البرلمان الأوروبي يصوِّت بأغلبية ساحقة لصالح الاتفاق الفلاحي مع المغرب

TT

البرلمان الأوروبي يصوِّت بأغلبية ساحقة لصالح الاتفاق الفلاحي مع المغرب

صوَّت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة، لصالح اتفاقية التعاون الفلاحي الجديدة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي تنص صراحة على أن الامتيازات المخولة للمنتجات المغربية عند ولوج الأسواق الأوروبية، تسري أيضاً، من دون أي تمييز وبالشروط نفسها، على المنتجات القادمة من المحافظات الصحراوية في جنوب المغرب.
وحصل الاتفاق المتعلق بتحرير تجارة المنتجات الزراعية الخام والمصنعة، والأسماك ومنتجات الصيد البحري ذات المصدر المغربي، على 444 صوتاً لصالحه، مقابل 167 صوتاً ضده، وامتناع 68 عضواً عن التصويت.
كما صوَّت البرلمان الأوروبي ضد اقتراح قرار يدعو إلى عرض الاتفاقية الفلاحية على محكمة العدل الأوروبية. وانتهت نتيجة التصويت على هذا القرار بحصوله على 210 أصوات لصالحه، و414 صوتاً ضده، وامتناع 48 عضواً عن التصويت.
أما بخصوص قرار آخر حول الطابع الإلزامي للاتفاق، فقد صوت 442 لصالحه و172 ضده، فيما امتنع 65 عضواً عن التصويت.
وشكل هذا التصويت ضربة قاسية لدعاة انفصال المحافظات الصحراوية عن المغرب، كما أغلق الباب أمام التشويش الذي تعرض له الاتفاق السابق، عندما طعنت جبهة «بوليساريو» في قانونية تطبيقه على المحافظات الصحراوية أمام محكمة العدل الأوروبية.
وللتذكير، فإن المحكمة الأوروبية صرحت بعدم أهلية «بوليساريو» للتقاضي، كما قررت أن الاتفاق الفلاحي لا ينص صراحة على شموله المحافظات الصحراوية، وهو الأمر الذي عالجه الاتفاق الجديد بشكل صريح.
وفي رد فعل أولي، أصدرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي المغربية بياناً، عبرت فيه عن ارتياحها لتصويت البرلمان الأوروبي على اتفاق التعاون الفلاحي. وأشار البيان إلى أن هذا الاتفاق ينص صراحة على أن المنتجات الزراعية، ومنتجات الصيد البحري للمحافظات الصحراوية، تستفيد من الامتيازات الجمركية نفسها، كغيرها من المنتجات المغربية المشمولة باتفاقية الشركة مع الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أن الاتفاق الفلاحي الجديد «يؤكد أيضاً أن أي اتفاق يغطي الصحراء لا يمكن أن يتفاوض بشأنه، أو يوقع إلا من طرف المملكة المغربية، في إطار ممارسة سيادتها التامة والكاملة على هذا الجزء من ترابها».
كما أوضح البيان أن «هذا التصويت بأغلبية ساحقة جاء ليتوج مسلسلاً طويلاً من المفاوضات التقنية، والمشاورات السياسية والمصادقات القانونية، التي قام بها المغرب والاتحاد الأوروبي»، مضيفاً أن موقف المغرب ارتكز على ثلاثة مبادئ: أولها الدفاع غير القابل للنقاش عن وحدته الترابية والمبادئ الأساسية لموقفه إزاء محافظاته الجنوبية، ثم حماية مصالحه الاقتصادية مع شريكه التجاري الأول في قطاع أساسي بالنسبة له، وتمسكه الصادق بشراكة عميقة ومتعددة الأبعاد مع الاتحاد الأوروبي.
وأضاف البيان أن المغرب يعتبر أن المصادقة على هذا الاتفاق «تشكل قاعدة صلبة لإعطاء انطلاقة جديدة لشراكته مع الاتحاد الأوروبي، من أجل أن يرفعا معاً التحديات التي تواجهها المنطقة، واستغلال الفرص المتاحة بكامل الوضوح والمسؤولية والطموح».
من جانبه، وصف جيل باغنيو، رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الأوروبية - المغربية نتيجة تصويت البرلمان الأوروبي على اتفاقية التعاون الفلاحي مع المغرب، بـ«الانتصار الكبير»، مشيراً إلى أن توسيع الامتيازات التجارية للمنتجات الفلاحية المغربية لتشمل المحافظات الصحراوية، سيلعب دوراً أساسياً في تنمية الصحراء. كما أشار إلى أن التقديرات تبرز أن الوقع المالي لهذا الاتفاق بالنسبة لسكان المحافظات الصحراوية، يعادل نحو 8 مليارات دولار، سيتم ضخها سنوياً في شرايين الاقتصاد المحلي، لتغذي الاستثمارات والتشغيل ورفاهية السكان.
وبهذا التصويت، أصبح الطريق معبداً أمام مصادقة البرلمان الأوروبي على اتفاقية الصيد البحري، التي تغطي السواحل الأطلسية للمغرب، من رأس سبارتيل قرب طنجة (شمالاً)، إلى الرأس الأخضر على الحدود الموريتانية (جنوباً)، والتي ستصل قريباً إلى مرحلة الحسم في البرلمان الأوروبي، بعد أن اجتازت كل المراحل الإعدادية، بما في ذلك التوقيع عليها قبل أيام من طرف رئاسة الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية والمغرب.
على صعيد ذي صلة، كان متوقعاً أن تحل الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة الشؤون الخارجية وسياسة الأمن فيديريكا موغيريني، مساء أمس، بالرباط، في زيارة للمملكة المغربية تمتد ليومين، من أجل تعزيز دينامية العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وعلم من مصدر أوروبي أن موغيريني ستجري خلال زيارتها للمغرب سلسلة محادثات مع عدد من المسؤولين السامين المغاربة، وكذا لقاءات مع ممثلين عن المجتمع المدني.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».