«مجلس ثوار ليبيا» يهدد بعزل البرلمان بالقوة.. و«المجلس الوطني» يصارع للبقاء

مدن تغرق في الظلام ورئاسة الأركان تدعو لهدنة 48 ساعة في العاصمة.. وتركيا تعلق عمل سفارتها

طوابير السيارات في محطة للوقود الذي بدأ في النفاد نتيجة القتال الدائر بين المليشيات
طوابير السيارات في محطة للوقود الذي بدأ في النفاد نتيجة القتال الدائر بين المليشيات
TT

«مجلس ثوار ليبيا» يهدد بعزل البرلمان بالقوة.. و«المجلس الوطني» يصارع للبقاء

طوابير السيارات في محطة للوقود الذي بدأ في النفاد نتيجة القتال الدائر بين المليشيات
طوابير السيارات في محطة للوقود الذي بدأ في النفاد نتيجة القتال الدائر بين المليشيات

هدد المجلس الأعلى لثوار ليبيا الذي تهيمن عليه الميليشيات المتشددة بتدبير انقلاب عسكري وتحويل قرارات مجلس النواب الجديد إلى حبر على ورق، فيما غرقت معظم أنحاء المدن الليبية ليلة أمس في الظلام التام لبضع ساعات، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، حيث انقطع التيار الكهربائي عن العاصمة طرابلس ومعظم مدن الجنوب والشرق والغرب بسبب الاشتباكات المسلحة المتواصلة، التي دخلت أمس أسبوعها الرابع من دون توقف.
وندد المجلس الأعلى للثوار بتجاهل البرلمان التعديل الدستوري الذي اعتمد مدينة بنغازي مقرا له عندما كانت غارقة في بحر من الفوضى وتمر بموجة من جرائم الاغتيال، معربا في بيان له عن استغرابه لما وصفه بهروب أعضاء مجلس النواب بعد توقف تلك الجرائم واستتباب الأمن إلى مدينة أخرى.
وأبدى مجلس الثوار أسفه لما أسماه بـ«العبث الصبياني الذي يجر البلاد للوراء»، وقال إنه لن يقبل أن يستمر طويلا، وتعهد بتحويل قرارات مجلس النواب، الغائب حاليا عن عاصمتي الدولة والثورة طرابلس وبنغازي، لمجرد «حبر على ورق»، وعزله في حال استمر في التخندق مع «انقلابي الكرامة»، في إشارة إلى «الجيش الوطني» الليبي الذي يخوض، بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، معارك منذ شهر مارس (آذار) الماضي ضد المتطرفين في مدينة بنغازي بشرق البلاد.
وطالب المجلس ثوار مدينتي طبرق والبيضاء ببيان موقفهم الصريح من الثورة المضادة التي يقودها «أزلام النظام السابق، الذين يستغلون هاتين المدينتين كقواعد للانقلاب على ثورة 17 فبراير». وشدد على أنه لا مكان في ليبيا الجديدة لـ«ثورات مضادة»، وأن الثورة لن تقبل لإصلاح حال البلاد والعباد سوى بثورات سلمية تصحح المسار وتسير في نهج ثورة السابع عشر من فبراير ولا تنقلب على أهدافها، وأنه لن يتواني عن استخدام القوة مع كل من شاركوا في حياكة المؤامرات الانقلابية التي مرت بها البلاد.
وبالتزامن مع هذا التهديد، بدأ أعضاء في المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، المنتهية ولايته، مساعي قانونية للطعن في انعقاد جلسات مجلس النواب في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد.
وقدم عدد من أعضاء «المؤتمر» طعونا أمام المحكمة الليبية الدستورية العليا للمطالبة بانعقاد المجلس في مدينة بنغازي وفقا لنص القرار الذي اتخذه «المؤتمر الوطني» ووافقت عليه الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني. لكن مصادر حكومية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط»، إن المحكمة العليا التي قد تحكم بعدم اختصاصها لن تنعقد قريبا للبت في هذه الطعون، مشيرة إلى أن المحكمة في إجازة رسمية حتى شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
