ظريف في كردستان العراق بحثاً عن مهرب من العقوبات

مسعود البارزاني مستقبلاً جواد ظريف في أربيل أمس (أ.ف.ب)
مسعود البارزاني مستقبلاً جواد ظريف في أربيل أمس (أ.ف.ب)
TT

ظريف في كردستان العراق بحثاً عن مهرب من العقوبات

مسعود البارزاني مستقبلاً جواد ظريف في أربيل أمس (أ.ف.ب)
مسعود البارزاني مستقبلاً جواد ظريف في أربيل أمس (أ.ف.ب)

شهد إقليم كردستان العراق خلال اليومين الماضيين نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، تمثل في زيارة وزيري خارجية فرنسا وإيران اللذين أجريا محادثات مكثفة ومنفصلة مع زعيم الحزب الحاكم رئيس الإقليم السابق مسعود البارزاني، ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها نيجيرفان البارزاني المرشح لرئاسة الإقليم، ورئيس وكالة الاستخبارات مسرور البارزاني المكلف تشكيل الحكومة الجديدة.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان الذي أمضى ليلة أول من أمس في أربيل، أن بلاده «ستبقى إلى جانب إقليم كردستان، وستواصل تقديم الدعم العسكري والسياسي له، وعازمة على توثيق وتطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية مع الإقليم ودفعها قدماً». وأضاف في مؤتمر صحافي عقده قبيل مغادرته أربيل، صباح أمس، أن زيارته للإقليم «ودية، وتأتي للتأكيد على أن باريس تثمن عالياً تضحيات الشعب الكردي وقوات البيشمركة في حربها ضد مسلحي تنظيم داعش الإرهابي طوال السنوات الأربع الماضية».
وشدد على أن بلاده «ستواصل دعمها قوات البيشمركة بالوتيرة السابقة نفسها»، مشيراً إلى أن «تحقيق الاستقرار في العراق والمنطقة والقضاء على الإرهاب يتطلبان احترام خصوصيات مكونات وأطياف الشعب العراقي كافة، واحترام مكانة وخصوصية إقليم كردستان على وجه التحديد».
وقال لودريان إن «فرنسا ستواصل مساندة الشعب الكردي، وتتطلع إلى تعزيز أواصر العلاقات الاقتصادية والثقافية مع إقليم كردستان، بموازاة رغبتها الجادة في الإسهام في عمليات الإعمار بالعراق». وتابع أن «علاقات بغداد وأربيل تحسنت كثيراً، سيما بعد الانتخابات التشريعية في العراق والإقليم وتشكيل حكومتيهما الجديدتين، وتسود أجواء ملائمة لاستئناف الحوار البناء بين الطرفين».
وفي ما يتعلق بالأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، قال الوزير الفرنسي إنها «جيدة من حيث إن تنظيم داعش لم يعد مسيطراً على مساحات من الأرض في سوريا والعراق، رغم أنه ما زال موجوداً في المنطقة، ومن ناحية أخرى الأوضاع معقدة وغامضة بسبب الخشية من تدهورها مجدداً، لا سيما إذا لم يتم إيجاد حلول سياسية شافية للوضع القائم في شمال غربي سوريا».
ووصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أربيل من بغداد، صباح أمس، على رأس وفد اقتصادي كبير ضم أكثر من 40 مستثمراً ورجل أعمال. وبعد سلسلة مباحثات مقتضبة مع المسؤولين في الإقليم، حضر الوزير الإيراني أعمال الملتقى الاقتصادي الذي عقدته غرفة التجارة والصناعة في الإقليم، بمشاركة مندوبين عن أكثر من 70 شركة كردية وإيرانية. وقال في كلمة له إن «طهران وأربيل اتفقتا على إقامة منطقة صناعية مشتركة بين الجانبين، والعلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والجمهورية الإسلامية الإيرانية وطيدة العرى، ولا يمكن لأي طرف النيل منها».
وخاطب رجال الأعمال الحاضرين بالقول إن «العقوبات الأميركية المفروضة على إيران لن تؤثر على أنشطتكم التجارية والاقتصادية، ويمكن للجميع الاعتماد على إيران التي هي شريك مؤتمن وموثوق به، لا سيما بالنسبة إلى إقليم كردستان».
وأشاد رئيس حكومة الإقليم المنصرفة نيجيرفان الالبارزاني بالعلاقات «التاريخية والمصيرية» مع إيران. وقال: «إضافة إلى علاقاتنا التاريخية المشتركة، هناك حدود جغرافية مشتركة أيضاً تمتد لنحو ستمائة كيلومتر، ونحن ممتنون لرجال الأعمال والمستثمرين الإيرانيين الذين واصلوا العمل وإنجاز المشروعات في الإقليم».
وبعدها توجه الوزير الإيراني إلى مدينة السليمانية لحضور ملتقى اقتصادي مماثل، قبل أن يعود إلى بلاده.
ويرى مراقبون أن الوزير الإيراني يسعى إلى إيجاد منفذ اقتصادي مع الإقليم ومع العراق، في محاولة عسيرة للتخفيف من وطأة العقوبات الاقتصادية الأميركية الخانقة التي بدأت تنهك الاقتصاد الإيراني وأسفرت خلال فترة قصيرة عن إفلاس عشرات الشركات الإيرانية وأصحاب رؤوس الأموال.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.