السعودية تدعم مكافحة الإرهاب في لبنان بمليار دولار

سعد الحريري: خادم الحرمين الشريفين حريص على وحدة اللبنانيين.. والمساعدة ستخصص فقط للجيش والقوى الأمنية

سعد الحريري لدى حديثه للصحافيين في مؤتمر صحافي عقد في جدة أمس (تصوير: عبد الله آل محسن)
سعد الحريري لدى حديثه للصحافيين في مؤتمر صحافي عقد في جدة أمس (تصوير: عبد الله آل محسن)
TT

السعودية تدعم مكافحة الإرهاب في لبنان بمليار دولار

سعد الحريري لدى حديثه للصحافيين في مؤتمر صحافي عقد في جدة أمس (تصوير: عبد الله آل محسن)
سعد الحريري لدى حديثه للصحافيين في مؤتمر صحافي عقد في جدة أمس (تصوير: عبد الله آل محسن)

أكد سعد الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق لـ«الشرق الأوسط» أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حريص على وحدة اللبنانيين، وعلى تعاونهم لمصلحة الوطن، وإنهاء الشغور الرئاسي، وأن يكون هناك رئيس جمهورية بأسرع وقت ممكن، لافتا أن هناك تعطيلا من قبل فريق سياسي معروف، ونحن نحاول أن نتفاوض مع هذا الفريق لإنهاء المشكلة.
وأضاف الحريري «أن الملك عبد الله ينظر إلى لبنان بنظرة عامة للمنطقة، من خلال أعماله في مصر والعراق وسوريا، واليمن، والتي تعيش حالة من الفتن، إذ تلعب المملكة دور الاستقرار والاعتدال، في مواجهة إيران التي تشوه صورة أهل السنة وأنهم متطرفون، وما تقوم به المملكة من مواقف مع كافة المسلمين تؤكد أن أهل السنة معتدلون».
وكان سعد الحريري، أعلن في الساعات الأولى أول من أمس، أن الملك عبد الله بن عبد العزيز، أمر بتقديم دعم عاجل للجيش والأمن الوطني للبناني بمبلغ مليار دولار، كمساعدة ولتعزيز إمكاناتهما للمحافظة على أمن واستقرار لبنان.
وقال الرئيس الحريري، بأنه فور تلقي هذا الدعم من خادم الحرمين الشريفين، سيباشر على الفور بإجراء اتصالات برئيس الحكومة والوزارات والإدارات العسكرية والأمنية اللبنانية، والعودة معها إلى البرامج والخطط والمشاريع التي تلبي بالدرجة الأولى الحاجات الملحة للجيش والأجهزة الأمنية.
وأشار إلى أن المساعدة التي أقرها خادم الحرمين واضحة ومحددة وهي مخصصة للجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية التي يقع على عاتقها مواجهة الحملة الإرهابية، وملاحقة المسلحين وبؤر التطرف في كل مكان.
وأضاف، في كلمة استهل بها المؤتمر الصحافي، الذي عقد أمس في جدة: «الوطن في خطر، والمسؤولية الوطنية تفرض علينا إعلان النفير العام، واستنفار كل الجهود والإمكانات لمواجهته ورده إلى نحور أصحابه والقائمين عليه، ولبنان اليوم يعيش هذا الخطر، ويواجه هجمة إرهابية غير مسبوقة، عملت على خطف بلدة عرسال وأسر أهلها ومهاجمة المراكز العسكرية والأمنية المتواجدة فيها».
وعد أن هذا الأمر «لعنة نزلت على لبنان، ومن المستحيل على الكبار والشرفاء والأحرار في أمتنا أن يقفوا منها موقف المتفرج، وأن لا يقرنوا أقوالهم بالفعل، فيبادروا إلى نصرة لبنان وجيشه ومؤسساته الأمنية الشرعية، ويتخذوا القرار السليم في الوقت المناسب».
