وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، إلى بغداد في زيارة رسمية للعراق على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى، وكان في استقباله بمطار بغداد نظيره العراقي محمد علي الحكيم. وهذه أول زيارة يقوم بها ظريف إلى بغداد، بعد الإعلان عن تشكيل حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتأتي الزيارة بعد 5 أيام من زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بغداد، ما يعزز فرضية أن لزيارة الوزير الإيراني علاقة بالصراع مع الولايات المتحدة الأميركية والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على طهران وموقف العراق من تلك العقوبات ورغبة طهران في الحصول من بغداد على تطمينات فيما يخص العقوبات.
ولفت أنظار المتابعين أن الخارجية الإيرانية أعلنت عن الزيارة قبل يوم، وتعمدت التقاط صور لوزير الخارجية محمد جواد ظريف أثناء صعوده إلى الطائرة في طهران، ونشرها في وسائل الإعلام قبل وصوله إلى بغداد، ويرون أن الإجراء الإيراني كان متعمداً لإرسال رسالة، مفادها أن زيارات المسؤولين الإيرانيين إلى العراق علنية ومرحب بها، خلافاً لزيارة المسؤولين الأميركيين السرية، مثلما حدث مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى قاعدة «عين الأسد» العسكرية في الأنبار ليلة رأس السنة. كذلك يشير المراقبون إلى أن الزيارة تريد الإيحاء للأميركيين بأن بغداد ليست بعيدة اليوم عن طهران، وأنها ما زالت ضمن حالة التحالف معها.
ولم يصدر عن الخارجية العراقية أي بيان بشأن الزيارة حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لكن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي كان أعلن أول من أمس أن مديري عشرات الشركات الاقتصادية الحكومية والخاصة سيرافقون وزير الخارجية جواد ظريف.
ومن المقرر أن يلتقي ظريف رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس الجمهورية برهم صالح.
واستناداً إلى بيان السفارة الإيرانية في بغداد، فإن الوزير الإيراني سيزور أربيل الثلاثاء المقبل، ويلتقي مع المسؤولين في إقليم كردستان، بعدها يتوجه إلى كربلاء والنجف، ويختتم زيارته إلى العراق يوم الخميس المقبل. كما تشير التقارير إلى أن ظريف سيشارك في المؤتمر التجاري المشترك لرجال الأعمال في كثير من المدن العراقية.
ويرى خبير في العلاقات العراقية - الإيرانية، أن زيارة ظريف تأتي في إطار «الخشية الإيرانية من ذهاب العراق من القبضة الإيرانية، وخروجه من دائرة الضوء الإيرانية إلى دائرة الأحلاف الإقليمية، وذلك كان واضحاً في زيارة رئيس الجمهورية برهم صالح إلى تركيا وحديثه مع رئيسها رجب طيب إردوغان عن تحالف يضم العراق وتركيا وروسيا»، لكنه لا يستبعد أن تأتي الزيارة في «إطار الحديث عن تحالف جديد بين بغداد وطهران ودولة أخرى في ضوء المتغيرات الجديدة على الساحة الدولية».
ويقول الخبير، الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، إن «لدى إيران رغبة في إبقاء العراق حديقة خلفية لها، في ظل صراعها الشرس مع الولايات المتحدة ودولة الإقليم، ولا تريد للعراق أن يتحول إلى دولة مركزية في المنطقة لها سيادتها وسلطتها الكاملة». ويشير خبير العلاقات إلى أن «الزيارة لا تخرج أيضاً عن إطار الحديث عن العقوبات الأميركية ضد إيران وبرنامجها النووي، وهي قضايا تستدعي إبقاء العراق ضمن منطقة رخوة تسير في فضاء الأهداف المركزية للسياسة الإيرانية». كما لا يستبعد أن تستهدف الزيارة «كبح جماح السلطة الجديدة في العراق، ممثلة برئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس الجمهورية برهم صالح، في مسألة الانفتاح على دول الإقليم والعالم، والحرص على عدم خروج العراق من دائرة التعاون القسري مع إيران».
واللافت أيضاً أن الزيارة تأتي بعد أسبوعين من زيارة قام بها إلى العاصمة العراقية رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، التي شهدت تدشين مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين في جميع المجلات السياسية والأمنية والتجارية، ربطها المراقبون في حينه باستعدادات العراق للتكيف مع العقوبات الأميركية على إيران.
ويتفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة، إياد العنبر، حول الأهمية التي تمثلها زيارة ظريف بالنسبة للجانب الإيراني، في ظل العقوبات والحصار الأميركي المفروض على طهران في هذه المرحلة. ويرى العنبر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يبدو غير متقاطع مع المواقف الإيرانية، لكنه لا يريد أن يكون العراق طرفاً في الصراع الأميركي - الإيراني». ويتوقع أن «يستثمر ظريف الزيارة للتذكير بالمواقف الإيرانية من العراق في حربها ضد (داعش)، والمؤكد أنه سيناقش التحديات الناجمة عن العقوبات الأميركية على إيران مع المسؤولين العراقيين».
العقوبات الأميركية على طهران تلقي بظلالها على زيارة ظريف إلى بغداد
مراقبون: الزيارة تستهدف إبقاء العراق في القبضة الإيرانية
العقوبات الأميركية على طهران تلقي بظلالها على زيارة ظريف إلى بغداد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة