أكراد سوريا قلقون من تهديدات أنقرة وحذرون من التفاوض مع دمشق

تمثال لباسل الأسد في ساحة مطار القامشلي (الشرق الأوسط)
تمثال لباسل الأسد في ساحة مطار القامشلي (الشرق الأوسط)
TT

أكراد سوريا قلقون من تهديدات أنقرة وحذرون من التفاوض مع دمشق

تمثال لباسل الأسد في ساحة مطار القامشلي (الشرق الأوسط)
تمثال لباسل الأسد في ساحة مطار القامشلي (الشرق الأوسط)

على وقع التهديدات التركية بشن عملية عسكرية شرق الفرات، وبدء الانسحاب الأميركي، وترحيب الخارجية السورية بالحوار مع الأكراد، تختلج سكان مدينة القامشلي مشاعر متباينة. كثير منهم يخشى تداعيات هجوم عسكري على غرار الهجوم التركي على عفرين بداية 2018، فيما يشكك آخرون بجدية المباحثات المزمع عقدها مع النظام. ويرى آخرون أنّ الانسحاب الأميركي سيعيد رسم حدود مناطق التماس.
ورحبت «حركة المجتمع الديمقراطي» أبرز الكيانات السياسية التي تدير الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، بتصريحات الخارجية السورية، واصفة إياها بالإيجابية وتريد إبرام اتفاق سياسي مع دمشق.
وتريد الحركة تفعيل قنوات الاتصال برعاية روسية مع دمشق، للخروج من المفاوضات بنتائج عملية، بحسب غريب حسو الرئيس المشترك لحركة «tev - dem»، وقال: «نحن مع الحوار السوري - السوري، ذهبنا صيف العام الماضي دون شروط، حافظنا على وحدة الأراضي السورية، وقمنا بواجبنا الوطني في محاربة الإرهاب، والوقوف في وجه الاحتلال التركي وتهديداته».
وأضاف حسو أنهم مع الحل السياسي وجادون في الحوار، «لكن بالحفاظ على هياكل الحكم الذاتي الموجودة في شمال شرقي البلاد وتمثيلها السياسي»، مضيفاً أنه في حال توصل الطرفان إلى اتفاق شامل واعتراف دستوري بالإدارة الذاتية، «ستكون قوات سوريا الديمقراطية جزءاً من منظومة الجيش السوري تدافع عن حدود الدولة، وستشارك في العمليات العسكرية في باقي المناطق مثل إدلب وحماة وريف حلب».
وعند تقاطع سوق القامشلي المركزية، وقف شفان الرجل الأربعيني أمام بسطة يبيع البزورات والموالح والسكاكر، كان يحمل هاتفه الجوال طوال الوقت يتابع عبر شاشته الأخبار المتسارعة، بدت علامات الحيرة على وجهه، وقال: «قدمنا 15 ألف قربان في الحرب ضد المجموعات المتطرفة؛ (داعش) و(النصرة)، هزمنا هذه الجهات المتشدّدة، قمنا بحماية المنطقة، لكن اليوم نقف متفرجين وحائرين ونشاهد كيف خذلنا العالم وأميركا».
وأثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، سحب نحو ألفي جندي أميركي نشروا في سوريا لمكافحة تنظيم داعش، صدمة واستياءً بين الأوساط الكردية. لكن حزب الاتحاد الديمقراطي السوري أحد أبرز الأحزاب السياسية التي تدير مناطق شرق الفرات، لم يتفاجأ بالقرار. وقال شاهوز حسن الرئيس المشترك للحزب: «ترمب أعلن سابقاً سحب قوات بلاده لأكثر من مرة، لكن الذي لم نتوقعه هو توقيت الانسحاب»، واعتبر أنّ الأجندة الأميركية حيال سوريا بحسب تصريحات كبار مسؤولي الإدارة الأميركية كانت تركزت على 3 نقاط استراتيجية؛ إنهاء «داعش» وتحجيم دور إيران في سوريا، وأخيرها تحقيق التسوية السياسية، مضيفاً: «هذه الأمور كلها لم تحدث، إنما زاد عليها التهديد التركي بشن هجوم ضد المناطق المحررة من (داعش)، على يد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، وقرار ترمب خلط الأوراق بالنسبة لجميع القوى المؤثرة في الحرب السورية».