وأضاف: «ها هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يعلن الوقوف مع لبنان في مكافحة الإرهاب وفلوله المسلحة، ويضع خطابه التاريخي الذي وجهه قبل أيام موضع التنفيذ تأكيدا للصرخة التي أطلقها، منبها ومحذرا من تنامي الإرهاب وقصور المجتمع الدولي عن مكافحته، ودعوته القادة والعلماء إلى الوقوف في وجه الإرهابيين الذين شوهوا صورة الإسلام ونقاءه وصفاءه وإنسانيته، وألصقوا به كل الصفات السيئة بأفعالهم وطغيانهم، ويحاولون اختطاف الإسلام وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف والكراهية والإرهاب»، مستطردا «من هذا المنطلق وجه خادم الحرمين الشريفين وحرصا من مقامه الكريم على حماية لبنان ودعم مؤسساته، وجه بتقديم دعم فوري للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائر القوى الأمنية الشرعية، قوامه مليار دولار يخصص لرفد الدولة اللبنانية بالإمكانات التي تتيح لها دحر الإرهاب ورده على أعقابه».
وردا على ما أفرزه تدخل حزب الله في سوريا، من وضع مأساوي في عرسال، قال الحريري «لا شك أن دخول حزب الله للساحة السورية والمشاركة في القتال، كان له ردة فعل سيئة عند اللبنانيين وعند الثوار في سوريا، ومن ضمن ردة الفعل ما حصل من تفجيرات في لبنان، وكنا نحذر من هذا التدخل دائما، والحالتان جريمة سواء من تدخل حزب الله في سوريا، وما قام به الإرهابيون تجاه العسكريين اللبنانيين الذين كانوا يحمون وعلى مدار ثلاث سنوات اللاجئين من سوريا على الحدود اللبنانية».
وعن نتائج الدعم الذي تقدم به خادم الحرمين الشريفين في وقت سابق والمقدر بـ3 مليارات دولار، قال رئيس وزراء لبنان الأسبق، أولا فإن الثلاثة مليارات كانت لتأهيل الجيش اللبناني، وهذا الموضوع يحتاج إلى وقت، والجيش اللبناني لديه القدرة على حماية لبنان رغم محاولات البعض في التقليل من دور الجيش، موضحا أن مشكلة الجيش في الوقت الراهن ضعف التسليح.
وحول الجدول الزمني في تنفيذ برامج الدعم، قال سعد الحريري: «أكرر شكري لخادم الحرمين الشريفين، الذي رأى أن المخطط الذي يحدث في لبنان والمنطقة، جريمة كبيرة، وارتأى أن يساعد لبنان بهذا المبلغ السخي، وستتم المساعدات للجيش، والقوى الأمنية أو أي جهة أمنية شرعية، تطالب بدعمها في حوائج فورية لمكافحة الإرهاب، ستكون هذه المبالغ جاهزة لشراء ما تحتاجه هذه الأجهزة، ومهمتنا تسريع عملية الدعم، وهو توجه من خادم الحرمين الشريفين، بدعم الجهات الأمنية، خاصة فيما يتعلق بالذخائر».
وعن مشاركة حزب الله القتال مع الجيش في عرسال، نفى سعد الحريري، مشاركة الحزب الجيش اللبناني في صد الإرهابيين، وأن حزب الله هو المسؤول عما يجري حاليا في عرسال، وأضاف: «لا شك أن دخول جهة لبنانية ما للساحة السورية، سيعطي ردة فعل من الإرهابيين».
وحول المخاوف من وصول السلاح لحزب الله أثناء عملية دعم الجيش، أكد سعد الحريري، أنه تاريخيا الجيش اللبناني لم يفقد أي قطعة سلاح حتى خلال الحرب الأهلية، سواء الأسلحة التي اشترتها الدولة أو التي منحت من بعض الدول، وهناك بعض الدول تضع شكوكا، وذلك بهدف عدم تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة الثقيلة ومنها صواريخ دقيقة، وتاريخيا لم ينتزع أحد السلاح من الجيش اللبناني.
وعن التخاذل الدولي حول الوضع في لبنان، عد المسؤول اللبناني السابق: «إن لبنان في عين العاصفة، فالمشاكل التي تحصل في سوريا، والانقسامات التي تحدث، وخاصة النظام المجرم لبشار الأسد الذي يذبح السوريين، واللبنانيين على حد سواء، والمشاكل التي نشهدها اليوم بسبب نظام بشار الأسد، وتخاذل المجتمع الدولي في إسقاطه، ولو أراد المجتمع الدولي التخلص من بشار، كان من السهل القيام بذلك، إلا أن التخاذل يدفع ثمنه لبنان ودول المنطقة».
