عودة قتال الكر والفر في أنحاء مختلفة من الأنبار بين «داعش» والقوات العراقية

خبير أمني: طيران الجيش لا يكفي لتعقب أرتال المسلحين وضربها

ضابطان عراقيان يزوران متطوعا أصيب في معارك مع «داعش» في مستشفى بالبصرة أمس (رويترز)
ضابطان عراقيان يزوران متطوعا أصيب في معارك مع «داعش» في مستشفى بالبصرة أمس (رويترز)
TT

عودة قتال الكر والفر في أنحاء مختلفة من الأنبار بين «داعش» والقوات العراقية

ضابطان عراقيان يزوران متطوعا أصيب في معارك مع «داعش» في مستشفى بالبصرة أمس (رويترز)
ضابطان عراقيان يزوران متطوعا أصيب في معارك مع «داعش» في مستشفى بالبصرة أمس (رويترز)

باستثناء القصف المستمر على مدينة الفلوجة من قبل القوات العراقية ومحاولات استهداف قضاء حديثة من قبل مسلحي تنظيم «داعش» فإن باقي مدن محافظة الأنبار المترامية الأطراف تبدو هادئة بعد الضجة التي أثيرت قبل نحو شهر بشأن السيطرة على المنافذ الحدودية مثل القائم مع سوريا وطريبيل مع الأردن.
غير أنه مع استمرار تنظيم «داعش» في فتح جبهات جديدة شمالا باتجاه سنجار وزمار وجنوبا باتجاه جرف الصخر التابعة إلى محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد) فإن بعض مدن وقصبات محافظة الأنبار عادت إلى الواجهة من جديد. ففيما أكدت المصادر الأمنية هناك أن تنظيم «داعش» تمكن من السيطرة على ناحية بروانة غرب الرمادي، فإن مدير شرطة الأنبار الجديد اللواء أحمد أعلن عن تحرير منطقتي البوعيثة والحامضية، داعيا في الوقت نفسه أهالي هاتين المنطقتين النازحين إلى العودة إليهما.
وكان مصدر في شرطة الأنبار أعلن أمس الأربعاء أن «عناصر تنظيم (داعش)، سيطروا على ناحية بروانة التابعة لقضاء حديثة، (160كم غرب الرمادي)، بعد انسحاب القوات الأمنية منها إلى محيط الناحية»، مبينا أن «التنظيم تمكن من الاستيلاء الأسلحة الموجودة في مقرات الجيش والشرطة». وأضاف المصدر أن «اشتباكات عنيفة تجري الآن في محيط الناحية بالقرب من جسر بروانة الرابط بقضاء حديثة، بين قوات الجيش والشرطة والمسلحين».
في سياق ذلك، أعلن قائد شرطة الأنبار أكد أنه «تم بمساعدة قوات الجيش والشرطة والمتطوعين من تطهير منطقتي البوعيثة والحامضية اللتين كانتا تشهدان عمليات قتالية خلال الفترة الماضية»، مشيرا إلى إنه «تم تأمين الوضع فيهما تماما بمن في ذلك فتح المراكز الأمنية فيهما».
من جهته، قال الشيخ غسان العيثاوي، أحد شيوخ ورجال الدين في محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «عناصر تنظيم داعش يحاولون فتح جبهات كثيرة في وقت واحد من أجل إشغال الجهات المسؤولة في منطقة معينة يكون وضعهم فيها صعبا وذلك بهدف فك الاختناق»، مشيرا إلى أن «أغلب العمليات هنا وهناك تقوم بها خلاياهم النائمة التي تنشط أحيانا عندما تجد تراخيا أو تركيزا على مناطق أخرى». وأضاف أن «هذه الاستراتيجية باتت واضحة وأنهم الآن يواجهون موقفا صعبا في الأنبار بسبب قوة الموقف العشائري منهم لأن أساليبهم لم تنطل على أهالي الأنبار بعد أن كانوا ذاقوا منهم الأمرين من قبل».
من جانب آخر، أكد خبير أمني متخصص أن «تنظيم داعش الذي هو وليد القاعدة يعرف جيدا وعلى امتداد السنوات الثمانية الماضية جغرافية وخارطة المناطق الغربية التي يتحرك بها من دون أن يكون مكشوفا تماما». وقال معتز محي الدين مدير المركز الجمهورية للدراسات الأمنية في بغداد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ردا على سؤال بشأن التحركات التي تبدو طبيعية لعناصر داعش وعبر أرتال كبيرة من السيارات والشاحنات وفي طرق صحراوية تبدو مكشوفة، إن «عناصر هذا التنظيم وقبل فتح الحدود بين سوريا والعراق كانوا يختبئون في مناطق صحراوية بعيدة ومترامية الأطراف كما أنهم يتحركون بامتداد جبال حمرين والثرثار وعبر أماكن وطرق بعيدة عن المدن وقد تمكنوا من الاختباء هناك وتأسيس قواعد لهم»، مضيفا أنه «بعد فتح الحدود ودخول أعداد كبيرة منهم من سوريا إلى العراق فإن خطوط تحركهم وإن تبدو مكشوفة، لكن العراق لم يمتلك سلاحا جويا لمعالجتها قبل أن يتسلم الآن بضع طائرات سيخوي روسية، كما أن طيران الجيش لا يكفي لمعالجة هذه التحركات ولا يستطيع تأمين غطاء لمناطق واسعة».
وتابع محي الدين: «الآن قد يكون الوضع مختلفا بعد إرسال خبراء أميركيين بدأوا يحددون مواقع هؤلاء هنا وهناك ويتم استهدافهم بالقوة الجوية أو في طيران الجيش، لكن المعلومات كثيرا ما تكون غير صحيحة، الأمر الذي يسبب قصفا للمدنيين بما في ذلك المستشفيات والمنازل». ويقول محيي الدين إن «المسألة المهمة الأخرى هي أن المسلحين في الوقت الذي يتحركون فيه في مجاميع كبيرة في مناطق بعيدة إلا أنهم وعند المدن وأطرافها يتحركون عبر مجاميع صغيرة مع التركيز على الخلايا والحواضن المنتشرة داخل المدن أو الجبال (بالنسبة لجبل حمرين) أو البساتين». وعد محيي الدين أنه «رغم أهمية الطيران إلا أنه لا يحسم معركة ما لم يكن هناك مسك للأرض وبالتالي فإن (داعش) يركز على الأرض التي لم تتمكن القوات المسلحة من تحقيق تقدم واضح فيها في كثير من المدن والمحافظات».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.