وشهدت مدينة مصراتة (غرب البلاد)، مظاهرة حاشدة مساء أول من أمس تأييدا لـ«عملية فجر ليبيا»، حيث أعلن المتظاهرون المحسوبون على التيار المتشدد رفضهم انعقاد مجلس النواب بالمخالفة للإعلان الدستوري.
ووصف هؤلاء، في شعارات رفعوها، انعقاد المجلس في طبرق بالانقلاب على ثورة 17 فبراير وأهدافها، مؤكدين أن «(عملية فجر ليبيا) هي تصحيح لمسار الثورة وتصديا لبقايا فلول النظام المنهار».
كما يواجه عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب المنتخب حديثا، مخاطر تتعلق بإمكانية إقالته من منصبه على خلفية قانون «العزل السياسي»، الذي يمنع كل من تولى مناصب رسمية أو حكومية خلال فترة حكم العقيد الراحل معمر القذافي من تولي أي مناصب لاحقا في الدولة الليبية.
وكان محمد المقريف، رئيس البرلمان الأسبق، قد اضطر إلى الاستقالة من منصبه وتقاعد عن العمل السياسي بعد موافقة البرلمان على قانون العزل السياسي الذي تبنته الجماعات المتحالفة مع «الإخوان» لحرمان الدكتور محمود جبريل، رئيس «تحالف القوى الوطنية»، من تولي منصب رئيس الحكومة أو الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وتقلد عقيلة عدة مناصب قضائية في عهد القذافي، من بينها رئيس نيابة الجبل الأخضر وإدارة التفتيش القضائي في محكمة استئناف درنة.
ويصف الكثيرون المستشار عقيلة بأنه شخصية قضائية مرموقة، علما بأن المجلس الانتقالي السابق اختاره عضوا في اللجنة القضائية للتحقيق في قضايا فساد عهد القذافي.
وينتمي عقيلة إلى قبيلة العبيدات من بلدة القبة بشرق ليبيا، التي انتخب عضوا عنها بمجلس النواب خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر يونيو (حزيران) الماضي.
في المقابل، تجاهل مجلس النواب هذا الجدل وبدأ مناقشة كيفية وقف إطلاق النار في العاصمة الليبية (طرابلس) بين الميلشيات المتناحرة للسيطرة حول مطار طرابلس الدولي.
واقترح بعض الأعضاء طلب المساعدة الدولية لإجبار هذه الميلشيات على الاستجابة الفورية لإبرام هدنة والتوصل إلى حل سياسي يمنع اندلاع الاشتباكات العنيفة مجددا.
وصوت غالبية أعضاء مجلس النواب أمس بعد جلسة مغلقة ومطولة، دامت حتى الساعات الأولى من صباح أمس، على تعديل الإعلان الدستوري بشأن الصلاحيات السيادية للبرلمان ورئيس الوزراء إلى حيان انتخاب الرئيس الجديد للبلاد، ولتمكين البرلمان من إصدار قرارات مهمة.
وأضاف المجلس فقرة جديدة إلى التعديل الدستوري، نصت على أنه: «وإلى حين انتخاب رئيس الدولة المؤقت، يمارس مجلس النواب الاختصاصات كافة الواردة أعلاه، باستثناء الاختصاصين المنصوص عليهما في الفقرتين الأولى والتاسعة من المادة المشار إليها، التي تسند إلى رئيس مجلس الوزراء. وفي جميع الأحوال، يجوز لمجلس النواب أن يفوض مكتب رئاسة المجلس في جميع أو بعض الاختصاصات المسندة إلى هذا المجلس بمقتضي هذا التعديل».
وقال أعضاء في المجلس، إن عدد من صوتوا على هذا التعديل 151 عضوا، مما يعني أن مجلس النواب بات أعلى هيئة سياسية ودستورية في ليبيا.
بموازاة ذلك، أعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي دعمها المبادرة الصادرة عن «مجلس أعيان ليبيا» التي تدعو إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية بطرابلس وبنغازي، والدخول في هدنة لمدة 48 ساعة قابلة للتمديد، ووقف التصريحات الإعلامية المؤججة للصراع، والدعوة إلى الجلوس للحوار بالكيفية التي تعرضها المبـادرة.