وأضاف: «إن المجتمع الدولي وقف معنا في الكثير من الأوقات وفي بعض المراحل ولكن مشكلتنا هي مشكلة المنطقة ككل، والتدخل الإيراني في سوريا ولبنان، والعراق وهو واضح ومعلوم لدى الجميع ونحن نقاوم هذا وندفع الإرهاب الذي يدخل للبلاد. ونحن نقاوم هذا التدخل».
وكان الحريري عقد مؤتمرا صحافيا في قصر خادم الحرمين الشريفين بجدة وأكد الدعم السعودي للبنان في هذه المرحلة التي تعيشها بلاده، وقال: «الدعم مهم جدا، خاصة في هذه المرحلة التي تمر فيها لبنان، المرحلة التي يحارب فيها داعش والإرهابيين الذين هجموا على مدينة عرسال وعلى الأراضي اللبنانية»، مثمنا دعم خادم الحرمين الشريفين والمملكة العربية السعودية وشعبها.
وردا على سؤال عن الحالة في لبنان أشار إلى أن بلاده تعيش أياما صعبة جدا «خاصة أنه من دون رئيس جمهورية حاليا»، وقال: «الذي حصل هو هجوم إرهابي على أفراد من الجيش بعد الإمساك بأحد الإرهابيين الكبار، والآن يتم التفاوض على إخراج العسكريين الذين في قبضة الإرهابيين حاليا، وخروج المسلحين من مدينة عرسال ومن لبنان»، مشددا، أن التفاوض صعب «خاصة أن التعامل يتم مع أناس هم أصلا إرهابيون».
وإجابة على سؤال حول الموقف العالمي المتخاذل من إطلاق المركز المتخصص في مكافحة الإرهاب الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين، قال سعد الحريري «لا شك أن المنطقة كلها مستهدفة» مبينا أن «خادم الحرمين الشريفين منذ عشر سنوات كان يستشرف المستقبل والذي يمكن أن يحصل في المنطقة، ورأى هذا المشروع إلى أين يمكن أن يصل، أطلق هذه المبادرة من عشر سنوات حتى ينهي هذه الحالة ولكن بعد عدة محاولات لتفعيل هذا المركز لم يحصل، فكان خطاب خادم الحرمين الشريفين قبل عدة أيام يحمّل المجتمع الدولي ويحمّل الأمة الإسلامية ويحمّل المشايخ والعلماء مسؤوليتهم أمام دينهم، أمام أمتهم، أمام العرب. فهذا الأمر لا يمكن أن يتركوه، خاصة أن خادم الحرمين الشريفين لم يتركه يستشري في العالم العربي».
وأضاف: «رأيتم دعم المملكة لمصر ودعمها للثوار السوريين ودعمها اليوم للبنان، كل هذا يعني حماية لمن؟ حماية للإسلام، لهذا الدين الحنيف، حماية للاعتدال، وأيضا حماية المملكة العربية السعودية من دخول التطرف لهذا البلد الآمن إن شاء الله».
وعمن يستفيد من هذا الدعم السعودي في لبنان، قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق «هذا المبلغ سيصرف على الجيش وقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية اللبنانية لمكافحة الإرهاب»، مشيرا أن «لبنان يمر بمرحلة صعبة الآن، الخطر الراهن هو ما يحصل في عرسال وهناك آلاف من العائلات تم التعدي عليها من هؤلاء الإرهابيين، فيجب أن نتكاتف جميعا نحن اللبنانيين، ونشكر خادم الحرمين الشريفين على هذا الدعم».
وعن الدعم الفرنسي للبنان قال الرئيس الحريري «استجابت فرنسا، ولكن هذا السلاح للجيش اللبناني لحماية لبنان، وكنا في حاجة إلى تزويد كل الأسلحة وهذا الذي كان عليه الاتفاق الأساسي، وهذا الشيء - كما تعرفون - الأسلحة الثقيلة مثل الدبابات والهيلوكبترات، ومثل هذه تأخذ وقتا حتى يصير فيه اتفاق عليها، وأي نوع وما إذا ممكن يصل في أسرع وقت ممكن، وهناك شيء آخر، وهو مكافحة الإرهاب، لأن الأجهزة الأمنية موجودة في لبنان مثل قوى الأمن الداخلي والأمن العام وغيره والجيش اللبناني فيه كذلك قوة يجب دعمها لأن هذا الذي يتعامل مع الإرهاب».
