«الأزمات الدولية» تتوقع تحول العراق ساحة مواجهة بين أميركا وإيران

عبد المهدي يعلن انسحاب ربع القوات الأجنبية العام الماضي

«الأزمات الدولية» تتوقع تحول العراق ساحة مواجهة بين أميركا وإيران
TT

«الأزمات الدولية» تتوقع تحول العراق ساحة مواجهة بين أميركا وإيران

«الأزمات الدولية» تتوقع تحول العراق ساحة مواجهة بين أميركا وإيران

حذّرت «مجموعة الأزمات الدولية» من تحول العراق إلى ساحة المواجهة الرئيسية بين الولايات المتحدة وإيران، فيما سعى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى احتواء الانتقادات المتزايدة للوجود الأميركي من جانب الفصائل الموالية لطهران، وأعلن أن أكثر من 25 في المائة من القوات الأجنبية انسحبت من البلاد خلال عام 2018.
وتوقّعت دراسة أعدتها «مجموعة الأزمات الدولية» أن العراق قد يتحمل العبء الأكبر في حال تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة. وقالت المجموعة التي تبحث في طرق لمنع الحرب إنها أجرت مقابلات مع مسؤولين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في إيران، من أجل إعداد تقرير شامل عن الوضع بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي وقّعته طهران والقوى الكبرى في 2015.
ورأت المجموعة أنه «من المرجح أن تواصل إيران الامتثال للاتفاق، إذ ترى نفسها على أنها تتصرف من منطلق أخلاقي وقادرة على انتظار ما سيحل بالرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يواجه انتخابات العام المقبل»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. لكن الدراسة أضافت أن حسابات طهران يمكن أن تتغير إذا انخفضت صادراتها النفطية التي بلغت 3.8 مليون برميل في عام 2017 إلى أقل من 700 ألف برميل يومياً، وهو مستوى يمكن أن يؤدي إلى تضخم مفرط، وإلى تكثيف الاحتجاجات المحلية التي يبدو أن الحكومة قادرة حتى الآن على التعامل معها.
لكن إذا قررت إيران الانتقام من الولايات المتحدة، رأى التقرير أن «طهران قد تجد أن خيارها الأمثل هو توظيف وكلائها في الشرق الأوسط، وهو مسار قد يكون غامضاً بدرجة كافية لتجنب رد فعل أوروبي قوي».
ونقل التقرير عن مسؤول كبير في الأمن القومي الإيراني قوله إن المسرح المحتمل لذلك هو العراق، حيث ترتبط الميليشيات المنتمية إلى الأغلبية الشيعية بعلاقات وثيقة مع طهران. وقال المسؤول إن «العراق هو المكان الذي نمتلك فيه الخبرة، وإمكانية الإنكار والقدرة اللازمة لضرب الولايات المتحدة من دون الوصول إلى العتبة التي يمكن أن تؤدي إلى رد مباشر».
وأضاف أن «إيران منخرطة أيضاً بشكل كبير في سوريا ولبنان، لكن الوضع فيهما هش، وقد تفقد طهران مكاسبها». وأشار إلى أن «لدى إيران قدرة تحرك محدودة في أفغانستان، في حين أن تصعيد الدعم للمتمردين الحوثيين في اليمن سيضرّ بالسعودية أكثر من الولايات المتحدة».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» ذكرت، الأحد، أن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون سأل عن الخيارات العسكرية لضرب إيران، بعد أن شنّت جماعة مرتبطة بطهران هجوماً في 7 سبتمبر (أيلول) الماضي بقذائف الهاون على المنطقة الخضراء ببغداد، حيث تقع السفارة الأميركية. وقالت الولايات المتحدة إن سفارتها كانت الهدف. وفي اليوم نفسه، أحرق متظاهرون القنصلية الإيرانية في البصرة، خلال موجة الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية.
وأثارت الفصائل الشيعية الموالية لإيران في العراق جدلاً حول الوجود الأميركي بعد زيارة ترمب، ودعت الحكومة إلى وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من البلاد، فيما تشتد المواجهة بين واشنطن وطهران منذ إعادة فرض العقوبات المرتبطة بالملف النووي.
ويأتي تصريح عبد المهدي عن القوات الأجنبية، أمس، بعد شهر من إعلان الولايات المتحدة سحب جنودها من سوريا واتخاذ العراق «قاعدة» عند الضرورة. وقال عبد المهدي في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس: «في يناير (كانون الثاني) 2018، كان هناك نحو 11 ألف جندي أجنبي، 70 في المائة منهم أميركيون». وأضاف أن العدد الكلي «انخفض في ديسمبر (كانون الأول) إلى ثمانية آلاف، بينهم ستة آلاف أميركي»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلن العراق في نهاية 2017 «النصر» على تنظيم «داعش»، وطرد عناصره من جميع المدن التي كانت تحت سيطرتهم، بعد ثلاث سنوات من المعارك التي خاضتها القوات العراقية بمساندة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن. ولا تزال جماعات من «داعش» تنفذ هجمات من وقت لآخر في مناطق متفرقة من العراق، بينما يوجَد التنظيم في مناطق جبلية حدودية محدودة مع سوريا.
وبلغ عدد القوات الأميركية خلال الفترة التي تلت الاجتياح الأميركي للعراق في 2003 نحو 170 ألف جندي في عموم العراق، قبل أن تنسحب نهاية 2011، وفقاً لقرار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. لكنها عادت مجدداً إلى العراق في 2014، في إطار التحالف الدولي المناهض لتنظيم «داعش» الذي كان يفرض سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا.
وقال الرئيس الأميركي خلال زيارة مفاجئة قام بها نهاية ديسمبر إلى العراق لتفقد جنوده، إنه لا ينوي «إطلاقاً» سحب القوات الأميركية من العراق، بل يرى «على العكس» إمكانية لاستخدام هذا البلد «قاعدة في حال اضطررنا للتدخل في سوريا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.