تنديد غربي ودفاع روسي بعد إطلاق «الرسالة» الإيرانية إلى الفضاء

إطلاق صاروخ «سميرغ» إلى الفضاء واجه تنديداً أوروبياً - أميركياً في يوليو 2017 (وكالة إرنا)
إطلاق صاروخ «سميرغ» إلى الفضاء واجه تنديداً أوروبياً - أميركياً في يوليو 2017 (وكالة إرنا)
TT

تنديد غربي ودفاع روسي بعد إطلاق «الرسالة» الإيرانية إلى الفضاء

إطلاق صاروخ «سميرغ» إلى الفضاء واجه تنديداً أوروبياً - أميركياً في يوليو 2017 (وكالة إرنا)
إطلاق صاروخ «سميرغ» إلى الفضاء واجه تنديداً أوروبياً - أميركياً في يوليو 2017 (وكالة إرنا)

بعد ساعات من تنديد أميركي ساخط، دخلت فرنسا على خط المحاولة الإيرانية «الفاشلة» لإطلاق قمر على مدار الأرض، وأعربت الخارجية الفرنسية عن التنديد، مشيرة إلى أنها استعملت تقنية يمكن استخدامها في الصواريخ بعيدة المدى، وطالبت طهران بوقف جميع التجارب الصاروخية الباليستية التي لا تتفق مع قرارات الأمم المتحدة. جاء ذلك بعد ساعات من اتهام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لطهران بتشكيل تهديد صاروخي، بعدما حذّر من انتهاك القرار الأممي 2231. في المقابل، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن المحاولة الفاشلة «إنجاز إيجابي» و«أحرزت نجاحات رغم بعض الفشل».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول، في بيان: «البرنامج الباليستي الإيراني مصدر قلق للمجتمع الدولي وفرنسا». وأضافت: «ندعو إيران إلى عدم المضي قدماً في تجارب صواريخ باليستية جديدة مصممة لتكون قادرة على حمل أسلحة نووية، بما في ذلك منصات الإطلاق للفضاء، ونحثّ إيران على احترام التزاماتها وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي». بحسب «رويترز».
وهذا ثاني موقف فرنسي في أقل من أسبوع، ويأتي في سياق تحذيرات دولية من برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، المستمر رغم محاولات خلال العامين الماضيين من فرنسا وقوى أوروبية أخرى لبدء محادثات في هذا الصدد مع السلطات الإيرانية.
وقبل الخارجية الفرنسية بساعات، انتقد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الخطوة الإيرانية متهماً إيران بتحدي المجتمع الدولي، وخرق القرار 2231 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في 2015 ويحث إيران على تجنب تطوير صواريخ باليستية يمكن أن تحمل رؤوساً نووية.
وقال بومبيو، عبر حسابه في «تويتر»، إن عملية إطلاق الصاروخ «تظهر مرة جديدة أن إيران تسعى للتمتع بقدرات صاروخية متطوّرة تشكل تهديداً لأوروبا والشرق الأوسط». وأضاف في بيان لاحق أن الإطلاق عزّز قدرة إيران على بناء صواريخ باليستية عابرة للقارات في نهاية المطاف. وقال: «أوضحنا أننا لن نقف ساكنين أمام تجاهل إيران الصارخ للأعراف الدولية... نعمل مع حلفائنا وشركائنا لمواجهة كل تهديدات إيران».
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن «رد فعل بومبيو متساهل نسبياً، نسبة لصدوره عن عضو في إدارة أميركية عززت في الأشهر الأخيرة الضغوط على إيران من أجل إضعاف اقتصادها ودفعه للانهيار».
وتعتبر إسرائيل والولايات المتحدة، برنامج إيران الفضائي، غطاء لتطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية، لكن هذا الرأي لا يجمع عليه الخبراء الغربيون، بحسب الوكالة الفرنسية.
وكان وزير الاتصالات الإيراني محمود جهرمي آذري، أعلن أول من أمس عن فشل قمر «بيام» (الرسالة) في الوصول إلى مدار الأرض. وتقول إيران إن من حقّها إطلاق الأقمار الاصطناعية وإجراء التجارب الصاروخية دفاعاً عن نفسها بوجه التهديدات الحقيقية، وإن صواريخها لا تحمل مركّباً نووياً.
علی خلاف ذلك، قال مساعد وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إنه «لا يوجد دليل على انتقاد إيران لتطويرها البرنامج الصاروخي»، معتبراً مواقف الدول الغربية «خاطئة» و«غير مسؤولة». وقال إن إطلاق صاروخ إلى الفضاء «لا يمثل انتهاكاً للقوانين الدولية»
وأعرب المسؤول الروسي عن اعتقاد بلاده أن البرنامج الصاروخي «يدعم أمن إيران»، واستبعد عودة الإيرانيين لطاولة المفاوضات حول البرنامج الصاروخي، مشيراً إلى أن «مواصلة الولايات المتحدة ضغطها الشامل على إيران تمنع إطلاق حوار حول برنامج طهران الصاروخي». وفق ما نقلت عنه «روسيا اليوم».
وقال ريابكوف: «نحن نعلم أن عدداً من الدول اقترحت سابقاً بدء مفاوضات من أجل عقد ما يسمى بالاتفاق الأوسع (مع إيران)، لضمان الوصول إلى حل معين لما أطلق عليه ملف البرنامج الصاروخي الإيراني».
ومع ذلك، رهن التوصل إلى اتفاق والحوار بهذا الشأن بـ«موافقة كلا الطرفين». ولفت إلى «الفرق بين عمليات إطلاق خاصة بناقلات فضائية، وأخرى تخصّ الصواريخ القتالية». وتابع: «لكن إذا سلمنا ولو للحظة، بمشروعية وضع الأولى والثانية على قدم المساواة، فإني لا أرى مبرراً لموجة الانتقادات التي طالت إيران مجدداً في الأشهر الأخيرة بسبب قيامها بتطوير برنامجها الصاروخي».
في هذا السياق، قال مسؤولون إيرانيون أمس إن محاولتهم إطلاق قمر صناعي باءت بالفشل. وقال الرئيس حسن روحاني، أمس (الأربعاء)، إن إيران «ستكون مستعدة لعملية إطلاق جديدة لقمر صناعي خلال أشهر قليلة».
ورأى روحاني أن قمر «بيام» (الرسالة) «إنجاز إيجابي». وقال: «نالت عملية الإطلاق نجاحاً جيداً، على الرغم من الفشل الجزئي»، مشيراً إلى أن إيران «أحرزت نجاحاً في عملية الإطلاق».
ولوحظ أن عملية إطلاق قمر «بيام»، ويعني بالعربية الرسالة، بالتزامن عشية الذكرى الثالثة لتنفيذ الاتفاق النووي، رسائل ضمنية إلى الدول المتبقية في الاتفاق النووي، وخاصة الدول الأوروبية التي وعدت إيران بآلية مالية خاصة للالتفاف على العقوبات الأميركية.
وتقول إيران إنها «لا تسعى وراء إنتاج سلاح نووي»، لكن قوى غربية تخشى إمكانية استخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، التي تستخدم أيضاً في وضع الأقمار الصناعية في مداراتها، في إطلاق رؤوس حربية نووية.
من جهته، قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية، علي نجفي خوشرودي إن «الولايات المتحدة لا يمكنها اتخاذ معايير مزدوجة، فمن حق إيران الحصول على التكنولوجيا الصاروخية»، متهماً الولايات المتحدة بـ«تسييس قضايا إيران».



قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
TT

قائد الجيش الإسرائيلي يأمر بالتأهب لمواجهة «هجوم إيراني محتمل»

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، رفع مستوى التأهب لمواجهة أي هجوم إيراني مباغت، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى «احتمالات ضعيفة للغاية».

وأوضحت مصادر أمنية مقربة منه أن التصريحات المتداولة في واشنطن وتل أبيب بشأن تصاعد التوتر واحتمالية شن هجوم أميركي على طهران لا تعكس بالضرورة قراراً وشيكاً.

وأضافت المصادر أن الرئيس جو بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا مختلف الخيارات والسيناريوهات، بما في ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكن الرئيس لم يتخذ حتى الآن قراراً نهائياً بهذا الشأن.

وأفادت المصادر بأن بعض القوى في الجهاز الأمني الإسرائيلي ترى أن التغيرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، عقب الضربات التي تلقتها إيران و«حزب الله» اللبناني و«حماس»، التي بلغت ذروتها بانهيار نظام بشار الأسد في سوريا، قد تدفع إيران لاتخاذ إجراءات انتقامية متطرفة ضد إسرائيل.

ومع ذلك، تؤكد التقديرات السائدة بين القيادات الأمنية في تل أبيب أن هذا الاحتمال لا يزال ضعيفاً للغاية. لكن، حرصاً على عدم وقوع مفاجآت، أصدر هيرتسي هليفي توجيهات باتخاذ تدابير احترازية صارمة، بما في ذلك رفع جاهزية سلاح الجو وقوات الدفاع الجوي للتعامل مع أي تطورات محتملة.

تحديات طهران

ويرى المؤيدون لاحتمالية قيام إيران بشن هجوم على إسرائيل في الوقت الراهن أن تدهور الأوضاع الداخلية في طهران يشكل دافعاً لمثل هذا التحرك. ويتجلى هذا التدهور في الانهيار الحاد لقيمة الريال الإيراني، وتصاعد الانتقادات للمسؤولين، وعودة بوادر الاحتجاجات الشعبية، بالإضافة إلى مشكلات التلوث وانقطاع التيار الكهربائي، والضغوط الأميركية المتزايدة. ومن المرجح أن تتفاقم هذه التحديات مع دخول الرئيس الجديد، دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، مما يضع حكام إيران أمام تحديات إضافية.

ووفقاً لما نقله موقع «واللا» العبري، فإن ترمب، المعروف بسياساته غير المتوقعة، قد يتخذ خطوات مفاجئة من شأنها خلخلة التوازنات القائمة في المنطقة. وفي السياق ذاته، تناولت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الأحد، هذا الموضوع، مشيرةً إلى أن هذه التحولات تصب في مصلحة إسرائيل، نظراً لدعم ترمب المطلق لها ورفضه القاطع السماح لإيران بتطوير قدراتها النووية.

في هذا السياق، أفادت مصادر أمنية في تل أبيب بوجود «قلق واضح» في إسرائيل والولايات المتحدة من احتمال أن تقدم طهران على اتخاذ «خطوة متطرفة»، رداً على الضربات التي تلقتها أو قد تتلقاها مستقبلاً، تتمثل في التوجه نحو تطوير تسلح نووي بوتيرة متسارعة. وترى تل أبيب وواشنطن أن من واجبهما التدخل بالقوة لمنع هذا السيناريو.

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

خيارات العمل العسكري

وفي تقرير نشره مراسل «أكسيوس» في تل أبيب، باراك رافيد، أشار إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش مع مستشاريه احتمالية شن هجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وأوضح التقرير أن هذا الخيار سيصبح وارداً في حال توافرت معلومات تفيد بأن طهران بدأت بتحقيق تقدم سريع في تطوير أسلحة نووية، وذلك قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مهامه الرسمية في البيت الأبيض في العشرين من الشهر الحالي.

وجاء في تقرير موقع «واللا» الإلكتروني، الخميس الماضي، أن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، عرض على بايدن «قبل بضعة أسابيع» خيارات لشن عمل عسكري أميركي ضد المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في حال تسارع النظام في طهران نحو تطوير أسلحة نووية قبل نهاية ولاية بايدن في 20 من الشهر الحالي، وفقاً لما نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة.

وأشار التقرير إلى أن توجيه ضربة أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني خلال فترة يعد فيها بايدن «بطة عرجاء» سيكون بمثابة مقامرة كبرى. فمن جهة، أكد الرئيس الأميركي التزامه بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، لكن من جهة أخرى، فإن تنفيذ هجوم كهذا قد ينطوي على خطر نقل أزمة إقليمية أكبر في الشرق الأوسط إلى خليفته، دونالد ترمب.

وذكرت المصادر أن «بايدن وفريقه للأمن القومي ناقشوا خلال الاجتماع مختلف الخيارات والسيناريوهات، لكن الرئيس لم يتخذ قراراً نهائياً». وأضافت أن بعض مساعدي بايدن، ومن بينهم سوليفان، «يرون أن تآكل أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية والقدرات الصاروخية، إلى جانب الضعف الكبير لوكلاء إيران في المنطقة، قد يعزز فرص توجيه ضربة ناجحة ضد المنشآت النووية، مع تقليل مخاطر الانتقام الإيراني والتصعيد الإقليمي».

وقال الدبلوماسي السابق، داني زاكن، إن «ترمب، يبدو مصمماً على استعادة مكانة الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية. لا يبدو هذا التقدير بعيداً عن الواقع، حيث من المتوقع أن تكون ولايته هذه مختلفة تماماً عن (الولايات العادية) التي شهدتها إدارة الرؤساء الديمقراطيين ومعظم الجمهوريين، وأن التغييرات ستتم بسرعة أكبر وبعظمة أكبر من تلك التي حدثت في ولايته السابقة». وأضاف: «استناداً إلى محادثات أجريتها مع مسؤولين سابقين وآخرين في الإدارة المقبلة، ومع موظف كبير في البنتاغون، إضافة إلى مصدر سياسي إسرائيلي مطلع على الاتصالات مع كبار مسؤولي الإدارة الجديدة، تبدو الأمور أكثر من إيجابية لإسرائيل، ولديها طابع عملي للغاية».

وفيما يتعلق بإيران وإمكانية شن هجوم ضدها، قال زاكن إن هناك نيةً من الإدارة الجديدة لتوسيع وتطبيق العقوبات على صادرات النفط الإيراني إلى الصين، وهو المصدر الأساسي لتمويل النظام في طهران. ومع ذلك، من المحتمل أن يفضل ترمب خوض مفاوضات مع النظام الإيراني على أساس التهديد، بهدف التوصل إلى اتفاق يجبره على التنازل الكامل عن برنامجه النووي تقريباً.

وأضاف: «ترمب ليس من محبي الحروب، بل هو محب للصفقات الكبيرة، ومصمم على تنفيذها بسرعة». وذكر أيضاً: «ترمب يسعى لصفقة كبرى، شاملة، تقوم على أساس (صفقة القرن) من جوانب اقتصادية وأمنية. الرئيس الحالي ليس دونالد ترمب 2017، بل أصبح أكثر نضجاً بكثير، ويعرف خفايا الإدارة. على مدار سنوات إدارة بايدن، تابع عن كثب القضايا المركزية، خصوصاً القضايا الخارجية. وإذا كان قد احتاج إلى عامين في ولايته السابقة لتنفيذ التغييرات الكبرى في الشرق الأوسط، فسيتم ذلك الآن في بداية ولايته».

وحسب مصدر آخر نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترمب يسعى إلى اتفاق مع إيران، لكنه يعتمد على إسرائيل للضغط العسكري على طهران، بهدف تسريع تراجعها عن مطالبها السابقة والتوجه نحو اتفاق نووي يرضي جميع الأطراف.