البشير يؤكد أن مشكلة السودان اقتصادية والعمل جارٍ على حلها

الرئيس السوداني عمر البشير (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير (أ.ف.ب)
TT

البشير يؤكد أن مشكلة السودان اقتصادية والعمل جارٍ على حلها

الرئيس السوداني عمر البشير (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير (أ.ف.ب)

أكد الرئيس السوداني عمر البشير، أن بلاده ستبقى موحدة وآمنة ومستقرة رغم كل المشكلات، وذلك مع استمرار المظاهرات في السودان، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والمناهضة للحكومة.
وقال البشير في خطاب ألقاه اليوم (الإثنين) في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور: «إن هناك مشكلة اقتصادية وسنعمل على حلها»، مضيفاً أن حلها لن يكون «بالنهب والحرق والتخريب»، وأن «تغيير الحكومة يمكن فقط عن طريق الشعب وصندوق الانتخابات».
كما توجه البشير في كلمته بالشكر إلى مصر، قائلاً: «نشكر إخواننا في مصر على وقفتهم معنا وأرسلوا وفداً رفيعاً، ورئيسهم صرح: نحن مع السودان».
كذلك أعرب البشير عن شكره لجنوب السودان وإثيوبيا وتشاد على وقوفها مع السودان.
ودعا الرئيس السوداني الحركات المسلحة إلى الانضمام إلى السلام والحوار الوطني.
واتسعت رقعة المظاهرات المناهضة للحكومة السودانية لتشمل منطقة دارفور، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، بعدما دعا منظمو الاحتجاجات إلى مسيرات في أنحاء البلاد ضد الرئيس عمر البشير.
والمظاهرات في دارفور هي الأولى التي يشهدها الإقليم غرب البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات في 19 ديسمبر (كانون الأول)، إثر قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.
واتسعت رقعة المظاهرات مذاك بشكل متسارع، لتتحول مسيرات في أنحاء البلاد باتت تعتبر أكبر تهديد يواجه البشير منذ تسلمه السلطة قبل ثلاثة عقود.
وفي خطوة تصعيدية، دعا منظمو الاحتجاجات السودانيون إلى الخروج في مظاهرات شبه يومية في أنحاء البلاد ضد البشير، الأسبوع المقبل، في إطار ما سموه «أسبوع الانتفاضة لإسقاط النظام».
وقال شهود عيان لوكالة الصحافة الفرنسية، إن متظاهرين خرجوا إلى الشوارع في حي بحري في العاصمة، قبل أن تسارع شرطة مكافحة الشغب لتفريقهم.
وتشير السلطات إلى أن 24 شخصاً على الأقل قتلوا منذ بدء الاحتجاجات، .
والجمعة، قال الاتحاد الأوروبي إن قوات الأمن السودانية استخدمت «الذخيرة الحية» ضد متظاهرين، ما أدى إلى سقوط قتلى، فيما حمّل البشير ومسؤولون سودانيون «عملاء» و«خونة» مسؤولية أعمال العنف.
وأمس، رفع المتظاهرون في الخرطوم علم السودان إلى جانب لافتات كتب عليها «سلام، عدالة، حرية»، وهو الشعار الذي استخدم مراراً في الاحتجاجات.
وقال شهود عيان، إن عناصر الشرطة كانت تطارد المحتجين في شوارع وأزقة حي بحري في الخرطوم.
ويمزق العنف دارفور الذي تعادل مساحته مساحة فرنسا، منذ 2003، عندما حملت أقليات عرقية متمردة السلاح في وجه الخرطوم، متهمة إياها بتهميشها اقتصادياً وسياسياً.
وأفادت تقارير بتنظيم مظاهرات في مدينة ود مدني، وفي قرى أخرى من ولاية القضارف الزراعية، الواقعة في شرق السودان، والتي تعاني من الفقر.
وتشير المجموعات الحقوقية إلى أن السلطات السودانية أوقفت أكثر من ألف شخص منذ اندلعت الاحتجاجات الشهر الماضي، بينهم قادة في المعارضة وناشطون وصحافيون، إلى جانب متظاهرين.
وأثارت حملة السلطات الأمنية انتقادات بريطانيا وكندا والنرويج والولايات المتحدة، التي حذرت الخرطوم من «تداعيات» ما تقوم به على العلاقات مع حكوماتها.
ورغم أن رفع سعر الخبز كان السبب الرئيسي للاحتجاجات، فإن السودان يواجه أزمة اقتصادية تفاقمت العام الماضي وسط نقص حاد في العملات الأجنبية.
واتهم البشير وغيره من المسؤولين السودانيين واشنطن بالتسبب في مشكلات البلاد الاقتصادية.
وفرضت واشنطن حظراً تجارياً على الخرطوم في 1997، لم يتم رفعه إلا في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وفرضت قيوداً على السودان في مجال التجارة الدولية والتعاملات المالية.
وتصاعدت حدة أزمة النقد الأجنبي منذ انفصال جنوب السودان في 2011، الذي تسبب في تقلص عائدات النفط بشكل كبير.
لكنّ معارضي البشير يعتبرون أن سوء إدارة حكومته للقطاعات الأهم، وإنفاقها أموالاً طائلة لمحاربة تمرد أقليات عرقية في منطقة دارفور (غرب) وفي المناطق القريبة من الحدود مع جنوب السودان، يتسببان في مشكلات اقتصادية منذ سنوات، حسب قولهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.