انتقد مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، أمس، تدخلات بعض الدول في الشؤون الليبية، وضعف المؤسسات السياسية، خلال زيارة لمدينة سبها هي الأولى منذ توليه منصبه، فيما يستعد الجيش الوطني لإطلاق عملية عسكرية «واسعة النطاق» في جنوب البلاد.
ووصل سلامة بشكل مفاجئ إلى مطار تمهنت، أمس، وسط إجراءات أمنية مكثفة، على رأس «اللجنة الخاصة بالجنوب» التي أنشأتها البعثة مطلع العام، وتضم أعضاء يمثلون الجوانب السياسية والإنمائية والإنسانية. وكان في استقباله عدد من ممثلي الأجهزة الأمنية، قبل أن يتوجه إلى سبها للقاء أعيان ومشايخ وأكاديميين وفعاليات محلية من فزان.
وقال المبعوث الأممي في كلمة ألقاها إن ما حصل عام 2011 «لم يكن هو السيناريو الأفضل للتعامل مع الأوضاع في ليبيا»، ورأى أنه «كان يمكن أن يكون هناك سيناريو مختلف من الاهتمام الذي أعقب الأحداث، لكن هذا الاهتمام انخفض. وعلى العكس من ذلك، شهدنا في السنوات الماضية تدخلات من كثير من الدول في الشؤون الداخلية الليبية، ما مس بسيادة ليبيا، وأثار الشبهات حول استقلال البلاد».
ورأى أن ليبيا «بحاجة إلى تعايش مشترك... لكن لسوء الحظ أن المؤسسات التي تحكم هذه البلاد دون المستوى لأسباب عدة، أهمها أن الخلافات تعصف بها، كما ترون في وسائل الإعلام، وفي داخل كل من هذه المؤسسات يغلب الشقاق على المصالحة».
واعتبر أن «هذا صحيح بالنسبة إلى المجلس الرئاسي للحكومة، ومجلسي النواب والأعلى للدولة، لذلك هناك حاجة للتفكير في البحث عملياً عن بدائل»، وأضاف: «أنا لا أتحدث عن أشخاص... هذه المؤسسات لا تعمل من أجلكم، ولا تهتم بكم، ولا تهتم بصورة كافية بالأمن، وتعصف بها الخلافات، وفيما بينها. أنتم لا تستحقون هذا الأمر».
وقال سلامة إن «هناك عدداً من الخطوات الضرورية لزعزعة الأمر الواقع المفروض على هذه البلاد لأنه أمر عقيم وغير صحي، ولا يهتم بالخدمات العامة وشؤون العامة، والمساواة بين المناطق والناس، ولكل هذه الأسباب هذا الوضع غير صحي».
وأضاف: «ستسمعونني عندما أتحدث يوم الجمعة المقبل إلى مجلس الأمن الدولي، وسأقول إن هذه الأمور غير طبيعية وغير صحية، وإن ليبيا تحتاج طبقة سياسية أفضل من تلك الموجودة، وتستحق مؤسسات فاعلة وليس مؤسسات نائمة، مؤسسات تعمل لخدمة الناس وليس الناس في خدمة الزعماء».
وشدد على أنه «يجب أن تلتقي إرادة الليبيين في مؤتمر وطني يعبر فيه الليبيون عن ذلك بوضوح لنقل تلك الرغبة إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي كي يحولها إلى قرارات تفرض على هؤلاء الذين يقومون صباحاً ومساءً على عرقلة كل المحاولات التي نقوم بها لزعزعة هذا الوضع القائم غير الصحي، ولإقامة نظام سياسي يستحقه الليبيون بكل جدارة، وللخروج من هذا الانسداد السياسي».
ودافع عن الترتيبات الأمنية التي أجرتها البعثة الأممية في طرابلس أخيراً، وقال إن «البعثة قامت بدور أساسي لوقف إطلاق النار في طرابلس، وفي الترتيبات الأمنية الجديدة المختلفة جوهرياً عن الترتيبات السابقة، البعثة تقوم بالعمل نفسه في أي مدينة أخرى».
