف من التوقعات في الآونة الأخيرة، وإن الضبابية - وبالتحديد ذات الصلة بالعوامل الدولية - ما زالت سائدة.
وقال دراغي للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ مساء الثلاثاء: «ما زالت هناك حاجة إلى قدر كبير من حوافز السياسة النقدية لدعم بناء ضغوط الأسعار المحلية، وتطورات التضخم الأساسي في الأجل المتوسط».
وأضاف رئيس البنك المركزي الأوروبي: إن «التطورات الاقتصادية الأخيرة جاءت أضعف من التوقعات، في حين ما زالت حالة الغموض المرتبطة بعوامل عالمية قائمة... وما زالت الحاجة إلى السياسة النقدية للتحفيز الاقتصادي قائمة لدعم استمرار تزايد ضغوط الأسعار المحلية وتطورات التضخم الأساسي على المدى المتوسط».
وذكرت وكالة «بلومبرغ»، أن البنك المركزي الأوروبي أرسل خطابات نصية إلى جميع البنوك التي يشرف عليها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كجزء من برنامج مستمر للحد من مخاطر القروض السيئة.
وطلب البنك المركزي الأوروبي من المقرضين الذين يشرف عليهم تخصيص ما يكفي من المال لتغطية القروض المخصومة بالكامل بحلول عام 2026، وفقاً لما ذكرته صحيفة «إل سول» الإيطالية نقلاً عن مصدر أوروبي. وركّز التقرير بشكل خاص على البنوك الإيطالية، قائلاً: إن المقرضين في البلاد مثقلون بأكبر قدر من القروض المتعثرة في أوروبا.
وكانت أسهم البنوك الإيطالية من بين الأسوأ أداءً في تعاملات الثلاثاء الماضي، حيث باع المستثمرون الكثير منها كرد فعل على تقرير يشير إلى أنهم يواجهون طلبات جديدة من المنظمين لتعزيز أحكامهم ضد القروض المعدومة.
لكن رغم تلك الصعوبات، استبعد دراغي في الوقت ذاته دخول اقتصاد منطقة العملة الأوروبية الموحدة مرحلة الركود رغم البيانات الأخيرة، وقال: إن «السؤال الذي علينا طرحه: هل نتجه نحو ركود اقتصادي؟ الإجابة التي نقدمها هي لا، الاقتصاد يمر بحالة تباطؤ والتي لا تتجه نحو الركود، لكنها يمكن أن تمتد لفترة أطول من التوقعات».
وأشار دراغي إلى الذكرى العشرين لإطلاق العملة الأوروبية الموحدة، ودعا إلى مزيد من الإصلاحات في منطقة العملة الموحدة التي تضم 19 دولة من دول الاتحاد الأوروبي.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى تراجع اليورو أمام الدولار بعد نشر هذه التصريحات ليصل إلى 1.1397 دولار لكل يورو، بانخفاض نسبته 0.6 في المائة عن مستواه في اليوم السابق.
وجاءت تصريحات دراغي، الإيطالي الجنسية، بعد سلسلة من البيانات الاقتصادية المخيّبة للآمال من مختلف دول منطقة اليورو خلال الأسابيع الأخيرة؛ مما أثار الشكوك في الآفاق الاقتصادية للمنطقة ودفع المستثمرين إلى التساؤل حول مدى قدرة البنك المركزي الأوروبي على بدء زيادة أسعار الفائدة خلال العام الحالي.
من ناحيته قال دراغي: «ما زلنا نرى استمرار نمو الاستهلاك بقوة نسبياً، والاستثمارات ما زالت تنمو مدعومة بسياستنا النقدية، ونمو الصادرات ما زال جيداً وسوق العمل ما زالت تحتفظ بقوتها... كل هذا يحدث في ظل معدلات نمو منخفضة».
وقبل نحو أسبوع، حذر مسؤولو البنك المركزي الأوروبي من مخاطر اقتصادية متزايدة ومناخ من «عدم اليقين العام» في اجتماع السياسة النقدية في ديسمبر الماضي، حتى إنهم يدعمون المضي قدماً في خطط البنك للتخلص التدريجي من برنامج شراء السندات العملاقة للبنك. وتراجعت الأسواق المالية العالمية في الأسابيع الأخيرة مع استيعاب المستثمرين لعلامات الضعف في الاقتصادات الرئيسية مثل الصين ومنطقة اليورو التي تضم 19 دولة. وتفاقمت تحركات السوق بسبب تصرفات البنوك المركزية الكبرى، بما في ذلك مجلس الاحتياطي الفيدرالي، التي تحركت لتشديد السياسة النقدية خلال تلك الفترة.
وأظهر محضر اجتماع ديسمبر حيرة المسؤولين بالبنك حيال طرق الاستجابة لأوجه عدم اليقين، وذكر المحضر: «لقد تم التأكيد على أن الوضع لا يزال هشاً، حيث إن المخاطر يمكن أن تظهر مرة أخرى بسرعة أو قد تظهر حالات عدم يقين جديدة».
ومع ذلك، قرر المسؤولون على نحو متوازن أن التوقعات على المدى المتوسط لاقتصاد منطقة اليورو بقيت قوية بسبب أسواق العمل القوية وارتفاع الأجور. وبناءً على ذلك، قام البنك المركزي الأوروبي بإضفاء طابع رسمي على قراره السابق بالإنهاء التدريجي لبرنامج شراء السندات للبنك البالغ قيمته 2.5 تريليون يورو، الذي يُعرف بالتيسير الكمي هذا الشهر.
«المركزي الأوروبي» حائر في التعامل مع «عدم اليقين»
دراغي: اقتصاد منطقة اليورو أضعف من المتوقع
«المركزي الأوروبي» حائر في التعامل مع «عدم اليقين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة