لماذا لغة شكسبير أهم من لغة موليير؟

«بريكست» يوقظ طموحات الفرنكوفونيين

ماكرون في القمة الفرنكوفونية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: الإنجليزية أصبحت لغة استهلاك أما الفرنسية فهي لغة ابتكار
ماكرون في القمة الفرنكوفونية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: الإنجليزية أصبحت لغة استهلاك أما الفرنسية فهي لغة ابتكار
TT

لماذا لغة شكسبير أهم من لغة موليير؟

ماكرون في القمة الفرنكوفونية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: الإنجليزية أصبحت لغة استهلاك أما الفرنسية فهي لغة ابتكار
ماكرون في القمة الفرنكوفونية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: الإنجليزية أصبحت لغة استهلاك أما الفرنسية فهي لغة ابتكار

«فوائد قوم عند قوم مصائب»... قد ينطبق هذا المثل على وضع الثقافة في كل من فرنسا وبريطانيا في عهد «بريكست». فبينما تشهد الأوساط الثقافية البريطانية بتحسر العواقب الأولى لخروجها من المجموعة، تحلم فرنسا بعودة قوية للغة الفرنسية بعد خروج البريطانيين ومكانة الريادة في سوق التحف الفنية.
- «لماذا تكون لغة شكسبير أهم من لغة موليير؟»، هذه الملاحظة، التي رد بها جان كلود جونكر رئيس اللجنة الأوروبية على الحاضرين بعد أن طالبوه بإلقاء كلمته باللغة الإنجليزية بدل الفرنسية، تعبر وحدها عن حجم تضايق الفرنكوفونيين من هيمنة اللّغة الإنجليزية، ومثله فعل السفير الفرنسي فيليب لكليز كوستا الذي غادر مرة اجتماعاً مهماً احتجاجاً على استعمال اللغة الإنجليزية لغة وحيدة للاتصال.
على أن هذه الأحداث ليست سوى الشجرة التي تخفي الغابة، فقصّة المنافسة بين القطبين الفرنكوفوني والأنجلوسكسوني قديمة، وأمام تراجع الفرنسية في أوروبا، لا سيما في دول كرومانيا بلغاريا وروسيا لصالح الإنجليزية، فإن الترويج للغة موليير قد قفز لمستوى جديد في عهد «بريكست».
حتى قبل الخروج الرسمي لبريطانيا المتوقع في شهر مارس (آذار) المقبل، تم الشروع في سلسلة من الإجراءات بعضها ذات دلالة قوية، كإعلان الرئيس الفرنسي أخيراً منح بلاده دروس لغة فرنسية إضافية لموظفي المجموعة نوعاً من سياسة ملء الفراغ بعد انسحاب البريطانيين. على أن الأهم هو ما سيتم العمل عليه في إطار المنظمة الدولية للفرنكوفونية، حيث تم الإعلان في القمة الأخيرة عن خطة طموحة تضم 33 مقترحاً «لاستعادة نفوذ اللغة الفرنسية في العالم». التركيز سيكون على تكثيف نشاط شبكات تعليم اللّغة المعروفة بـ«الرابطة الفرنسية» أو «أليانس فرنساز»، وهي النواة الأولى للترويج للغة الفرنسية في العالم بمضاعفة عددها الحالي الذي يصل إلى 500 مدرسة وعدد تلاميذها 350 ألف مع مطلع عام 2050 والارتقاء باللغة الفرنسية من المرتبة الخامسة إلى الثالثة عالمياً.
خطوة مهمة أمام التنبؤ بارتفاع مرتقب لعدد الفرنكوفونيين الشباب في العالم، لا سيما في أفريقيا بفعل الانفجار الديموغرافي وكذا في آسيا تحديداً في الصين، أين يُقبل كثير من الشباب على تعلمها (120 ألف حسب المنظمة الفرنكوفونية) مدفوعين بفرص الاستثمار في أفريقيا. الاهتمام نفسه باللّغة الفرنسية موجود عند الكوريين، أين تتطور اللّغة الفرنسية في هذا البلد بنسبة 30 في المائة سنوياً، حسب المنظمة الفرنكوفونية. مركز الصدارة المؤكدة للإنجليزية لا يعني أن الوضعية حرجة بالنسبة للغة الفرنسية، بل إن الأرقام الرسمية تشير إلى تطور مستمر: 30 مليون ناطق جديد باللغة الفرنسية منذ 2014 وعدد إجمالي يقدر بـ300 مليون فرنكوفوني في العالم.
كما تشير الأرقام الرسمية إلى أكثر من 750 مليون ناطق بالفرنسية في مطلع عام 2070. علماً أن وزيرة الثقافة الفرنسية كانت قد أعلنت مع بداية السنة أن ميزانيتها التي تصل في عام 2019 إلى 3 مليارات يورو ونصف المليار لن تترك دعم الفرنكوفونية جانباً هذه المرة، إذ إن جزءاً منها سيخصصّ لتحويل قصر فرنسي عريق هو قصر «فيلير كوتوري» لـ«مختبر الفرنكوفونية». المكان الذي أراده الرئيس الفرنسي «رمزاً قوياً» هو من أقدم المعالم الفرنسية، حيث تم فيه إمضاء أول نص قانوني يؤسس اللغة الفرنسية لغة للإدارة والدولة بدل اللاتينية عام 1553، كما استقبل بين جدرانه أقطاب الأدب والشعر كموليير، وغابليه وألكسندر دوماس. القصر الذي سيكلف ترميمه نحو 200 مليون يورو يمتد على مساحة 90 ألف متر مربع، وسيرى النور مع مطلع عام 2022، على أن يُخصص لاحتضان مشاريع ثقافية فكرية وفنية لمبدعين من كل أطياف الفضاء الفرنكوفوني. الجديد أيضاً هو تعيين الروائية الحائزة على الكونغور عام 2016 ليلى سليماني سفيرة خاصة للفرنكوفونية لتكون الوجه الجديد للمنظمة اللغوية؛ وجهاً أكثر تعددية وأكثر انفتاحاً على العالم، بعيداً عن عقد الماضي الاستعماري.
الرئيس الفرنسي الذي كان قد صرح بأن اللغة الفرنسية قد «كسرت قيودها مع ماضي فرنسا» يريد تغيير نظرة البعض لهذه المجموعة التي توصف أحياناً بأنها ليست إلا «حجّة لتمديد قيود المُستعمرة القديمة»، وهو السبب نفسه الذي تستحضره الجزائر مثلاً لتبرير رفضها الانضمام للمنظمة الفرنكوفونية على الرغم من الـ12 مليون جزائري الناطقين بالفرنسية.
الكاتبة تأمل بأن ترقى الفرنسية للمراتب الأولى بشرط أن تتغير نظرتنا لها: «الكثير ينظر للفرنسية على أنها (لغة نخبوية) مقتصرة على فئة ضيقة من المثقفين لارتباطها بالثقافة والفنون دوناً عن المجالات الحيوية الأخرى كالتكنولوجيا والعلوم، وقليلٌ من يراها لغة براغماتية عصرية تُستغل لإيجاد فرص عمل جديدة، هذا غير صحيح وعلينا كسر هذه الصورة الخاطئة». المنظمة الفرنكوفونية حسب توصيات الخطّة الجديدة ستدعم بحوثاً ودراسات أكاديمية، كما سيتم توظيف أساتذة جدد مع إنشاء «مؤتمر جديد للكتاب»، سابقة أولى من نوعها كان المفروض إنشاؤها منذ 50 سنة - حسب الرئيس الفرنسي - لجمع كل الكتّاب والناشرين للتفكير في وضع لغتهم والدفع بالمبدعين الفرنكوفونيين إلى الأمام، لكن مع احترام مبدأ «التعددية» التي تميز هذه اللغة، فالفرنكوفونية كما صرح الروائي اللبناني أمين معلوف في اليوم العالمي للفرنكوفونية «ليست قضية منافسة من أجل المرتبة الثانية أو الثالثة في العالم، بقدر ما هي معركة من أجل نشر قيم ومبادئ إنسانية مشتركة».
سوق التحف الفنية هي المجال الآخر الذي سيعرف تغييرات بسبب «بريكست»، والمعروف أن بريطانيا تحتل الصدارة في سوق الفن الأوروبية والمرتبة الثالثة عالمياً بنسب تتراوح بين 15 و20 في المائة، لكن الأوضاع قد تتغير في عهد «بريكست». الأرقام الأخيرة التي نشرها موقع «أرت برايس» تشير إلى تطور ملحوظ لسوق الفن بفرنسا وصل إلى نسبة 81 في المائة في الثلاثي الأخير من هذه السنة، وهي نسبة جيدة لم يسجلها الفرنسيون من قبل. إيريك لوند صاحب معرض «دبليو» في حوار مع صحيفة «نيويورك تايمز» أكد أن أكثر من 10 في المائة من المجمعين الذين يزورون معرضه هم من البريطانيين، وبعضهم يفكر فعلاً في الانتقال لفرنسا وبلجيكا، لأن الظروف المحيطة بنشاطات سوق التحف الفنية لم تعد مناسبة بعد التغير الذي سيطرأ على سوق الفن قريباً.



الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
TT

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)
الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح. وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث لأنه يدفعنا إلى «إزالة أي تهديدات» وتحقيق أهدافنا، وفقاً لصحيفة «التلغراف».

وأوضح الأكاديمي، وهو أستاذ في علم الأعصاب والنوم في مستشفى كينغز كوليدج في لندن، أن الغضب يمكن أن يخدم «غرضاً مفيداً للغاية» ويمكّن من تحقيق نتائج أكثر ملاءمة.

وفي حديثه ضمن بودكاست Instant Genius، قال الدكتور ليشزينر إن هرمون التستوستيرون يلعب دوراً رئيساً في ذلك، حيث يستجيب الهرمون - الذي تشير بعض الدراسات إلى أنه مرتبط بالعدوانية والغضب - للنجاح.

وتابع «لذا، إذا فزت في رياضة، على سبيل المثال - حتى لو فزت في الشطرنج الذي لا يُعرف بشكل خاص أنه مرتبط بكميات هائلة من العاطفة - فإن هرمون التستوستيرون يرتفع... تقول إحدى النظريات إن هرمون التستوستيرون مهم بشكل أساسي للرجال على وجه الخصوص لتحقيق النجاح».

«شعور مهم»

وحتى في العالم الحديث، لا يزال الغضب يشكل حافزاً مهماً للنجاح، بحسب ليشزينر، الذي أوضح «إذا أعطيت الناس لغزاً صعباً للغاية لحله، وجعلتهم غاضبين قبل أن تقدم لهم هذا اللغز، فمن المرجح أن يعملوا عليه لفترة أطول، وقد يجدون فعلياً حلاً له... لذا، فإن الغضب هو في الأساس عاطفة مهمة تدفعنا إلى إزالة أي تهديدات من هدفنا النهائي».

وأشار إلى أن المشكلة في المجتمعات البشرية تكمن في «تحول الغضب إلى عدوان».

لكن الغضب ليس العاطفة الوحيدة المعرضة لخطر التسبب في الضرر، حيث لاحظ أن مشاعر أخرى مثل الشهوة أو الشراهة، قادرة على خلق مشكلات أيضاً. وتابع «كلها تخدم غرضاً مفيداً للغاية، ولكن عندما تسوء الأمور، فإنها تخلق مشكلات».

ولكن بخلاف ذلك، إذا استُخدمت باعتدال، أكد الدكتور أن هذه الأنواع من المشاعر قد يكون لها بعض «المزايا التطورية».