آلاف الفلسطينيين يتظاهرون في غزة ورام الله للمطالبة بإنهاء الانقسام

فصائل اليسار طالبت بتنظيم انتخابات خلال 6 أشهر

TT

آلاف الفلسطينيين يتظاهرون في غزة ورام الله للمطالبة بإنهاء الانقسام

تظاهر آلاف الفلسطينيين في غزة ورام الله، أمس، للمطالبة بإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي المستمر منذ 11 عاما، ووقف الاحتقان الداخلي المتزايد.
وجرت المظاهرتان بشكل متزامن في غزة ورام الله بدعوة من «التجمع الديمقراطي الفلسطيني»، الذي أطلقه مؤخرا تحالف مكون من خمسة فصائل يسارية، بينها الجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين. ورفع المشاركون في المظاهرة في غزة الأعلام الفلسطينية، ولافتات مكتوبة تندد بالانقسام الداخلي، وتدعو لإنجاز المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية.
وقال جميل مزهر، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، ومسؤول فرعها في قطاع غزة خلال مظاهرة أمس إن الانقسام الفلسطيني «له تداعيات كارثية، وإسقاطاته السلبية طالت مجمل مناحي الحياة والعلاقات الداخلية». مشددا على ضرورة إعادة ترتيب الأوضاع الفلسطينية الداخلية «على أسس وطنية سليمة، ما يتطلب العمل بشكل عاجل على محاصرة كرة النار والصدام والفوضى، بهدف تحصين الجبهة الداخلية من أي محاولات تهدد السلم الأهلي والأمن المجتمعي».
كما أكد مزهر على ضرورة وقف التراشق الإعلامي، والتحريض المتبادل بين حركتي فتح وحماس، وإشاعة خطاب إعلامي وحدوي، وتحكيم لغة العقل والحوار في إدارة الخلافات الداخلية، ووقف الإجراءات التصعيدية المتبادلة، التي تعمق الأزمة في الساحة الفلسطينية. وطالب بضرورة وقف الاستدعاءات، والاعتقالات على خلفيات سياسية في الضفة الغربية وغزة، والإفراج الفوري عن أي معتقل على خلفية سياسية تنظيمية.
في السياق ذاته، طالب المتظاهرون عند دوار المنارة، وسط رام الله، حركتي فتح وحماس بإنهاء الانقسام فوراً، والوحدة من أجل التصدي لمشاريع إسرائيل، من تهويد للقدس ومصادرة الأراضي، وفك الحصار عن غزة. وهتف المتظاهرون بعبارات تدعو للوحدة الوطنية، ووقف الاعتقالات السياسية، بينها «الشعب يريد إنهاء الانقسام»، و«الشعب يريد ضمان الحريات».
وتصاعدت مؤخرا خلافات فتح وحماس، مع إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشهر الماضي حل المجلس التشريعي، الذي تسيطر حماس على غالبية مقاعده، الأمر الذي رفضته الحركة الإسلامية بشدة، وقابلته بالدعوة لنزع الأهلية السياسية عن عباس.
وعرفت مظاهرات أمس مشاركة المئات من أنصار فصائل اليسار الفلسطيني، وهتفوا بصوت واحد «يا عباس ويا «حماس» وحدتنا هي الأساس».
وأعلنت خمسة فصائل رئيسية في منظمة التحرير الفلسطينية، الأسبوع الماضي، عن تشكيل «التجمع الديمقراطي الفلسطيني» داخل منظمة التحرير، ويضم الجبهتين الشعبية والديمقراطية، وحزب الشعب، وحزب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، وحركة المبادرة الفلسطينية، «كصيغة ائتلافية تعمل داخل إطار منظمة التحرير، وعلى المستوى الشعبي من أجل بناء كتلة شعبية متنامية، تساهم في تفعيل المقاومة الشعبية ضد الاحتلال».
وطافت المظاهرة وسط مدينة رام الله في الضفة الغربية، تتقدمها قيادات الفصائل الفلسطينية الخمسة، إضافة إلى شخصيات سياسية مستقلة. وحملت قيادات الفصائل الخمسة لافتة عملاقة كتب عليها «نعم لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعد لانتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني».
وجاء في بيان تأسيس التجمع أنه «يسعى إلى العمل على التجديد الديمقراطي لمؤسسات المنظمة عبر انتخابات حرة، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، بمشاركة القوى الفلسطينية كافة، وصولا إلى تشكيل مجلس وطني توحيدي جديد بالانتخاب حيث أمكن، وبالتوافق حيث يتعذر الانتخاب».
وتدعو كافة الفصائل الفلسطينية، المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، غير أن قرار إنهاء الانقسام تتحكم فيه فقط حركتا فتح وحماس.
ويسعى التجمع، حسب ما ورد في بيانه «إلى تصعيد الضغط السياسي والشعبي من أجل إنهاء الانقسام»، وإلى «الالتزام الجاد بالدعوة إلى انتخابات عامة تجري خلال ستة شهور، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، وفي ظل حكومة وحدة وطنية تؤمن شروط إجرائها بحرية ونزاهة في الضفة الغربية، بما فيها القدس، وفي قطاع غزة».
من جهة ثانية، كشفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أمس، عن سيطرتها على «أجهزة تقنية ومعدات» هامة من قوة إسرائيلية خاصة، تسللت إلى قطاع غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال المكنى أبو عبيدة، الناطق باسم الكتائب، في مؤتمر صحافي في غزة «نبشر شعبنا أننا قد سيطرنا على أجهزة تقنية، ومعدات تحتوي على أسرار كبيرة، ظن العدو أنها قد تبخرت باستهدافه لمركبات ومعدات القوة».
وأضاف أبو عبيدة «يجب على العدو وأجهزته الأمنية أن تقلق كثيرا، كون أن الكنز المعلوماتي الذي تحصلنا عليه سيعطينا ميزة استراتيجية على صعيد صراع العقول مع الاحتلال».
وجرى خلال المؤتمر إعلان نتائج حول تحقيقات إحباط القسام لتسلل القوة الإسرائيلية، التي قال أبو عبيدة إنها كانت تستهدف «تنفيذ عملية أمنية استخبارية خطيرة وحساسة».
وأوضح أبو عبيدة أن العملية «كانت تهدف إلى زراعة منظومة تجسس للتنصت على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة في قطاع غزة». مبرزا أن العملية المذكورة «بدأت قبل التنفيذ بعدة أشهر من خلال إدخال المعدات الفنية واللوجيستية، والسيارات المخصصة لها تهريباً على مراحل مختلفة عبر المعابر المؤدية إلى قطاع غزة».
كما لفت أبو عبيدة إلى أن القوة الإسرائيلية «كانت أعدت كل الوثائق اللازمة للتمويه والغطاء لتنفيذ مهمتها، فزورت بطاقات شخصية باسم عائلات حقيقية في قطاع غزة، واستخدمت مركبتين بأوراق مزورة، وزورت أوراقاً لجمعية خيرية استخدمتها القوة كغطاء لعملها».
وأعلن الناطق باسم القسام «منح الفرصة لكل العملاء، الذين سقطوا في وحل العمالة، والتوبة ما زالت قائمة، وأي عميل يساهم في استدراج قوة إسرائيلية خاصة أو ضباط «شاباك» فإن المقاومة تتعهد بالعفو عنه ومكافأته بمبلغ مليون دولار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».