إسرائيل تكتشف نفقاً سادساً من لبنان وتعلن انتهاء «درع الشمال»

اعتبرت أنها قضت على تهديد الأنفاق وشددت على متابعة نشاط «حزب الله»

نتنياهو خلال جولة مع قادة الجيش على الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)
نتنياهو خلال جولة مع قادة الجيش على الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)
TT

إسرائيل تكتشف نفقاً سادساً من لبنان وتعلن انتهاء «درع الشمال»

نتنياهو خلال جولة مع قادة الجيش على الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)
نتنياهو خلال جولة مع قادة الجيش على الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)

أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الأحد، أنه اكتشف نفقاً سادساً يمتد من الأراضي اللبنانية إلى الأراضي الإسرائيلية، وأنه بهذا الاكتشاف يستطيع القول إن خطر سلاح الأنفاق لدى حزب الله اللبناني قد تلقى ضربة قاضية وانتهى في هذه المرحلة، وإن عملية «درع الشمال» التي بدأها الشهر الماضي في الجانب الإسرائيلي من الحدود لكشف هذه الأنفاق، قد انتهت. هذا في وقت علقت فيه مصادر لبنانية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، بأن إسرائيل اتخذت مسألة الأنفاق كذريعة لاستكمال بناء الجدار في النقاط الحدودية.
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، رونين مينليس، إنه يستطيع القول الآن باطمئنان إن العمليات التي قام بها الجيش بالسر أو بالعلن، فوق الأرض أو تحت الأرض، تؤكد أن الأنفاق اللبنانية لم تعد تهديداً أمنياً لإسرائيل.
وأكد مينليس أن النفق السادس الذي اكتشفته قواته، هو الأطول والأكبر الذي بناه حزب الله، وهو ثاني نفق يكتشف في قرية رامية اللبنانية. وقد بدأ في أحد بيوت القرية على بعد مئات الأمتار، وانتهى في تخوم إسرائيل، بعد أن تجاوز الحدود ودخل أراضي الجليل عدة عشرات الأمتار. ويصل ارتفاعه إلى مترين وعرضه إلى متر واحد، وعمقه في الأراضي الإسرائيلية 55 مترا. وتوجد فيه سكك لنقل النفايات والعتاد على طول النفق، وأدراج محفورة في الصخر تسمح بالصعود إلى الأرض وكذلك كهرباء وإضاءة. ويبدو أن حفره استغرق وقتاً طويلاً. وأضاف الناطق أن هذا النفق لم يكن جاهزاً لاستخدامه في عمليات عسكرية، «لكنه بدا بمستوى مرتفع جداً».
وقال مينليس إن «قوات سلاح الهندسة في الجيش الإسرائيلي قد قامت بتفخيخ النفق بحيث إنه إذا دخل إليه أحد من الجانب الآخر (اللبناني) فإن حياته ستكون في خطر». وأوضح أن قواته تستعد حاليا لتدمير هذا النفق، كما حصل مع الأنفاق الخمسة التي تم اكتشافها خلال الشهر الماضي. وأضاف أن «كشف هذا النفق ينهي كشف جميع الأنفاق التي تجاوزت الحدود من لبنان باتجاه إسرائيل، وباكتشافه فإننا نستكمل عملية درع الشمال».
وقام نتنياهو، بعد جلسة الحكومة، أمس، بجولة مع قادة الجيش على الحدود اللبنانية، للاطلاع على انتهاء عملية «درع الشمال». وهناك كرر تصريحاته حول سوريا ولبنان.
وكان مسؤول عسكري كبير قد صرح في تل أبيب، في وقت لاحق من صباح أمس، بأن «الجيش الإسرائيلي سيجري تحقيقا في الأيام القريبة المقبلة حول النفق الجديد وبعدها ستنفذ عملية تدميره. وفي موازاة ذلك، نحن نتعقب عدة مواقع في الأراضي اللبنانية التي يحفر حزب الله منها أنفاقا لم تتجاوز الحدود إلى إسرائيل حتى الآن». وأضاف: «سنواصل العمليات الهندسية على طول الحدود وعمليات مراقبة أنشطة حزب الله تحت سطح الأرض. ولكننا نؤكد، لا توجد حاليا بنية تحتية أرضية تسمح بتجاوز الحدود من لبنان إلى إسرائيل. ورغم أن العملية انتهت بالكامل، فإن قوات سلاح الهندسة ستبقى في هذه المنطقة من أجل متابعة الأنشطة في باطن الأرض».
وكان الجيش الإسرائيلي قد بدأ بتنفيذ عملية «درع الشمال»، في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الفائت. ووجهت انتقادات للجيش بسبب وصفها عملية عسكرية، خاصة أن أعمال الحفريات كانت للبحث عن أنفاق جرت في الجانب الإسرائيلي من الحدود. وقالت مصادر عسكرية إنه «منذ بداية العملية لاحظنا توقف نشاط حزب الله تحت سطح الأرض في منطقة الحدود».
ومع إعلان إسرائيل عملية البحث عن الأنفاق قبالة الحدود اللبنانية، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط»، إن إسرائيل تربط مسألة بناء الجدار بالأنفاق، واتخذت مسألة الأنفاق كذريعة لاستكمال بناء الجدار في النقاط الحدودية التي يتحفظ عليها لبنان، وللترويج بأنها تبني الجدار لحماية نفسها من هجمات محتملة لحزب الله. وأضافت أن تل أبيب «تروج بأنها أصرت أكثر من مرة بالطلب من لبنان عبر قنوات الاتصال غير المباشرة، بأن يتخذ لبنان إجراءات على الحدود، لكن لبنان لم يستجب وهو ما اضطرهم لبناء الجدار».
وشددت المصادر على أن «لا تصعيد في المنطقة الحدودية»، مشيرة إلى أن التصعيد «يتوقف على رد فعل (حزب الله) الذي يكرر مسؤولوه تأكيد جاهزيته لرد أي اعتداء إسرائيلي على لبنان».
وترتكب إسرائيل خروقات للأراضي اللبنانية خلال عمليات بناء الجدار، فضلاً عن الخروقات الجوية اليومية وخرق السيادة اللبنانية. وأمس، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية «بأن جيش العدو الإسرائيلي يستكمل أعمال بناء الجدار في الأرض المتنازع عليها في تلة المحافر مقابل بلدة العديسة، كما تواصل جرافات العدو حفر خندق في نقطة التحفظ»، لافتة إلى أن قوات العدو سحبت دبابات الميركافا من محيط ورشة الأشغال قرب نقطة التحفظ في المنطقة المذكورة.
وثمة 13 نقطة حدودية يتحفظ عليها لبنان، وأبلغ الأمم المتحدة بها، وهو ما دفع المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لعدم استكمال بناء الجدار فيها في وقت سابق، عندما بدأت إسرائيل تشييد الجدار الحدودي في يناير (كانون الثاني) 2018. وبعد استئناف إسرائيل لبناء الجدار، قالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان «يستعد لتقديم شكوى لمجلس الأمن بالخروقات التي ترتكبها إسرائيل في المناطق الحدودية المتنازع عليها».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».