وأشار إلى أن «هناك تغييرات أمنية تجرى على الأرض، وسترون ذلك الأسبوع المقبل»، وأضاف أن «هذا لا يعنى أن عملنا الأمني سيتوقف على طرابلس، لذلك سنسعى جاهدين لوضع ترتيبات أمنية، وللتوسط بين مختلف الفرقاء واللجوء إلى العقوبات وتطبيقها، واللجوء إلى التفاهم متى كان ذلك ممكناً».
وأعلن أن البعثة ستفتتح قبل نهاية الشهر مكتباً لها في بنغازي «وآمل أن يتم فتح مكتب آخر في مدينة سبها قبل نهاية العام الجاري»، معرباً عن استعداد البعثة للتوصل إلى ترتيبات أمنية، والوساطة في المدن كافة متى كانت هناك حاجة إلى ذلك.
ميدانياً، ورغم التزام مكتب القائد العام للجيش، المشير خليفة حفتر، الصمت حيال الأنباء المتواترة عن إطلاق عملية عسكرية في الجنوب ضد جماعات متطرفة وميليشيات تشادية وسودانية خرجت تقارير أخيراً عن انتشارها هناك، فإن «كتيبة طارق بن زياد» التابعة للجيش قالت إن حفتر عقد، مساء أول من أمس، بمقره في الرجمة خارج مدينة بنغازي شرق ليبيا، اجتماعاً مغلقاً «مع قادة وأمراء الكتائب في الطوق الأمني لتطهير الجنوب الليبي».
وأوضحت أنها «نقلت كامل قواتها وأفرادها للجنوب» بتعليمات من حفتر «لمواجهة العصابات التشادية، والعناصر الإرهابية التابعة لتنظيم داعش والقاعدة وبقايا سرايا إرهاب بنغازي»، مشيرة إلى أن قوات الجيش دخلت بالفعل أمس إلى قاعدة تمهنت العسكرية «للبدء في عملية تطهير الجنوب، والقضاء على هذه الجماعات».
كانت «الكتيبة 166 مشاة»، التابعة للجيش الوطني، أيضاً قد أعلنت أنها «بناء على تعليمات المشير حفتر، قامت بنقل كامل عتادها وأفرادها لتنفيذ أمر الموت في جنوب ليبيا ضمن مهمة جديدة». ولم توضح الكتيبة، في البيان المقتضب الذي نشرته عبر صفحتها على «فيسبوك»، مزيداً من التفاصيل. لكن مصادر عسكرية أخرى تحدثت عن وصول المزيد من قوات الجيش للجنوب، إذ أكدت «الكتيبة 276» في «اللواء 73 مشاة» التابع للجيش أنها «انتقلت بأفرادها وعتادها كافة إلى المكان المعلوم لتنفيذ إحدى المهام القتالية، بناء على تعليمات المشير حفتر».
وأعلن الناطق باسم القوات الخاصة التابعة للجيش، العقيد ميلود الزوي، عن وصول قوة التمركزات والبوابات الأمنية، أمس، إلى مدينة سبها، لافتاً إلى تجهيز هذه القوة بإشراف مباشر من رئيس الحكومة المؤقتة في شرق البلاد عبد الله الثني، وبمتابعة وزير الداخلية «لتباشر عملها في المدينة بعد التنسيق مع الأجهزة الأمنية الأخرى»، وأوضح أن «هذه القوة سيكون لها دور فعال في حفظ الأمن والقضاء على الإرهابيين والمجرمين».
سلامة ينتقد من سبها التدخلات في ليبيا
حفتر يجهز الجيش لعملية «واسعة النطاق» في الجنوب
سلامة ينتقد من سبها التدخلات في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة