«هدير الحجر» معارك من أجل الحفاظ على الآثار

«هدير الحجر»  معارك من أجل الحفاظ على الآثار
TT

«هدير الحجر» معارك من أجل الحفاظ على الآثار

«هدير الحجر»  معارك من أجل الحفاظ على الآثار

«هدير الحجر... التفاصيل السرية لمعركة إنقاذ الآثار»، عنوان كتاب إيهاب الحضري الجديد الذي صدر عن «مؤسسة بتانة»، وخصصه مؤلفه لتوثيق وقائع معارك عديدة في مجال الآثار، خاضها خلال عمله بجريدة «أخبار الأدب» قبل سنوات. ورغم أن الحضري ترك العمل في أخبار الأدب عام 2005 إلا أنه ظل مهموما بمشكلات الآثار، لهذا كان حريصا على جمع نماذج من معاركه في كتاب تزامن مع احتفال الجريدة بمرور ربع قرن على انطلاقها. ولا يعد الكتاب مجرد عملية توثيق، بل يُقدم عبر صفحاته تطبيقات عملية للصحافة الاستقصائية، إذ كشف الكاتب عبر صفحاته عن أسلوب عمله في جمع المعلومات وتدقيقها، وطريقة حصوله على مستندات تعاملت معها وزارة الثقافة - المسؤولة عن قطاع الآثار وقتها - باعتبارها معلومات بالغة السرية.
يفتتح المؤلف كتابه بسرد تفاصيل علاقته مع أربعة مسؤولين كبار تولوا أمانة المجلس الأعلى للآثار، الذي كان تابعا قبل ثورة 25 يناير بمصر لوزارة الثقافة، ثم تحول بعدها إلى وزارة مستقلة للآثار، تولاها عالم الآثار الكبير الدكتور زاهي حواس الذي كان آخر أمين للمجلس الأعلى.
ويؤكد المؤلف أنه اختار نماذج قليلة من تلك التي خاضها، وراعى في اختياره أن تُمثل الحملات فترات زمنية متنوعة، وأن تستعرض مراحل مختلفة من مسار الحضارة المصرية، عبر عصورها القديمة والقبطية والإسلامية.
في الباب الأول «وداعا المسافرخانة»، يتناول الكاتب قصة المبنى الأثري الذي التهمه حريق غامض في العام 1998، وما تزال ملابسات الحادث مجهولة حتى الآن، ويؤكد أن علاقته بالمكان الأثري سبقت الحريق بأكثر من عام، حيث حذر في عدة موضوعات من حرائق صغيرة تهدده بالدمار الشامل، وهو ما حدث بالفعل بعدها. ويتطرق الباب الثاني إلى حملة بدأها الكاتب، ولم تلبث أن أصبحت محورا لأعداد كاملة من «أخبار الأدب»، بعد أن تصاعدت الأحداث فجأة، وكشفت الجريدة محاولات تفتيت متحف الفن الإسلامي، التي اشتعلت حدتها بعد نشر أول تحقيق، حيث اعتمد عدد من كبار المثقفين وعلماء الآثار على مضمونه وصوره، ليقدموا أول بلاغ من نوعه في تاريخ العمل السياسي المصري. وتحت عنوان «أحزان الكنيسة المعلقة» تدور وقائع فصول الباب الثالث، ويحرص المؤلف على الإشارة إلى أن هذه الحملة لم تنطلق من «أخبار الأدب»، لكن دخول الجريدة فيها أدى إلى تغيير مسار الأحداث، وتسبب في انطلاق مشروع الترميم من جديد، رغم أن وزارة الثقافة كانت قد أعلنت الانتهاء من ترميم الكنيسة والاستعداد لافتتاحها! وهو ما ثبت عدم دقته، لدرجة أن الترميم الحقيقي انتهى بعدها بـ14 عاما، ولم يتم الافتتاح إلا في عام 2014!
تستعرض فصول «هنا القاهرة... التاريخية» واحدة من أهم المعارك التي خاضها المؤلف، لأنها استمرت شهورا طويلة، وبلغت ذروتها مع حصول الحضري على تقرير أعده أحد خبراء اليونيسكو حول مشروع ترميم القاهرة القديمة، قبل وصوله إلى وزارة الثقافة نفسها. تبدأ وقائع الباب الأخير «المومياوات بين العبث والعلم» في يناير 2005. عندما تم إخراج مومياء توت عنخ آمون من تابوتها بالأقصر، لإجراء فحص بالأشعة المقطعية لها. وهو الأمر الذي فتح أبواب «معركة الفرعون الذهبي»، ولم يتوقف الأمر عنده بل امتد إلى ما تعرضت له المومياوات المصرية من عبث عبر سنوات، بنشر وقائع اعتبرها الكثيرون مفاجأة من العيار الثقيل، كما يتضمن الباب محاولات الكاتب لإقناع المسؤول الأول عن مشروع فحص المومياوات بالخروج من صمته، وهو ما انتهى بحوار صادم أكد فيه الراحل الدكتور صالح بدير بوضوح أن مشروعه تعرّض للاغتيال!
ويؤكد المؤلف أنه رغم السنوات الفاصلة بين الحملات ونشر الكتاب، إلا أنه يتضمن تفاصيل يتم إعلانها للمرة الأولى، تتعلق بكواليس إدارة الحملات والحصول على المعلومات، بدعم غير مسبوق من الروائي الراحل جمال الغيطاني، مؤسس أخبار الأدب، ورئيس تحريرها لسنوات طويلة.



رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.