محللون: اتفاق السويد ولد ميتاً والأمم المتحدة لا تريد التصريح بفشله

TT

محللون: اتفاق السويد ولد ميتاً والأمم المتحدة لا تريد التصريح بفشله

وصف محللون وسياسيون يمنيون اتفاق السويد بأنه ولد ميتاً، وأن الأمم المتحدة لا تريد التصريح بفشله. وعما إذا كانت التداعيات الأخيرة تعني فشل مشاورات السويد والاتفاق المتمخض عنها بين الحكومة والجماعة الحوثية، أم لا، وصف الباحث والكاتب اليمني ثابت الأحمدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مشاورات السويد «بأنها كانت فاشلة من قبل أن تبدأ»، معتبراً أنها «حلقة من جملة حلقات السلسلة الطويلة في اللعبة الدولية المكشوفة في القضية اليمنية».
وأضاف الأحمدي: «ما يسمى مشاورات السويد جعلت من الحوثي المتمرد على الشرعية الدستورية نداً ونظيراً للشرعية اليمنية، وهذه أول ملامح الإخفاق ومعالم الفشل فيه».
وانتقد الأحمدي «طبيعة النصوص التي صيغت بأسلوب مطاطي، في الاتفاق وهو ما يحتاج - على حد تعبيره - إلى جهد مضاعف لشرح تلك النصوص التي تعمد فيها (المخرج) تلك الصياغة التي تحتمل أكثر من معنى، مع أن الحوثي قادر على تحويرها وتفسير معانيها بما يروق، إذ لا شيء يعوزه في ذلك، فقد حرف تأويل نصوص القرآن الكريم الواضحة، ناهيك بتحريف نصوص مشاورات السويد».
ويرى الأحمدي أن الحوثي «لا يهمه اتفاق من اختلاف، فجناحه العسكري يواصل تنفيذ مشاريعه العملية على أرض الواقع قبل مشاورات السويد وأثناءها وبعدها، في الوقت الذي يراوغ فيه سياسياً بجناحه الدبلوماسي».
وعن هذا التنصل الواضح في تصريحات قادة الجماعة وتهديدهم بطرد الجنرال كومارت، قال الأحمدي: «ما حصل حالة طبيعية أصلاً، ولست مستغرباً من الحوثي أي انقلاب على أي اتفاق، فهو لم يعلن الاتفاق إلا لينقلب أصلاً، وليس ذلك بمستغرب منه».
وعلى ضوء هذه التصريحات الحوثية نفسها، اعتبر الباحث والكاتب السياسي الدكتور فارس البيل، أن «اتفاق السويد انتهى ولم يتحقق منه شيء، وأن الأمم المتحدة لم تشأ أن تعلن ذلك مع أنه ينبغي أن تكون ملتزمة بمدته بحكم أنها مهندسته وراعيته»، ولكنها - بحسب قول البيل - «تغاضت عن ذلك وراحت تخوض في تفاصيل جديدة كما لو أن الاتفاق سارٍ ويجري في خطواته التقدم».
ويرى البيل أن ما حدث حتى الآن «صورة مختزلة لعجز الأمم المتحدة في المشكلة اليمنية، وليس عجزاً بقدر ما هو رغبة في التحكم بمسارات المشكلة اليمنية، ورسم سيناريو معين للمستقبل اليمني».
وأوضح أن الميليشيات الحوثية «ملتزمة بصورتها النمطية، خروقات وتحايل وانقلاب في الأرض على كل حيثيات الاتفاق كعادتها، في حين لا يقدم المجتمع الدولي والأمم المتحدة نحو هذا السلوك الدائم للحوثي سوى مزيد من منح الفرصة والتصفيق لصدق النيات».
ويؤكد الدكتور البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الأمم المتحدة «عجزت عن إلزام الحوثي أو جره لمسار الاتفاق، لكنها بدلاً من ذلك تريد أن تثبت الاتفاق الآن كسلسلة متوالية من الاتفاقات المقبلة، سواء نجحت في ذلك أم لا، المهم أنها تمنع بذلك أي تحرير عسكري مستقبلي للحديدة».
ودعا البيل، الحكومة الشرعية، إلى اتخاذ موقف مغاير وحازم لإنهاء هذه المتاهة بشأن اتفاق السويد، وقال: «عليها ألا توافق على أن يسلب منها حقها في فرض سيادتها ورفع معاناة شعبها».
من جهته، يؤكد وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، عبد الباسط القاعدي، أن اتفاق السويد «ولد ميتاً» على حد تعبيره، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن مآلات هذا الاتفاق.
وقال القاعدي: «الحوثي فسر الاتفاق بما يخدم أجندته المتمردة على المجتمع المحلي والإقليمي والدولي، ونسفه ناطق الحوثي وحبر الاتفاق لم يجف بعد حينما فسره بصورة تبقي الموانئ ومدينة الحديدة بقبضة الميليشيات».
ويعتقد وكيل وزارة الإعلام اليمنية أن «الحوثي لن يفهم إطلاقاً لغة السلام ولن يلتزم بأي اتفاق، إذ إن كل ما يريده هو أن يسلم الحديدة والموانئ من يده اليمنى إلى يده اليسرى».
وكما يقدر القاعدي وفق تصوره، فإن «اتفاق استوكهولم كان مجرد بحث عن نجاح للمبعوث الأممي، لأنه لم يبحث المشكلة من جذورها وحاول تفكيك القضية اليمنية لإحداث اختراق في جدار الأزمة التي أساسها منذ البداية تمرد الحوثي وليس سواه».


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».