ودعت الرئاسة، في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية، الأطراف المتقاتلة إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية، وأمر العناصر التابعة لها والمشارِكة في هذا الاقتتال بالتوقف الفوري عن القتال، والسماح لعناصر الدفاع المدني وفرق الإطفاء بأداء واجباتهم لإخماد النيران المشتعلة في خزانات الوقود بطريق المطار.
وأكدت الرئاسة أنها ستقوم بكل ما يطلب منها لتنفيذ بنود المبادرة الصادرة عن «مجلس أعيان ليبيا»، لافتة إلى أنها أمرت آمر منطقة طرابلس العسكرية وآمر غرفة تأمين العاصمة، بتسلم المواقع وتأمينها بعد توقف القتال.
من جهة أخرى، قالت وزارة الكهرباء الليبية، في بيان لها، إن خروج وحدات التوليد تسبب في إطفاء عام على معظم المدن الليبية؛ منها المنطقة الغربية والوسطى بالكامل، والجنوبية سبها والواحات بالكامل، بالإضافة إلى المنطقة الشرقية، مما حدث ظلام تام بهذه المناطق لأسباب فـنـية.
وتعطلت معظم شبكات ومحطات الكهرباء وباتت فعليا خارج الخدمة نتيجة إصابتها بصواريخ عشوائية خلال الاشتباكات الدامية التي تشهدها العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي.
وأعلنت الشركة العامة للكهرباء، أمس، تشكيل لجنة لمتابعة أزمة الشبكة والمحافظة على استقرارها، مشيرة إلى أن العمل جار للتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتأمين وصول فرق الصيانة للأماكن المتضررة نتيجة الاشتباكات.
ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن مصادر بالشركة أن تردي الوضع العام بشبكة الكهرباء يرجع إلى إصابة الكثير من دوائر نقل الطاقة الرئيسة، مشيرة إلى أن إمدادات الكهرباء، ما زالت معرضة لمثل هذه الحالات من الانقطاع والإطفاء الكامل ما لم تجر صيانة دوائر نقل الطاقة الرئيسة الواقعة بمنطقة الاشتباكات في أقرب الأوقات.
ولاحظت وكالة الأنباء المحلية أن انقطاع الكهرباء ساعات طويلة، تتجاوز في كثير من الأحيان عشر ساعات في اليوم، يزيد من معاناة المواطنين في المدن الليبية كافة، وخاصة في طرابلس التي يعيش سكانها حالة من الترقب والخوف من سقوط قذائف طائشة من الأطراف المتقاتلة على الأحياء المدنية، رغم بعدها عن محاور القتال.
وقالت الوكالة إن ضواحي المدينة القريبة من محاور القتال، باتت مهجورة بعد نزوح سكانها إلى مناطق آمنة، كما أن الحياة في العاصمة أصبحت شبه مشلولة، وشوارعها خالية، ومرافقها العامة والخدمية والخاصة معظمها مقفلة بسبب نقص الوقود لدرجة الانعدام.
ورصدت الوكالة الطوابير الطويلة للسيارات، التي تمتد لبعض الكيلومترات على محطات الوقود وكذلك طوابير الخبز أمام المخابز، بالإضافة إلى غلاء أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وخاصة حليب الأطفال وحاجاتهم.
من جهتها، أكدت المؤسسة الوطنية للنفط استمرارها في تزويد محطات الكهرباء بالوقود المطلوب، وقالت في بيان لها إنها لم تواجه أي عجز في هذه التزويدات حتى الآن رغم وجود بعض الصعوبات، وخاصة في حركة الشاحنات على الطرقات. كما كشفت عن إجراءات عاجلة لحل مشكلة تزويد طرابلس وضواحيها بوقود السيارات، بينما أعلنت لجنة الأزمة بمجلس طرابلس المحلي وصول الناقلة (أنوار ليبيا) محملة بأكثر من تسعة ملايين لتر بنزين مساء أول من أمس إلى ميناء العاصمة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.