انقطاع الكهرباء ينعش سوق الشموع والمولدات الكهربائية في مصر

عجز بين ثلاثة وأربعة آلاف ميجاوات في الطاقة يوميا

مصريون يجلسون في المقاهي علي ضوء الكشافات (أ ف ب)
مصريون يجلسون في المقاهي علي ضوء الكشافات (أ ف ب)
TT

انقطاع الكهرباء ينعش سوق الشموع والمولدات الكهربائية في مصر

مصريون يجلسون في المقاهي علي ضوء الكشافات (أ ف ب)
مصريون يجلسون في المقاهي علي ضوء الكشافات (أ ف ب)

«رب ضارة نافعة».. هكذا أصبح لسان حال أغلب بائعي المولدات الكهربائية والأدوات البسيطة الأخرى البديلة عن انقطاع الكهرباء، الذي أصبح مرضا مزمنا، تعاني منه الغالبية العظمى من المصريين في العاصمة القاهرة والأقاليم.
ورغم أن أزمة الكهرباء أنعشت سوق هذه الأدوات البديلة، بداية من الشموع والكشافات، حتى المولدات بأحجامها وطاقاتها المتنوعة، والتي يتكالب عليها المصريون، وخلفت غصة لديهم، خاصة لدى الطبقات الفقيرة.. إلا أن الحالة لم تنج من روح الدعابة التي يتمتع بها الشعب، فيرى البعض مازحا أنها أعادتهم لزمن الكلاسيكية، حيث الحياة على ضوء الشموع، ويسخر البعض الآخر قائلا: «سمي بنتك نجفة وابنك نور» حتى لا تحس بانقطاع الكهرباء.
وفي حين تؤكد وزارة الكهرباء في بياناتها شبه اليومية أن عجز الوقود والطاقة يجعل انقطاع الكهرباء حلا ملحا لتوفير ما بين 3000 و4000 ميغاوات يوميا، وذلك عبر توزيع العبء على القطاعين الصناعي والمنزلي بالتناوب، واعدة المواطنين بإيجاد حلول بديلة تخفف من حدة الأزمة، إلا أن أماني عبد الهادي «ربة منزل»، تقطن بمنطقة «الطالبية» الشعبية بمحافظة الجيزة تصور الأمر على أنه «واقع أصبح يحرق الدم». وتقول: «لا أنكر أن الوضع تحسن قليلا عقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤولية البلاد، لكنه ما زال سيئا. فانقطاع الكهرباء المفاجئ وفي أي وقت يشل الحياة، ويضيف لمعاناتنا اليومية، فأنا لا أستطيع أن أقوم بالأعمال المنزلية الأساسية نظرا لعدم توفر المياه والكهرباء لمدة تقترب من الخمس ساعات يوميا».
وتضيف أماني أن «هذا الوضع يضطرني يوميا إلى تخزين المياه في أكبر عدد من الأوعية البلاستيكية حتى أضمن مواجهة أي طارئ في صبيحة اليوم التالي، لأن موتور رفع المياه يعمل بالكهرباء، ناهيك باقتراب حلول العام الدراسي الجديد والذي أخشى معه أن يعاني أطفالي ما عانوه العام السابق من انقطاع الكهرباء حتى أنهم كانوا يذاكرون على ضوء الشموع»
ورفع كثير من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي بالإنترنت، خصوصا الشباب المتحمس للمرحلة الجديدة في البلاد، شعار «أفضل من أن تلعن الظلام أشعل شمعة»، لكن لا يتحمس له كثيرا محمد فراج، أحد سكان منطقة «شبرا» الشعبية، فمن داخل دكان بقالته الصغير وبين بضاعته المرصوصة بعناية على الأرفف، بدأ الرجل السبعيني بوصف حجم معاناته مع انقطاع الكهرباء قائلا: «للأسف الوضع أصبح طبيعيا الآن، وأصبح كثير من سكان الحي يسألون عن سبب عدم انقطاع الكهرباء وليس العكس، فنحن اعتدنا على الأمر الذي يستمر الآن قرابة الثلاث سنوات، ولا أستطيع أن أصف حجم معاناة الأهالي خاصة الذين لديهم أطفال في المدارس ويحتاجون الكهرباء في أوقات المذاكرة، ناهيك بحجم الخسائر التي أتكبدها كتاجر يوما بعد يوم بسبب فساد معظم المنتجات التي أبيعها والتي تحتاج أن تحفظ في الثلاجات وفي درجة حرارة معينة وهو ما لا يحدث بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة بشكل يومي».
يتابع فراج بنبرة غاضبة: «هذه البقالة هي كل ما أملك، ومنها أوفر أساسيات الحياة لي ولأسرتي، واستمرار أزمة الكهرباء سيؤدي حتما إلى إفلاسي بسبب فساد معظم البضاعة التي أبيعها وإحجام كثير من الزبائن عنها».
وعلى العكس من ذلك، يبدو حال تجار الأدوات والأجهزة الكهربائية، فقد فازوا بالنصيب الأكبر من الكعكة خاصة بعد اتجاه كثير من المواطنين إلى شراء اللمبات الموفرة وكشافات الإضاءة تحسبا لظلام قد يدوم لساعات طويلة، وهو ما يؤكده سيد نوفل أحد تجار الأدوات الكهربائية في منطقة وسط البلد قائلا: «كثير من المواطنين اتجهوا في الفترة الأخيرة إلى شراء اللمبات الموفرة والتي توفر كثيرا في استهلاك الكهرباء، وهناك أيضا إقبال كبير على الكشافات التي تعمل عند انقطاع الكهرباء تلقائيا، هذا بجانب إقبال كثير من أصحاب الشركات الخاصة والمصانع والبيوت الكبيرة إلى شراء المولدات الكهربائية، والتي غالبا ما تحجز بالطلب نظرا لارتفاع أسعارها، فقد تصل في بعض الأحيان إلى 250 ألف جنيه إذا لم يستغل التاجر الفرصة لبيعها بضعف الثمن».
ومن جانبه يرى الدكتور إيهاب عبد العظيم أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية أن ارتفاع أسعار الوقود وانقطاع الكهرباء هو دواء مر في ظرف صعب لا بد من تجرعه حتى عبور تلك المرحلة بسلام، قائلا: «لا يمكن لأحد أن يحمل الحكومة المصرية فوق طاقتها فنحن جميعا نعلم أزمة الطاقة والأزمات الاقتصادية التي نواجهها جميعا. ولكن المشكلة في المجمل تكمن في تحمل الفقراء لـ80 في المائة من انقطاع الأحمال والكهرباء، رغم أنهم لا يستهلكون سوى خمسة في المائة من حجم الطاقة المنزلية المستهلكة. وهنا يجب الإشارة إلى ضرورة الالتفات وبعين الإنصاف مع بقية المجتمع، لقرى الضغط العالي المحظوظة والتي لا تنقطع عنها الكهرباء تقريبا بما في ذلك، المناطق السكنية الجديدة وبعض المنتجعات السياحية في مناطق القاهرة الجديدة والساحل الشمالي».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).