الأكراد يرفضون «منطقة آمنة» تحت سيطرة تركيا شمال سوريا

عناصر من «وحدات حماية الشعب الكردية» بجانب قوات أميركية في شمال سوريا (أرشيف - أ.ب)
عناصر من «وحدات حماية الشعب الكردية» بجانب قوات أميركية في شمال سوريا (أرشيف - أ.ب)
TT

الأكراد يرفضون «منطقة آمنة» تحت سيطرة تركيا شمال سوريا

عناصر من «وحدات حماية الشعب الكردية» بجانب قوات أميركية في شمال سوريا (أرشيف - أ.ب)
عناصر من «وحدات حماية الشعب الكردية» بجانب قوات أميركية في شمال سوريا (أرشيف - أ.ب)

أعلن أكراد سوريا اليوم (الأربعاء)، رفضهم لاقتراح إقامة «منطقة آمنة» تحت سيطرة تركية على طول الجانب السوري للحدود بين البلدين، فيما أكدت موسكو أن شمال سوريا يجب أن يخضع لسيطرة النظام. 
وقال القيادي الكردي الدار خليل لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «يمكن رسم خط فاصل بين تركيا وشمال سوريا عبر استقدام قوات من الأمم المتحدة تابعة للأمم المتحدة لحفظ الأمن والسلام أو الضغط على تركيا لعدم القيام بمهاجمة مناطقنا»، مضيفاً «أما الخيارات الأخرى فلا يمكن القبول بها لأنها تمس سيادة سوريا وسيادة إدارتنا الذاتية».
من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم، إن قوات النظام السوري يجب أن تسيطر على شمال البلاد وذلك بعد مقترح من الولايات المتحدة لإقامة "منطقة آمنة" تحت سيطرة تركية.
وقال لافروف للصحافيين «نحن على قناعة بأن الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية وقوات الأمن السورية والهياكل الإدارية».

وروسيا حليف لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وقال لافروف إن مستقبل الأكراد يمكن ضمانه تحت سيطرة النظام.

وأضاف لافروف في المؤتمر الصحافي السنوي «نرحب ونؤيد الاتصالات التي بدأت الآن بين ممثلين عن الأكراد والسلطات السورية كي يتمكنوا من العودة إلى حياتهم تحت حكومة واحدة دول تدخل خارجي».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن أمس (الثلاثاء) أن أنقرة مستعدة لإقامة «منطقة آمنة» في شمال سوريا، اقترحها نظيره الأميركي دونالد ترمب.
وجاءت تصريحات إردوغان غداة مكالمة هاتفية مع ترمب في محاولة للتخفيف من حدة التوتر بعدما هدد الرئيس الأميركي بـ«تدمير» الاقتصاد التركي في حال هاجمت أنقرة القوات الكردية في سوريا.
وكانت تركيا رحبت بقرار واشنطن سحب قواتها من سوريا البالغ عددهم نحو ألفي جندي، إلا أن الخلاف مع واشنطن حول مستقبل القوات الكردية في شمال سوريا التي تعتبرها أنقرة «إرهابية» وتدعمها الولايات المتحدة، أثار توترا في العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.
ووصف إردوغان المكالمة الهاتفية التي جرت مع ترمب مساء الاثنين بأنها كانت «إيجابية للغاية»، مضيفاً أن الرئيس الأميركي «تطرق إلى منطقة آمنة بعرض 20 ميلا، أي نحو 30 كلم، سنقيمها على طول الحدود مع سوريا».
ورداً على أسئلة الصحافيين في وقت لاحق أعلن إردوغان أن تركيا ستطلب دعماً لوجستياً من التحالف الدولي المناهض لـ«داعش» والذي يضم نحو 60 بلدا بينها الولايات المتحدة وفرنسا.
وانتزعت «قوات سوريا الديمقراطية»، تحالف فصائل عربية - كردية تدعمه واشنطن، أمس، من تنظيم داعش بلدة السوسة الواقعة في شرق البلاد، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلن المرصد أن «قوات سوريا الديمقراطية» تمكّنت من «السيطرة على كامل بلدة السوسة ومحيطها»، مضيفا أن سيطرة التنظيم باتت تقتصر على «بلدة الباغوز فوقاني»، وعلى «قرى وتجمعات سكنية متصلة معها، تبلغ مساحتها مجتمعة نحو 15 كلم مربعا».
وشن الجيش التركي عمليتين واسعتين في سوريا أطلق عليهما «درع الفرات» في 2016 و«غصن الزيتون» في 2018 لمواجهة المقاتلين الأكراد السوريين وعناصر تنظيم داعش.
لكن العملية الأخيرة هدفت للقضاء على المكاسب التي حققها المقاتلون الأكراد في سوريا الذين يتولون إدارة أجزاء من شمالها منذ عام 2012.
من جهته، أكد المتحدث باسم الرئيس التركي إبراهيم كالين أمس أن هذه «المنطقة ستكون تحت سيطرة تركيا»، موضحاً أن رئيس الأركان التركي سيجتمع مع نظيره الأميركي اليوم، في بروكسل لتحديد «الآليات».
كما أكد أن «السكان المحليين» سيشاركون في إنشاء هذه «المنطقة الآمنة» مقارناً إياها بمناطق مثل جرابلس والباب وعفرين الخاضعة لسيطرة معارضين مدعومين من أنقرة.
وتابع كالين: «حتى إذا لم نستخدم هذا المصطلح، فهناك بالفعل (منطقة آمنة) تحت سيطرة تركيا (...) يمكن بسهولة نقل نموذج مماثل لها إلى الأجزاء الحدودية الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».