باريس لم تعرف الشمس سوى 3 ساعات منذ أول السنة

إذا زرت باريس سائحاً، هذه الأيام، فلا تستغرب من تجهم الباريسيين. وإذا كانت التوتر طبعاً فيهم، بشكل عام، فإنهم معذورون هذه المرة لأن الشمس لم تشرق على العاصمة الفرنسية سوى 3 ساعات و23 دقيقة منذ الأول من الشهر الحالي. جاء هذا في تقرير نشر أمس لمركز الأرصاد الجوية.
بالمقارنة مع أول أسبوعين من العام الماضي، بلغ مجموع الساعات التي أشرقت فيها الشمس على عاصمة النور 20 ساعة و9 دقائق. وبالإضافة إلى ما تسببه حالة الطقس من ضيق وعصبية، فإن الجو الملبد المصحوب بانخفاض في درجات الحرارة وزخات خفيفة يدفع الباريسيين إلى البحث عن رحلات زهيدة الثمن إلى منتجعات قريبة دافئة، مثل مراكش وأشبيلية ومالطا، لا سيما مع اقتراب عطلة الربيع في المدارس.
انتعشت أيضاً، مع موجة الصقيع، مبيعات عدد من السلع الموسمية، مثل المعاطف والقبعات الصوف والقفازات والسراويل الداخلية الطويلة والبطانيات والألحفة والمدافئ الكهربائية وأكياس الماء الساخن التي تستخدم لتدفئة الفراش. وهناك أطباء ينصحون بالتعرض للمصابيح الصناعية التي توفر ضوءاً مشابهاً لأشعة الشمس، على أمل تحسين المزاج.
يرتفع توتر الباريسيين حين يتابعون النشرات الجوية من التلفزيون، ويرون الغيوم الثقيلة والطقس القاتم الذي يتركز في الجزء الأعلى من البلاد، حيث تقع العاصمة، في حين ينعم الجنوب بأيام مشمسة ودافئة نسبياً، لا سيما عند سواحل المتوسط. وهكذا تبدو خريطة فرنسا مقسومة إلى قسمين: رمادي في الشمال وبرتقالي في الجنوب، ولا تنفع معها ابتسامات مذيعات النشرة الجوية ولا وعودهن بتحسن المناخ في الأيام التالية.
يطلق الفرنسيون على سوء الأنواء الجوية مصطلح «طقس الكلب». كما يستخدمون لوصف هبوط حالتهم النفسية عبارة «المعنويات في الجوارب». وتخصص الصحف مساحات لوصفات مجربة لمواجهة المناخ الرمادي، مع نصائح يقدمها أطباء نفسيون معروفون. ونشرت صحيفة «ليبيراسيون» حديثاً مع ميشال لوجوايو، أستاذ طب الأعصاب في جامعة «باريس ـ ديدرو»، أكد فيه وجود حالة من الاكتئاب العام الذي يصيب رجالاً ونساءً من كل الأعمار، لكنها لا تبلغ حد المرض، ولا تنفع معها الأدوية. مع هذا، يقصد كثيرون الصيدليات بحثاً عن عقاقير وأعشاب طبيعية لرفع الحيوية والنشاط. ولوجوايو هو مؤلف كتاب بعنوان «الفصول الأربعة للمزاج المعتدل»، وفيه يقدم نصائح للاحتفاظ بشعور من الارتياح حتى في فترات الزمهرير أو القيظ. ويحذر الطبيب من الحل الأسهل، أي ملازمة البيت والتمدد فوق الأريكة والتنصل من الواجبات، ويؤكد أن الحركة أفضل للمزاج من السكون. وتشاركه في هذه الوصفة زميلته فلورنس سيرفان شرايبر، المتخصصة في النفسية الإيجابية وصاحبة كتاب «3 متع في النهار»، حيث تنصح بممارسة نشاط جسماني يتناسب وطاقة كل فرد. وهي تقول إن الحركة تحفز إفراز الأندروفين والدوبامين وغيرها مما يسمى بـ«هورمونات السعادة».
وإذا كان الطقس الثلجي يترافق مع الرغبة في المشروبات الساخنة والمأكولات الدسمة، فإن المتخصصين يحذرون من الإفراط فيها، خصوصاً الكحوليات. لكنهم يسمحون بحصص من الشوكولاته لاحتواء الكاكاو على التيوبرومين، وهي مادة تساهم في تحفيز الدماغ لتحقيق الاكتفاء وطرد الشعور بالضيق.