وردا على سؤال عن اختلاف الخطاب السياسي في لبنان قال الحريري «هناك إجماع لبناني لدعم الجيش وقوى الأمن الداخلي وكل المؤسسات اللبنانية، ولا شك أن هناك بعض المتعاطفين مع الذي يحصل في عرسال ويريدون أن ينتهي هذا الأمر بشكل سريع جدا، ولكن لا يمكن أن تتفاوض مع الإرهاب، لأن الإرهاب جاء ليقتلك ولم يأت ليتفاوض معك، هو أصلا دخل ليقتلك».
من جانب آخر، ثمن عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية الدعم الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين لتسليح الجيش والقوى الأمنية في لبنان بمليار دولار، حيث أبدى رئيس الجمهورية اللبنانية السابق ميشال سليمان ارتياحه لهذه البادرة الملكية السعودية، مبينا أن ذلك جاء تنفيذا لوعد الملك عبد الله بن عبد العزيز لتلبية الحاجات السريعة للجيش وقوى الأمن اللبنانية في مواجهة الإرهاب الذي تتعرض له الأراضي اللبنانية ولحماية التراب الوطني اللبناني وتأمين استقراره. وشدّد الرئيس سليمان في تصريح صحافي أمس «على أهمية الاحتضان الشعبي للجيش اللبناني الذي عززه الغطاء الحكومي والمواقف الصادرة عن القيادات كافة»، مرحبا بالتضامن الإعلامي الذي من شأنه أن يمنع أي تحريض على مؤسسة الجيش اللبناني فيما تخوض معركتها الشرسة في مواجهة الإرهاب وملاحقة العصابات.
وأشاد عضو جبهة النضال الوطني اللبناني النائب نعمة طعمة بالمساعدة المالية التي أمر خادم الحرمين بتقديمها إلى القوى الأمنية اللبنانية، مؤكدا أنها تصب في خانة حرص السعودية على أمن واستقرار لبنان وهي مظلة تقيه من الإرهاب والشر المستطير المحيط به من كل حدب وصوب.
وقال في بيان صادر عن مكتبه أمس «إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود عبر ما قدمه للجيش اللبناني تنبع من محبته وتقديره للبنان ولكل أبنائه وهذا ليس بالجديد على الملك عبد الله والقيادة السعودية الذين لم يتخلوا عنه في كل المحطات والمحن التي مر بها حيث كانوا وما زالوا بمثابة الشقيق الأكبر إلى جانبه في السراء والضراء».
وأعرب عن امتنانه وشكره لخادم الحرمين الشريفين والقيادة في المملكة لدعمها المستمر للبنان والمؤسسة العسكرية في هذه الظروف الحرجة التي يجتازها والمنطقة بغية مواجهة الإرهاب والدفاع عن أراضيه وحدوده.
وأكد أن مكرمة المملكة العربية السعودية للمؤسسة العسكرية وما سبقها من دعم مماثل تعد الأبرز في سياق تسليح الجيش اللبناني وتطويره وتأكيدا على حرص المملكة لكل ما يرسي الاستقرار في لبنان واستئصال الإرهاب ومكافحته، لافتا الانتباه إلى أن مواقف خادم الحرمين الشريفين كانت بمثابة خارطة طريق لضرب الإرهاب واجتثاثه ولكل ما يرسي السلام والوئام بين الشعوب كافة.
وبدوره، أثنى عضو كتلة «المستقبل» النيابية اللبنانية النائب زياد القادري، على المساعدة التي أمر الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بتقديمها للجيش اللبناني والأمن الوطني لدعم وتعزيز إمكاناته وقدراته للمحافظة على أمن واستقرار لبنان، وقال في تصريح له أمس: «إنها ليست المساعدة الأولى وليست الأخيرة من المملكة العربية السعودية إلى الدولة اللبنانية وهذا هو نوع الدعم الذي يريده لبنان، وهو دعم للمؤسسات الشرعية اللبنانية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».