وتباينت الآراء والمواقف بين سكان القامشلي حول مجريات الأحداث المتسارعة في المنطقة. إذ لم يخفِ البعض خشيته من عودة الأجهزة الأمنية للنظام، بينما يرى آخرون أنّ الحرب ستكون كارثية على الجميع وستجلب الفوضى والدمار. يقول جكرخين (47 سنة) الذي يعمل في مجال التجارة، إن تجربة مدينة عفرين ومناطق درع الفرات بريف حلب الشمالي وإدلب غرب سوريا شاهدة للعيان، «ماذا تفعل الحرب هناك غير فوضى السلاح والخراب والنزوح؟ يجب البحث عن جميع الفرص للخلاص من شبح الحرب».
أما سوزانا (27 سنة) الطالبة الجامعية، فنقلت أن كثيراً من سكان المدينة مطلوبون ويخشون حتى العبور من المربع الأمني للنظام بالمدينة، «إما لخدمة الجيش أو أنهم ملاحقون لنشاطهم المعارض، ماذا سيكون مصير هؤلاء؟!».
لكن شاهوز حسن أوضح: «نحن نتحدث عن مفاوضات بضمانات دولية، هذا لا يعني عودة النظام وأجهزته الأمنية، نتحدث عن خريطة طريق تمهد للبدء في مفاوضات الحل السوري الشامل، واعتراف دستوري بهياكل الحكم الذاتية».
في شوارع المدينة وتقاطع أزقتها ومداخلها الرئيسية، تحولت الشاخصات المستخدمة سابقاً للإعلانات التجارية، إلى ألبومات صور ضمت مئات ضحايا المقاتلين الأكراد الذين سقطوا في المعارك ضد تنظيم داعش. وخلال أيام الأسبوع الماضي، جابت مسيرات مناهضة للتهديدات التركية، شاركت فيها عائلات ضحايا الوحدات الكردية ورفعوا صور أبنائهم الذين قتلوا في هذه المعارك، حيث تتعلق الخلافات بين أنقرة وواشنطن حول «وحدات حماية الشعب» الكردية، ففي حين تعتبرها تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور لديها ويخوض تمرداً مسلحاً جنوب شرقي تركيا منذ 34 عاماً، تدافع عنها الولايات المتحدة لدورها الكبير في قتال «داعش»، إذ هددت أنقرة مراراً خلال الأسابيع القليلة الماضية بشن هجوم واسع ضد الوحدات في شرق الفرات.
وتتوزع الجماعات السياسية الكردية بين 3 أطر رئيسية؛ أولها: حركة المجتمع الديمقراطي، ويعد حزب الاتحاد الديمقراطي السوري أحد أبرز الأحزاب الذي أعلن الإدارة الذاتية بداية 2014 في 3 مناطق يشكل فيها الأكراد غالبية سكانية، وتعد «وحدات حماية الشعب» الكردية جناحه العسكري. أما الإطار الثاني فيتمثل بالمجلس الوطني الكردي المعلن نهاية 2011، ويعمل في الائتلاف الوطني السوري المعارض وعضو في الهيئة العليا للتفاوض المعارضة، ويمثل سياسياً قوة «بيشمركة روج أفا»، وهذه القوة ينتمي أفرادها للمناطق الكردية في سوريا، لكنها تأسست وموجودة في إقليم كردستان العراق. أما التحالف الوطني الكردي ويشكل الإطار الثالث فمؤلف من أحزاب وقوى سياسية مقربة من الإدارة الذاتية وشاركت في انتخاباتها المحلية، فيما يعمل الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي خارج هذه الأطر.
ويقول سليمان أوسو رئيس حزب يكيتي الكردستاني: «نحن بالمجلس الكردي اخترنا طريق المفاوضات الشاقة ضمن أطر المعارضة السورية برعاية أممية، نؤمن منذ بداية الأزمة بالحل السياسي، ونرفض العنف وعسكرة المجتمع وهو خيار استراتيجي لنا»، منوهاً بأنه لم يسبق لأي طرف كردي أن طرح حل القضية الكردية خارج الإطار الوطني». وشدد على أنّ قوة «بيشمركة روج» منشقون عن الجيش السوري ممن رفضوا قتل السوريين، «تطوعوا للدفاع عن شعبهم، تدربوا في كردستان العراق وحاربوا تنظيم داعش الإرهابي في مدن شنكال والموصل، ومن الطبيعي أن يعودوا إلى مناطقهم ويكونوا جزءاً من القوة الأمنية»، وربط عودتهم بتوافق كردي ودولي وإقليمي.
ويطالب المجلس الوطني الكردي «المعارض» بالاعتراف الدستوري بالهوية القومية الكردية، وبالشعب الكردي الذي يعيش على أرضه التاريخية، كما يدعو إلى تحقيق اللامركزية السياسية في الحكم في سياق وحدة الأراضي السورية، وعدم التمييز القومي والديني والطائفي.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».