دبلوماسي بريطاني: مشروع قرار اليمن بمجلس الأمن «قصير وتقني»

تجديد مدة المراقبين 6 أشهر... وتسميتهم «بعثة سياسية»

TT

دبلوماسي بريطاني: مشروع قرار اليمن بمجلس الأمن «قصير وتقني»

وصف دبلوماسي بريطاني رفيع مشروع قرار أعدته بلاده حول اليمن ليتم التصويت عليه الأسبوع المقبل، بأنه «سيكون تقنياً قصيراً، ونتوقع اعتماده بسرعة وبالإجماع». وأضاف الدبلوماسي الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن «القرار ببساطة سيوافق على ما طلبه الأمين العام أنطونيو غوتيريش»، في إشارة إلى الرسالة التي بعث بها الأمين العام إلى مجلس الأمن بتاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتتضمن خطته لتنفيذ اتفاق الحديدة.
ورجح دبلوماسيون في مجلس الأمن أن يجري التصويت قبل نهاية الأسبوع المقبل على مشروع القرار الذي يتضمن إنشاء بعثة سياسية تابعة للأمم المتحدة في اليمن والتجديد 6 أشهر لمهمة المراقبين الدوليين وزيادة عددهم إلى 75 بغية الإشراف على تطبيق اتفاق استوكهولم، وخصوصاً وقف النار وإعادة نشر القوات المتحاربة في مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف وراس عيسى.
ووزعت البعثة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة على بقية الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن مشروع القرار المقترح الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، وعقدت «جلسة قراءة أولية» للمسودة على مستوى الخبراء. وكشف دبلوماسي معني بهذا الملف أن «بعض الدول طلبت إدخال تعديلات على التفويض الذي سيمنح لبعثة المراقبين بمواصلة المساعي لتنفيذ القرارات الدولية الرئيسية المتعلقة بالحل السياسي المنشود في اليمن، لا سيما القرار 2216». وإذ لاحظ أن «الأمم المتحدة لديها نوعان من المهمات، إما أن تكون بعثة سياسية أو بعثة لحفظ السلام»، مضيفاً أنه بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2451 وبغية «إضفاء طابع قانوني» على المهمة الدولية الجديدة، قدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اقتراحاً لأعضاء مجلس الأمن حول كيفية قيام الأمم المتحدة بدعم تنفيذ اتفاق استوكهولم، إذ إنه يتضمن عمليات مراقبة رئيسية لوقف النار وإعادة الانتشار المتبادلة للقوات من مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف وراس عيسى»، فضلاً عن «نزع الألغام من هذه الموانئ ودعم مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية في إدارة التفتيش» في هذه الموانئ، بالإضافة إلى «تعزيز حضور الأمم المتحدة» في المدينة والموانئ الثلاثة.
وأوضح دبلوماسي آخر في مجلس الأمن أن «التصويت على مشروع القرار يجب أن يحصل قبل موعد انتهاء المهمة الحالية للمراقبين في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي»، مشيراً إلى «هناك ملاحظات وتعديلات مرتقبة في شأن التفويض الذي سيمنح لهذه البعثة في اليمن».
ويستجيب مشروع القرار في فقرته الأولى العاملة لاقتراح غوتيريش، إذ إنه «يقرر إنشاء بعثة سياسية خاصة، اسمها بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، من أجل دعم تنفيذ اتفاق مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف وراس عيسى وفقاً لاتفاق استوكهولم (...) لمدة مبدئية من 6 أشهر من تاريخ إصدار القرار». وتنص الفقرة الثانية على أن مجلس الأمن يقرر أيضاً تفويض البعثة الجديدة بأن «تقود وتدعم تشغيل لجنة تنسيق إعادة الانتشار، مدعومة من موظفين من الأمانة العامة للأمم المتحدة، للإشراف على وقف النار في كل أرجاء المحافظة وإعادة انتشار القوات وعمليات إزالة الألغام»، وبأن «تراقب امتثال الأطراف لوقف النار في محافظة الحديدة وإعادة الانتشار المتبادلة للقوات من مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف وراس عيسى»، وبأن «تعمل مع الأطراف من أجل ضمان أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف وراس عيسى من قبل القوى الأمنية المحلية طبقاً للقانون اليمني»، وبأن «تيسر وتنسق دعم الأمم المتحدة كي تنفذ الأطراف اتفاق الحديدة تماماً».
وكذلك يصادق مشروع القرار على اقتراحات الأمين العام في شأن «تشكيل» بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة و«جوانبها العملانية»، مع أخذ العلم أنها ستكون بقيادة رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار، على مستوى أمين عام مساعد يقدم تقاريره إلى الأمين العام من خلال المبعوث الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث ووكيلة الأمين العام للشؤون السياسية ولشؤون بناء السلام ماري روز ديكارلو. ويشدد على «أهمية التعاون الوثيق والتنسيق بين كل كيانات الأمم المتحدة العاملة في اليمن من أجل الحيلولة دون تكرار الجهد وتعظيم الاستفادة من الموارد الموجودة» للأمم المتحدة في البلاد. ويطلب من الأمين العام أن «ينشر بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة بسرعة»، داعياً كل الأطراف إلى «ضمان سلامة وأمن العاملين» فيها وكذلك «الحركة السريعة وغير المعرقلة في اليمن لأفراد البعثة ومعداتهم وإمداداتهم الرئيسية». ويطالب الدول الأعضاء، وتحديداً دول الجوار، بدعم الأمم المتحدة لتنفيذ هذه المهمة، داعياً الأمين العام إلى «تقديم تقرير شهري حول التقدم في تنفيذ القرار، بما في ذلك أي عراقيل من أي طرف لعملية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة والقرار 2451».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.