الكويت ترسل 40 طنا من المساعدات إلى غزة وتوفد أطباء نفسيين

الهلال الأحمر الكويتي لـ {الشرق الأوسط} : جمعنا 11 مليون دولار من الحكومة والشعب

قريبتا قيادي في حركة الجهاد تبكيان بعد العثور على جثته تحت الأنقاض في غزة  أمس (أ.ب)
قريبتا قيادي في حركة الجهاد تبكيان بعد العثور على جثته تحت الأنقاض في غزة أمس (أ.ب)
TT

الكويت ترسل 40 طنا من المساعدات إلى غزة وتوفد أطباء نفسيين

قريبتا قيادي في حركة الجهاد تبكيان بعد العثور على جثته تحت الأنقاض في غزة  أمس (أ.ب)
قريبتا قيادي في حركة الجهاد تبكيان بعد العثور على جثته تحت الأنقاض في غزة أمس (أ.ب)

في حين يغادر صباح اليوم (الخميس)، أول جسر جوي كويتي يحمل معونات من الهلال الأحمر الكويتي إلى غزة، وسط معوقات تحول دون وصوله مباشرة إلى معبر رفح مثلما كان مقررا له، تستعد الجمعية الطبية الكويتية لترشيح أطباء نفسيين كويتيين للسفر إلى غزة قريبا لمعالجة المنكوبين من الأطفال والآباء والأمهات الذين فقدوا أسرهم في العدوان.
وستصل طائرات الإغاثة العسكرية الكويتية التي ستنطلق من قاعدة عبد الله المبارك الجوية صباح اليوم إلى مدينة الإسماعيلية في مصر ثم تنقل حمولتها البالغة نحو 40 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى معبر رفح عبر ناقلات برية لإيصالها إلى الشريط الحدودي، حيث سيتسلمها ممثلو مكتب الهلال الأحمر الفلسطيني.
وقال نائب رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر الكويتي أنور الحساوي لـ«الشرق الأوسط»: «حاولنا الدخول إلى قطاع غزة لتوصيل المساعدات بنفسنا إلى هناك عبر معبر رفح ولم نتمكن حتى الآن إلا بالطريقة سالفة الذكر وإن كنا نتمنى أن نتمكن من ذلك قريبا ولكننا في المقابل حصلنا على استثناء بإيفاد أطباء نفسيين كويتيين قريبا إلى غزة كجزء من برنامجنا الإنساني».
وأشار الحساوي إلى أن هذه هي الدفعة الخامسة من المساعدات الكويتية إلى غزة لكنها الأولى التي ستصل عبر طائرة إغاثة إنسانية تحمل أدوية ومعدات طبية مدعومة من وزارة الصحة الكويتية بالتعاون مع وزارة الصحة الفلسطينية. وذكر أن المساعدات السابقة اقتصرت على تحويلات مادية إلى مكتب الهلال الأحمر الفلسطيني لشراء الأغذية والمستلزمات الطبية وقطع الغيار من السوق المحلية الفلسطينية إضافة إلى توفير المحروقات لمستشفيات القطاع بعد انقطاع التيار الكهربائي.
وأوضح أنه سبق تزويد المستشفى الأوروبي في خان يونس ومستشفى الشفاء في غزة ومستشفى الخدمة العامة بـ30 ألف لتر من المحروقات.
وقال الحساوي إن «الجمعية مستمرة بدعم صمود أبناء غزة في إطار رسالتها الإنسانية إذ نتابع بقلق تداعيات العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يواجه ظروفا إنسانية أقل ما يقال عنها إنها مأساوية».
وأشاد بتدافع الكويتيين للتبرع لصالح غزة، وقال إن الجمعية تمكنت من جمع مليوني دولار في أربع أيام خلال شهر رمضان فقط، كما أشاد بتعاون الجهات الحكومية ممثلة بوزارة الصحة التي وفرت الأدوية والمستلزمات الطبية من المستودعات الصحية لإرسالها بشكل عاجل إلى غزة.
كما نوه بدور وزارة الدفاع التي وفرت طائرات النقل العسكرية لنقل المتطوعين والتبرعات من قواعدها الجوية، وبوزارة الخارجية التي بذلت مساعيها في مخاطبة السلطات المصرية والفلسطينية لتأمين سير الرحلة واستخراج الموافقات اللازمة لاتمام إجراءات وصولها.
وأشار الحساوي إلى أن جمعية الهلال الأحمر تمكنت من 11 مليون دولار، منها تسعة ملايين دولار من الحكومة الكويتية ومليونا دولار من الشعب الكويتي للتبرع بها إلى غزة من خلال أربع دفعات من المساعدات الغذائية والإغاثية شملت المستشفيات والملاجئ والمساكن.
وبسؤاله عن العدد المتوقع من الأطباء النفسيين الكويتيين الذين سيتوجهون إلى غزة أجاب: «شاركت في الاجتماع الطارئ لجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر المنعقد في العاصمة الأردنية عمان لبحث الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة.
وصدرت عن المؤتمر توصية بضرورة توفير 15 طبيبا نفسيا على الأقل».
وأضاف: «خاطبنا الجمعية الطبية في الكويت على الفور لنرى إمكانية توفير كل العدد من الكويت أو نصفه على الأقل للمساهمة بدور في إعادة تأهيل منكوبي غزة».
جدير بالذكر أن الكويت تمتلك خبرة واسعة في مجال إعادة تأهيل ضحايا الحروب إذ سبق وأنشأت عام 1991 مكتب الإنماء الاجتماعي التابع للديوان الأميري مباشرة وذلك لإعادة تأهيل الكويتيين نفسيا وأسريا واجتماعيا في أعقاب الغزو العراقي في أغسطس (آب) 1990.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.