الأمم المتحدة تنتظر موقف الأردن بشأن استضافة «لجنة الأسرى» اليمنيين

TT

الأمم المتحدة تنتظر موقف الأردن بشأن استضافة «لجنة الأسرى» اليمنيين

في الوقت الذي تأمل الأطراف اليمنية ألا تلقي التداعيات الأخيرة في شأن ملف الحديدة بظلالها على بقية الملفات الأخرى، ومنها تبادل الأسرى والمعتقلين، أفاد مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أمس بأنه لم يتلق موافقة السلطات الأردنية على عقد لقاءات ممثلي الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية في عمّان بشأن متابعة تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين. وجاء ذلك في وقت أكدت مصادر حوثية مطلعة أمس في صنعاء مغادرة ممثلي وفد الجماعة الحوثية إلى عمان استعداداً لاستكمال النقاشات مع الجانب الحكومي، وسط غموض لا يزال حتى الآن يلف هذا الملف لجهة التضارب بين المعلومات المقدمة من الجانبين حول أعداد الأسرى والمعتقلين لدى كل طرف.
وقال مكتب المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» إن الحكومة الأردنية لم توافق بعد على عقد اجتماع للجنة متابعة تنفيذ اتفاق الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين. وكان رئيس لجنة الأسرى والمعتقلين في الجانب الحكومي هادي هيج توقّع في وقت سابق أن تبدأ الاجتماعات مع ممثل الحوثيين (غداً) الأربعاء، في العاصمة الأردنية عمّان من أجل حسم الخلاف حول القوائم المقدمة من كل طرف تمهيداً لتنفيذ الاتفاق القاضي بإطلاق كافة الأسرى والمعتقلين.
وبحسب ما أوردته المصادر الحكومية اليمنية أنكرت الجماعة الحوثية وجود آلاف الأسماء المقدمة من الجانب الحكومي، زاعمة أنها أسماء وهمية أو مكررة أو لمسجونين على ذمة قضايا إرهابية وجنائية فضلا عن عدم إفادتها بأي معلومات حول المئات من المعتقلين الآخرين لديها، ومن ضمنهم اللواء فيصل رجب والقيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان. وقدم الفريق الحكومي المفاوض في السويد الشهر الماضي لائحة تضم أكثر من 8500 معتقل غالبيتهم ممن اختطفتهم الجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها من المدنيين والناشطين والسكان الذين تزعم أنهم موالون للحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها. وشرعت الجماعة الحوثية في عقد محاكمات في صنعاء في محكمة أمن الدولة التابعة لها، للعشرات من الواقعين في قبضتها من الناشطين والصحافيين، الذين مر على اعتقال بعضهم نحو أربع سنوات بعد أن وجهت لهم تهما تستوجب الإعدام بحكم القانون اليمني.
وكان الاتفاق بين الجماعة الحوثية والحكومة اليمنية نص على تنفيذه على خمس مراحل من حيث تبادل كشوف الأسرى والمعتقلين والمفقودين، والرد عليها، وصولا إلى اللوائح النهائية، خلال مدة ستة أسابيع من انتهاء مشاورات السويد في 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ومن المقرر أن تتولى اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإشراف على تنفيذ الاتفاق ونقل المعتقلين المفرج عنهم جوا من صنعاء إلى سيئون والعكس، بعد أن تم التوافق على جعل المطارين نقطتين لتجميع الأشخاص الذين سيتم الإفراج عنهم على دفعات. وتقول الحكومة اليمنية إنها حريصة على إنجاح اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين، وتقديم كل التنازلات بشأن هذا الملف لجهة أنه ملف إنساني بحت وليس له علاقة بالملفات السياسية والأمنية الأخرى.
من جهتها قدمت الجماعة الحوثية خلال المشاورات قوائم تضم نحو 7500 شخص، غير أن الجانب الحكومي يؤكد أن أغلب الأسماء المقدمة من قبل الجماعة هي لأشخاص قتلوا أثناء المعارك في مختلف جبهات القتال.
ويخشى متابعون للشأن اليمني أن يؤدي التعنت الحوثي في نهاية المطاف إلى عرقلة تنفيذ هذا الاتفاق كما فعلت الجماعة مع الملف الخاص بالحديدة، إذ ترفض حتى الآن الانسحاب من الميناء والمدينة وإعادة الانتشار بموجب الخطة التي اقترحها رئيس المراقبين الدوليين ورئيس اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار باتريك كومارت. واتهمت الجماعة كومارت بعدم الحياد، وطالب المتحدث باسمها، محمد عبد السلام، المبعوث الأممي غريفيث بالتدخل، فيما هدّد قادة في الجماعة بطرد الجنرال الأممي في تأكيد من الجماعة على رفض المقترحات الخاصة بإعادة الانتشار والإصرار على إفشال اتفاق السويد.


مقالات ذات صلة

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي لقاء نسوي حوثي في صنعاء حول مهام الزينبيات في شهر رمضان (إعلام حوثي)

رمضان... موسم حوثي لتكثيف أعمال التعبئة والتطييف

تستعد الجماعة الحوثية لموسم تعبئة وتطييف في شهر رمضان بفعاليات وأنشطة تلزم فيها الموظفين العموميين بالمشاركة وتستغل المساعدات الغذائية بمساهمة من سفارة إيران.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مضامين طائفية تغلب على رسائل الشهادات العليا في جامعة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين (إكس)

انقلابيو اليمن يعبثون بالشهادات الجامعية ويتاجرون بها

أثار حصول القيادي الحوثي مهدي المشاط على الماجستير سخرية وغضب اليمنيين بسبب العبث بالتعليم العالي، بينما تكشف مصادر عن تحول تزوير الشهادات الجامعية لنهج حوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي القوات اليمنية نجحت بشكل محدود في وقف تدفق المهاجرين الأفارقة (إعلام حكومي)

15 ألف مهاجر أفريقي وصلوا إلى اليمن خلال شهر

رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية للحد من الهجرة من «القرن الأفريقي»، فإن البلاد استقبلت أكثر من 15 ألف مهاجر خلال شهر يناير الماضي.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».