عمل روائياً وتسليمه «هدية» من البرازيل... ماذا تعرف عن «القاتل القذر»؟

فيديو من الداخلية الإيطالية قبل القبض على باتيستي

سيزاري باتيستي خلال وصوله إلى إيطاليا (أ.ف.ب)
سيزاري باتيستي خلال وصوله إلى إيطاليا (أ.ف.ب)
TT

عمل روائياً وتسليمه «هدية» من البرازيل... ماذا تعرف عن «القاتل القذر»؟

سيزاري باتيستي خلال وصوله إلى إيطاليا (أ.ف.ب)
سيزاري باتيستي خلال وصوله إلى إيطاليا (أ.ف.ب)

وصل الإرهابي اليساري السابق سيزاري باتيستي، الذي ظل هارباً لنحو أربعين عاماً، إلى إيطاليا، اليوم (الاثنين)، حيث سيتم نقله إلى أحد سجون روما لقضاء عقوبة بالسجن مدى الحياة.
وحضر كل من وزيري الداخلية ماتيو رينزي والعدل ألفريدو بونافيدي لمطار «روما شيامبينو» للإشراف على نزول باتيستي من طائرة حكومية قادمة من بوليفيا.
وخرج باتيستي من الطائرة مرتدياً سترة بنية اللون، يحيط به ما لا يقل عن عشرة من قوات الشرطة.
وكان تم توقيف باتيستي في بلدة سانتا كروز السبت الماضي، بعد عملية مشتركة من قوات الأمن البرازيلية والإيطالية.
وكان باتيستي (64 عاماً) عضواً في جماعة «البروليتاريين المسلحين من أجل الشيوعية»، وهي جماعة إيطالية متطرفة. وأدانته محكمة إيطالية غيابياً في عام 1993 بارتكاب أربعة اغتيالات سياسية في سبعينات القرن الماضي.
وتم إلقاء القبض على باتيستي عام 1979، وتمكن من الهرب من السجن عام 1981، وأمضى سنوات هارباً في المكسيك وفرنسا، قبل أن يتمكن من الهرب إلى البرازيل في عام 2004.
وهرب باتيستي من العدالة في البرازيل بعد أن أمر قضاة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي باعتقاله، وأعلن الرئيس جاير بولسونارو، المنتخب حديثاً، عزمه تسليمه إلى إيطاليا كـ«هدية صغيرة».
وحسب «بي بي سي»، فإن باتيستي كان قد اختفى في البرازيل فور صدور مذكرة التوقيف الشهر الماضي.
وهبط باتيستي اليوم من طائرة من طراز «فالكون 900» في مطار شيامبينو بإيطاليا.
وقال وزير الداخلية الإيطالي للصحافيين قبل هبوط الطائرة، إنه «رغم أن ضحايا هذا القاتل القذر لن يعودوا إلى الحياة، فعلى الأقل فإن العدالة قد تحققت بعد 40 عاماً».
وكانت الشرطة الإيطالية قد أظهرت فيديو عبر حسابها على «تويتر» يظهر باتيستي قبل لحظات من القبض عليه.
https://twitter.com/poliziadistato/status/1084393126964482048
وذكرت الهيئة البريطانية أن باتيستي قضى سنوات في البرازيل لاجئاً، وذلك بدعم من الرئيس اليساري السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، لكن ألغي وضعه لاجئاً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما صدر أمر الاعتقال.
ولدى باتيستي ابن في البرازيل يبلغ من العمر خمس سنوات، وقال باتيستي في عام 2017 إنه سيواجه «التعذيب والموت» إذا عاد إلى إيطاليا.
وقد اعترف باتيستي بانتمائه إلى «البروليتاريا الشيوعية المسلحة»، لكنه ينفي مسؤوليته عن جرائم القتل، ويصف نفسه لاجئاً سياسياً.
ويعد باتيستي أشهر الهاربين من فترة عنيفة في التاريخ الإيطالي الحديث في السبعينات والثمانينات، وتعرف هذه الحقبة باسم «سنوات الرصاص»، في إشارة للعدد الكبير من الرصاص الذي أطلق.
وكان باتيستي يرتدي نظارة شمسية ولحية مزيفة من أجل تجنب القبض عليه، وفقاً لصحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية.

وانضم باتيستي إلى مجموعة مقاتلين يساريين إيطاليين أثناء وجوده في فرنسا، الذين حصلوا على الحماية الرسمية من الرئيس الفرنسي الاشتراكي آنذاك فرنسوا ميتران، وكانت فرنسا في تلك الوقت ملاذاً آمناً للمسلحين اليساريين من إيطاليا الذين تخلوا عن ماضيهم العنيف.
وكان قد بدأ باتيستي مهنة أخرى في فرنسا ككاتب، ونشر عدة روايات عن الجريمة.
لكن في عام 2004 تغير الوضع السياسي في فرنسا، ولم يعد المسلحون السابقون يتمتعون بالحماية. ولتجنب التسليم، انتقل باتيستي إلى المكسيك ولاحقاً إلى البرازيل.
وقد ألقت السلطات البرازيلية القبض عليه في عام 2007 وسُجن، ما دفع الحكومة الإيطالية إلى تقديم طلب آخر لتسليمه.
ورفض الرئيس لولا دي سيلفا هذا الطلب - في آخر يوم له في منصبه - وهي خطوة أثارت غضب إيطاليا، التي سحبت سفيرها.
وتم إطلاق سراح باتيستي من السجن في البرازيل عام 2011، وتمتع بحماية نسبية حتى نجاح بولسونارو في الانتخابات في نهاية العام الماضي.


مقالات ذات صلة

القضاء البريطاني يدين بالقتل والدَي طفلة توفيت جرّاء الضرب

أوروبا الطفلة البريطانية الباكستانية الأصل سارة شريف التي قضت بفعل الضرب في أغسطس 2023 (متداولة)

القضاء البريطاني يدين بالقتل والدَي طفلة توفيت جرّاء الضرب

أدان القضاء البريطاني والدَي الطفلة الإنجليزية الباكستانية الأصل سارة شريف التي قضت بفعل الضرب في أغسطس 2023 بعد تعرضها لسوء المعاملة على مدى سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا نساء أيزيديات يرفعن لافتات خلال مظاهرة تطالب بحقوقهن والإفراج عن المختطفين لدى تنظيم «داعش» المتطرف في الموصل بالعراق... 3 يونيو 2024 (رويترز)

السجن 10 سنوات لهولندية استعبدت امرأة أيزيدية في سوريا

قضت محكمة هولندية بالسجن عشر سنوات بحق امرأة هولندية أدينت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بإبقائها امرأة أيزيدية عبدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
الولايات المتحدة​ مقر وزارة العدل الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

السلطات الأميركية بصدد إغلاق «نادي الاغتصاب» لقلة الموارد المالية

ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن المكتب الفيدرالي للسجون بصدد إغلاق سجن النساء التابع له، المعروف بـ«نادي الاغتصاب»، في كاليفورنيا بشكل دائم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مقتبسة من الفيديو الذي يظهر الهجوم (رويترز)

مقتل الرئيس التنفيذي لإحدى أكبر شركات التأمين الصحي في أميركا بالرصاص

أعلنت الشرطة مقتل الرئيس التنفيذي لشركة «يونايتد هيلث كير»، إحدى أكبر شركات التأمين الصحي في الولايات المتحدة، بالرصاص خارج فندق في مانهاتن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الطاهي البريطاني تومي بانكس مع صورة لشاحنته المسروقة (صفحته على «إنستغرام»)

طباخ بريطاني يحثّ سارقيه على التبرّع بالطعام المسروق للمحتاجين

ناشد طاهٍ بريطاني سُرقت شاحنته المحمّلة بالطعام سارقيه أن يقدّموا الطعام الموجود بالشاحنة للمحتاجين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.