استراتيجيون إسرائيليون يحذرون من حرب مع إيران وسوريا ولبنان

TT

استراتيجيون إسرائيليون يحذرون من حرب مع إيران وسوريا ولبنان

في أعقاب دراسات استراتيجية معمقة في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، خرج عشرات الباحثين ومعهم عدد من الجنرالات وقادة المخابرات المتقاعدين والعاملين باستنتاج أن إسرائيل تواجه تحديا حقيقيا لوقوع «حرب الشمال الأولى»، التي يمكن أن تشارك فيها إيران وسوريا و«حزب الله» على طول الجبهة من هضبة الجولان وحتى رأس الناقورة على شاطئ البحر المتوسط.
والتقى وفد من الباحثين، في مقدمتهم الجنرال عاموس يدلين، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية، أمس الأربعاء، الرئيس الإسرائيلي رؤوبين رفلين، وسلموه النسخة الأولى من تقريرهم. وأكدوا أنهم سيسلمون نسخاً إضافية إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو والوزراء وقادة الجيش والمخابرات.
ومما جاء في هذه الاستنتاجات أن إسرائيل تعتبر دولة قوية عسكريا وتتمتع بحصانة قومية داخلية جيدة جدا، لكنها تواجه تحديات صعبة. وعلى الرغم من أنها تدير سياسة حذرة، وعلى الرغم من وجود عملية ردع متبادل بينها وبين أعدائها في كل الجبهات، فإن هناك أوضاعا تتيح الانجرار إلى حرب لأبسط الأسباب.
ويضيف تقرير الخبراء الإسرائيليين أن الحكومة حددت أن إيران تشكل التحدي الأكبر والأخطر، ومعها حق في ذلك. فإيران لم تتخلّ عن خططها النووية من جهة، وتسعى لتثبيت أقدامها في عدة دول في المنطقة بواسطة وكلاء، مثل «حزب الله» في لبنان والحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في سوريا والعراق و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة. وكل هؤلاء مرشحون للعمل ضد إسرائيل. وفي بعض الأحيان شوهدت إيران تخوض التحدي مع إسرائيل بشكل مباشر عن طريق قواتها، كما فعلت عندما أرسلت إلى إسرائيل طائرة مسيّرة مفخخة تم إسقاطها قبل أن تدخل المجال الجوي الإسرائيلي.
ويقول الخبراء الإسرائيليون إن التحديات تعاظمت أمام إسرائيل على جبهة الشمال، السورية اللبنانية المشتركة. ففي الوقت الذي تقوم فيه إيران بتعزيز قوة حلفائها في البلدين وتعزز لهم خلفية قتالية في العراق، جاء الوجود الروسي في سوريا ليضع قيودا على الحراك الإسرائيلي. ومع القرار الأميركي الانسحاب من سوريا بات عبء التصدي للنفوذ الإيراني واقعا على كاهل إسرائيل وحدها.
ويضع هؤلاء الخبراء عدة سيناريوهات لمواجهة التحدي، أشدها خطرا قيام إيران وأذرعها بحرب شاملة من الشمال تمتد من الجولان شرقا وحتى لبنان غربا، في آن واحد، واحتمال تفعيل «حماس» و«الجهاد» في غزة والضفة الغربية. وهم يدعون الحكومة الإسرائيلية لأخذ هذا الخطر بجدية والاستعداد لمواجهته بخطة حربية عملية وتوفير كل ما يلزم من موارد مالية ومادية وعسكرية، لإنهائه بانتصار. ويحذرون من الدخول في صدام مع روسيا في معركة كهذه، وينصحون بالامتناع التام عن أي مساس بها وعدم إصابة أي من جنودها الموجودين في سوريا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم