اتفاق بين شيخ الأزهر والبابا تواضروس على مواجهة التحريض على العنف

متحدث الكنيسة لـ {الشرق الأوسط} : نحن معا نموذج للمحبة وشركاء الوطن

البابا تواضروس الثاني خلال زيارته للشيخ أحمد الطيب في مقر مشيخة الأزهر بالقاهرة أمس
البابا تواضروس الثاني خلال زيارته للشيخ أحمد الطيب في مقر مشيخة الأزهر بالقاهرة أمس
TT

اتفاق بين شيخ الأزهر والبابا تواضروس على مواجهة التحريض على العنف

البابا تواضروس الثاني خلال زيارته للشيخ أحمد الطيب في مقر مشيخة الأزهر بالقاهرة أمس
البابا تواضروس الثاني خلال زيارته للشيخ أحمد الطيب في مقر مشيخة الأزهر بالقاهرة أمس

كشفت مصادر مطلعة في مشيخة الأزهر الشريف، عن أن «اللقاء الذي جمع الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، في مقر مشيخة الأزهر أمس، تناول كيفية تصدي الأزهر والكنيسة للفكر المتشدد والأفكار الهدامة التي تستهدف الكنائس ودور العبادة والذي تقوم به الجماعات المتطرفة في مصر». وقالت المصادر المطلعة التي تحدثت مع «الشرق الأوسط»، إن «الأزهر والكنيسة أكدا استمرار عمل (بيت العائلة) في القاهرة والمحافظات، للتصدي للأعمال التي تحرض على العنف وللحث على ضرورة المحبة والتآخي حفاظا على النسيج الوطني». في حين قال المتحدث الرسمي باسم الكنيسة المصرية، القس بولس حليم، لـ«الشرق الأوسط»، في تصريح مقتضب عن اللقاء، إن «اللقاء لتأكيد أن الأزهر والكنيسة نموذج يحتذى به في المحبة والإخاء.. وهما شركاء في الوطن».
واستقبل الدكتور الطيب، البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية في مصر، على رأس وفد كنسي رفيع المستوى، في مقر مشيخة الأزهر الشريف بالقاهرة، للتهنئة بعيد الفطر المبارك، حيث لم يتمكن البابا من زيارة شيخ الأزهر، نظرا لعلاجه خارج مصر حينها.
من جانبه، قال البابا تواضروس الثاني، في كلمته التي ألقاها خلال زيارته: «إننا نهنئ فضيلة الإمام، وكل رجال الأزهر أصحاب الفضيلة، أدام الرب حياتهم».
وأضاف البابا تواضروس، خلال زيارته الثانية لمشيخة الأزهر منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة، إن «مصر (المحروسة) ستصمد أمام أي مكيدة تدبر لها، فرغم أن كل دول العالم في يد الله، إلا أن مصر تقع في قلب الله، وعلامات ذلك اتحاد الكنيسة المصرية والأزهر الشريف معا، حيث إنهما صمام الأمان، ورئتا مصر التي تتنفس بها الهواء النقي»، مثنيا على مشاعر الود والتآخي السائدة بين قطبي الأمة المسيحيين والمسلمين.
وسبق أن زار بابا المسيحيين في مصر مشيخة الأزهر والتقى الطيب في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، وذلك بعد ثلاثة أشهر من عزل مرسي وجماعة الإخوان المسلمين عن السلطة. ويشار إلى أن آخر اجتماع بين الطيب وتواضروس كان اجتماع «بيت العائلة المصرية» بمقر الكاتدرائية المرقسية في العباسية (شرق القاهرة) في فبراير (شباط) الماضي.
في السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة بمشيخة الأزهر الشريف، إن «الجانبين تحدثا عن ضرورة مواجهة الأفكار التخريبية والفكر المتشدد الذي انتشر في الشارع المصري بشكل كبير والذي يستهدف الكنائس ودور العبادة والذي تقوم به الجماعات المتطرفة»، لافتة إلى أن الحديث تطرق إلى الأحداث السياسة في مصر ومشروع قناة السويس الذي أطلقه أول من أمس الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدة أن البابا تواضروس قال عن المشروع إنه «ضربة معلم».
فيما قال مصدر كنسي لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللقاء تحدث عن تقديم مقترح بحذف كل ما يحض على الكراهية والتطرف والعنف من المناهج الدراسية بالمدارس، وإعلاء قيمة المواطنة وقبول الآخر».
في حين قال قيادي حزبي، طلب حجب هويته، إن «زيارة البابا تواضروس يرافقه وفد الكنيسة، للأزهر الشريف، تعد رسالة شديدة اللهجة للخارج، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية بأن الكنيسة المصرية مع الأزهر هما عمدان الدولة المصرية؛ ولا مزايدة على وطنيتهما».
وتحاول الدولة المصرية منع استخدام دور العبادة، في المساجد والكنائس، في الصراع السياسي بالبلاد. وسبق أن أطلق الأزهر ميثاق الشرف الدعوي لإبعاد المساجد عن السياسة، كما خاض الأزهر خلال الأشهر الماضية منذ عزل مرسي، معارك جديدة لإحكام السيطرة على منابر التحريض ولمواجهة الأفكار والدعاة التكفيريين الذين يدعون المصريين للعنف ضد السلطات الحاكمة في البلاد.
ووقعت حوادث تخريب وتدمير لعدد من المساجد الشهيرة في القاهرة والمحافظات، وكذا الكنائس عقب فض السلطات المصرية اعتصامي أنصار مرسي في رابعة العدوية (شرق) والنهضة (غرب) في أغسطس (آب) الماضي، وسط اتهامات لجماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراء الهجمات على دور العبادة الخاصة بالمسيحيين، لتضرب الوحدة الوطنية في العمق، وإثارة مشاعر أقباط مصر.
من جانبها، قالت المصادر المطلعة في مشيخة الأزهر نفسها، إن لقاء أمس أثنى على عمل «بيت العائلة المصرية»، وإن الأزهر والكنيسة أكدا أن بيت العائلة في حالة عمل دائب في القاهرة وأفرعه بالمحافظات، للتصدي للأعمال التي تحرض على العنف وللحث على ضرورة المحبة والتآخي حفاظا على النسيج الوطني.
ووافقت السلطة المصرية عقب تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك على إنشاء «بيت العائلة» للحفاظ على النسيج الاجتماعي لأبناء مصر بالتنسيق مع جميع الهيئات والوزارات المعنية في الدولة، والعمل على احتواء أي أزمات قبل حدوثها. وجاء تكوين بيت العائلة المصري من عدد من العلماء المسلمين ورجال الكنيسة القبطية وممثلين عن مختلف الطوائف المسيحية بمصر وعدد من المفكرين والخبراء.
في غضون ذلك، استقبل الدكتور الطيب أمس، وفدا من الكنيسة الإنجيلية برئاسة المطران ثروت قادس. كما دعا الطيب أساتذة جامعة الأزهر أمس، إلى الانتشار بين الناس في النوادي ومراكز الشباب والقرى، لمواجهة الانحراف بالدين أو الفكر، عقديا كان أو سياسيا، والتصدي للتطرف والمتطرفين، وتقديم خطاب علمي وعملي وخلقي يصحح المفاهيم المغلوطة.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.