تونس: النقابات تدخل في إضراب عام... واضطراب متوقع لحركة الطيران

تحذيرات من توظيف «ميليشيات ومرتزقة» لتشويه التحركات السلمية للعمال

TT

تونس: النقابات تدخل في إضراب عام... واضطراب متوقع لحركة الطيران

وجهت نقابات عمال تونسية، أمس، دعوات لموظفي المؤسسات العمومية والقطاع العام للدخول في الإضراب العام، المقرر يوم الخميس، بدءا من منتصف ليلة أمس، وذلك بعد فشل مفاوضات في اللحظات الأخيرة بين النقابة المركزية للاتحاد العام التونسي للشغل، والحكومة بشأن حلول لأزمة الزيادات في الأجور.
وأصدرت نقابات في قطاعات النقل والطيران والبريد والتعليم، أمس، بيانات بإجراءات الإضراب إلى منخرطيها، والدعوة إلى التجمع أمام المقرات الجهوية للاتحاد العام التونسي للشغل.
وفي هذا السياق قال سامي الطاهري، الأمين العام المساعد للاتحاد، في مؤتمر صحافي أمس: «لقد دعونا عمال الوظيفة العمومية إلى إنجاح الإضراب، ولن تكون هناك جلسة مفاوضات، ولن يكون هناك قرار آخر». وأعلنت شركة الخطوط التونسية عن اضطراب متوقع لسير رحلاتها اليوم. موضحة في بيان لها أنها «ستسعى إلى تأمين رحلاتها الجوية من وإلى المطارات التونسية كافة، حسب الصيغ القانونية المعتمدة في مثل هذه الحالات».
من جانبه، قال كمال سعد، الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل التونسي، خلال مؤتمر صحافي أمس، إن نقابة العمال تنازلت عن سنة بأكملها من الزيادات في الأجور، انطلاقا من منطق المسؤولية في الحفاظ على السلم الاجتماعي، وقدم أرقاما حول التنازلات التي قدمها، ومن بينها عدم التشبث بضرورة تمتع عمال الوظيفة العمومية بثلثي الزيادة، التي حصل عليها أطر القطاع العام، حفاظا على التوازنات المالية للدولة، على حد تعبيره. وبخصوص اللقاء الذي جمع صباح أمس رئيس الحكومة يوسف الشاهد بنور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، في محاولة أخيرة لتفادي الإضراب العام، قال سعد إنه كان «لقاء مجاملة لا غير، ولم يدم أكثر من بضع دقائق، ولم يتناول موضوع الزيادات في الأجور، أو تأجيل الإضراب العام»، مشددا على أن كل طرف تمسك بموقفه المعلن خلال الأيام الأخيرة، وهو ما يعني تنفيذ الإضراب في موعده، نافيا أن تكون هناك جلسة مفاوضات أخرى، وقال إن الحكومة قدمت مغالطات كثيرة بخصوص المفاوضات التي جرت أول من أمس دون أن تسفر عن نتائج إيجابية.
ويشمل الإضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام نحو 650 ألفا من موظفي وأطر الوظيفة العمومية (الوزارات الحكومية)، وقرابة 200 ألف موظف يعملون داخل 120 مؤسسة عمومية تقريبا (كبريات الشركات الحكومية، مثل شركات النقل والكهرباء والغاز والمياه والملاحة البحرية...).
في غضون ذلك، حذر سامي الطاهري، المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل من توظيف «ميليشيات ومرتزقة» للقيام بأعمال تخريب وتهشيم الممتلكات العامة، بهدف تشويه الإضراب العام، وشدد على أن القواعد النقابية المؤيدة للاتحاد ستلتزم بتراتيب الإضراب العام، وستكون تحركاتها الاحتجاجية سلمية، على حد تعبيره.
كما أوضح الطاهري أن الاتحاد سيعقد يوم السبت المقبل هيئة إدارية وطنية للإعلان عن تحركات احتجاجية جديدة قد تصل إلى إعلان الإضراب العام في كل القطاعات الاقتصادية والإدارية. وكان الاجتماع الذي عقد أول من أمس، وجمع خبراء من الحكومة واتحاد الشغل، قد انتهى بدوره بفشل المفاوضات، بعد أن رفض الاتحاد مقترح الحكومة بزيادة 180 دينارا تونسيا، تشمل الناشطين والمتقاعدين، على أن تصرف على قسطين.
في السياق ذاته، نفى إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة، ما تم تداوله حول استثناء المتقاعدين من الزيادات في أجور قطاع الوظيفة العمومية، وقال إن «الزيادات تشمل الناشطين والمتقاعدين... والحكومة لم تفكر أبدا في استثناء المتقاعدين من الزيادات»، محذرا من ظاهرة تخويف التونسيين من الفوضى والعنف، وطالب بضرورة العودة إلى التفاوض والحوار قبل شن الإضراب أو بعده، استجابة للمطالب الاجتماعية المشروعة، مع مراعاة الوضعية المالية للدولة.
ولتجاوز مأزق الحوار بين الطرفين الحكومي والنقابي، قال العجمي الوريمي، القيادي في حركة النهضة، إن الرئيس الباجي قائد السبسي بإمكانه التوسط، ودفع الحوار من جديد لتلافي التبعات الوخيمة للإضراب العام. داعيا الحكومة إلى توضيح مقترحها، وأن تشمل الزيادات أجور المتقاعدين المتضررين بدورهم من تراجع مقدرتهم الشرائية، على حد تعبيره.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.