مصر تستعد لطرح سندات دولية خلال الربع الأول من 2019

الحكومة تعمل على تحسين مناخ الأعمال وحماية المستثمرين

مصر تستعد لطرح سندات دولية خلال الربع الأول من 2019
TT

مصر تستعد لطرح سندات دولية خلال الربع الأول من 2019

مصر تستعد لطرح سندات دولية خلال الربع الأول من 2019

قال وزير المالية المصري، محمد معيط، إن بلاده تعتزم طرح سندات دولية تتراوح قيمتها بين ثلاثة إلى سبعة مليارات دولار في الربع الأول من العام الجاري.
ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن معيط قوله أمس، على هامش مؤتمر للاستثمار بالقاهرة: «لقد أعطتنا الحكومة المرونة لإصدار ما نحتاجه (من سندات) في هذا النطاق»، مضيفا أنها أعطتهم أيضا مرونة فيما يتعلق بعملات الإصدار. وأضاف أن الحكومة تخطط لبيع سندات بعملات متنوعة، بينها الدولار واليورو والين واليوان.
كانت بيانات نُشرت مؤخرا أظهرت تراجع احتياطي النقد الأجنبي لدى مصر خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي بنسبة 4.4 في المائة على أساس شهري، حيث بلغ صافي الاحتياطيات الدولية 42.5 مليار دولار، مقابل نحو 44.5 مليار دولار بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وربطت مصادر التراجع بقيام الحكومة المصرية بسداد التزامات خارجية على مصر لدى إغلاق آخر العام 2018.
وكان الدين الخارجي لمصر ارتفع بشكل قوي خلال الفترة الأخيرة، ليصل إلى 92.6 مليار دولار خلال العام المالي 2018، مقابل 46 مليار دولار في العام المالي 2014.
وبحسب آخر البيانات المتاحة من البنك المركزي المصري، عن مارس (آذار) 2018، فإن نحو 30 في المائة من الدين الخارجي لمصر يبتع مؤسسات تمويل دولية، والتي عادة ما تمنح القروض بفائدة ميسرة، لكن نحو 27 في المائة من هذا الدين يتعلق بديون قصيرة الأجل وسندات وأوراق مالية من ضمنها السندات الدولية.
وبحسب بيانات المركزي فقد زاد حجم إصدارات السندات الدولية (يورو بوندز) الخاصة بمصر من 1.2 مليار دولار في 2016. إلى 11.1 مليار دولار حتى مارس 2018.
ويتزامن توسع الديون الخارجية لمصر مع عدم قدرة الحكومة على زيادة الاستثمار الأجنبي، حيث تراجع صافي الاستثمارات من 7.9 مليار دولار في العام المالي 2017 - 2018، إلى 7.7 مليار دولار في العام المالي التالي. وقبل أيام قال المركزي إن صافي الاستثمار الأجنبي المباشر تراجع إلى 1.1 مليار دولار في الفترة بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) مقارنة مع 1.84 مليار دولار في الفترة الموازية قبل عام.
لكن بنك الإمارات دبي الوطني طرح رؤية متفائلة أمس عن الاقتصاد المصري، حيث قال إن الاقتصاد سيبدأ 2019 «بداية قوية نسبيا»، وذلك في سياق عرضه لارتفاع مؤشر مديري المشتريات في ديسمبر (كانون الأول) إلى 49.9 نقطة مقابل 49.2 نقطة في الشهر السابق، وإن ظل المؤشر أقل من المستوى المحايد (عند 50 نقطة) الذي يفصل بين الانكماش والتوسع في القطاع الخاص غير النفطي، فإن قراءة ديسمبر (كانون الأول) كانت الأعلى في أربعة أشهر.
وبحسب البنك فإن قراءة مؤشر مديري المشتريات في مصر تحسن من 46 نقطة عام 2016، وهو العام الذي شهد إبرام اتفاق على برنامج إصلاح اقتصادي بين مصر وصندوق النقد الدولي، إلى أكثر من 49 نقطة هذا العام.
وفي حين تراجع الإنتاج بوتيرة أسرع في ديسمبر (كانون الأول) مقارنة بنوفمبر (تشرين الثاني) من 49.2 نقطة إلى 48.8 نقطة، فإن الطلبات الجديدة سجلت أعلى قراءة منذ أغسطس (آب)، كما شهد النشاط الشرائي للشركات زيادة حيث سجل المؤشر أعلى قراءة له منذ مايو (أيار).
وتراجع تضخم تكاليف مستلزمات الإنتاج في ديسمبر (كانون الأول)، مسجلا قراءة قياسية منخفضة جديدة، وكان هذا ناتجا عن أبطأ زيادة في أسعار المشتريات في أكثر من ست سنوات. وتراجع معدل التوظيف بشكل متواضع في ديسمبر (كانون الأول) ليكمل بذلك ربع سنة من فقدان الوظائف. بينما استمر نمو الرواتب بشكل ثابت ولكن بوتيرة أضعف من نوفمبر.
وفي غضون ذلك، أكدت الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، أن مصر وجهة اقتصادية للاستثمار لما تتمتع به من الاستقرار الاقتصادي وفرص استثمارية واعدة مدعومة بمناخ أعمال وبيئة تشريعية تتضمن برنامج حوافز للمستثمرين، وخريطة استثمارية متكاملة بها كافة الفرص الاستثمارية في مختلف أنحاء مصر، مما يساعد القطاع الخاص على ضخ المزيد من الاستثمارات.
وجاء ذلك خلال كلمة نصر أمس في مؤتمر الاستثمار بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحضور العديد من الوزراء ونحو 250 مستثمرا مصريا وعربيا وأجنبيا من 100 مؤسسة استثمار عالمية وإقليمية بإجمالي أصول تحت الإدارة تبلغ 5 تريليونات دولار.
وذكرت الوزيرة أن «الحكومة تؤمن بدور القطاع الخاص بالمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، حيث يمثل القطاع الخاص 70 في المائة من الوظائف في مصر»، مشيرة إلى أن التنمية الاقتصادية المستدامة تأتي من التعاون الفعال بين القطاعين العام والخاص، كما رأينا بالفعل في المشروعات العملاقة وقطاع الطاقة. وأوضحت أن الحكومة بقيادة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، تعمل على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل، بما يتضمنه من إصلاحات مؤسسية وتشريعية متكاملة، الأمر الذي من شأنه أن يوفر بيئة مستقرة تعزز الثقة في أداء وقدرة الاقتصاد المصري على جذب الاستثمارات، على نحو يؤدي إلى زيادة معدلات الإنتاجية ورفع تنافسية الاقتصاد المصري، مؤكدة أن الإصلاحات التشريعية لتحسين مناخ الاستثمار لا تتوقف، داعية المستثمرين المشاركين في المؤتمر لتوسيع نشاطهم واغتنام الفرص الاستثمارية المتاحة، موضحة أنه تمت زيادة إجراءات حماية المستثمرين وتعزيز حوكمة الشركات.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.