الاتحاد الأوروبي يطلق برنامجا لدعم التعاون الاقتصادي مع أفريقيا

في إطار ما يشبه تحركا موازيا لجهود الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ الصين المتنامي بالقارة

الاتحاد الأوروبي يطلق برنامجا لدعم التعاون الاقتصادي مع أفريقيا
TT

الاتحاد الأوروبي يطلق برنامجا لدعم التعاون الاقتصادي مع أفريقيا

الاتحاد الأوروبي يطلق برنامجا لدعم التعاون الاقتصادي مع أفريقيا

في تجربة هي الأولى من نوعها، أطلق الاتحاد الأوروبي برنامجا للتعاون والتنمية في أفريقيا يغطي القارة كلها. وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل أمس (الأربعاء)، إن برنامجا لدعم التكامل القاري في أفريقيا جرى إطلاقه تحت اسم «برنامج عموم أفريقيا»، وجرى تخصيص 415 مليون يورو للمرحلة الأولى من البرنامج التي تستمر خلال الفترة من 2014 إلى 2017. ورحب رئيس المفوضية مانويل باروسو بإطلاق المبادرة وقال في تعليق له نشرته المفوضية في بيان، إن «التحديات التي تواجهنا لا يمكن معالجتها داخل الحدود الوطنية، وهذا ينطبق على أوروبا أو أفريقيا أو أي مكان آخر في العالم، ولهذا السبب جاء إطلاق برنامج (عموم أفريقيا) لإيجاد حلول على المستوى الإقليمي والقاري ودعم عملية التكامل الأفريقي». وبحسب الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، يساهم البرنامج الجديد في عدة أمور منها زيادة التنقل في القارة الأفريقية، وعلاقات تجارية أفضل في مختلف المناطق، وتجهيز أفضل للقارتين الأفريقية والأوروبية لمواجهة التحديات العابرة للحدود الوطنية والعالمية، مثل الأمن والتغير المناخي، وتمويل مشروعات تتعلق بالزراعة، والبيئة، والتعليم العالي، والبنية التحتية، والبحوث والابتكار.
يأتي ذلك فيما بدأ كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في النظر بعين الشك والريبة للنفوذ الصيني المتزايد في أفريقيا، وأعربا عن القلق بشأن فتح خطوط ائتمانية دون التأكد من سبل إنفاق هذه الأموال هناك بشكل حقيقي. وبحسب تقارير إعلامية أوروبية ببروكسل، فهناك انتقادات مفادها أن الظمأ الصيني للمواد الخام الأفريقية ينسي بكين حقوق الإنسان وظروف العمل في أفريقيا في ظل وجود 2500 شركة صينية في أفريقيا. وتباينت ردود الفعل بشأن نتائج القمة الأوروبية - الأفريقية التي استضافتها بروكسل في أبريل (نيسان) الماضي، في محاولة لإنقاذ شراكة متعثرة نتيجة لتجدد الصراعات وغياب عامل الأمن والاستقرار في بعض مناطق القارة السمراء مما يعطل برامج تنموية أوروبية. ويرى البعض أن القمة أرست قواعد جديدة للتعاون بين القارتين خاصة في مجال التنمية والاستثمار، حيث سيجري توسيع آفاق التعاون الاقتصادي، بينما يرى البعض أن الهاجس الأمني سيظل عائقا أمام تحقيق شراكة قوية.
وتوصل المشاركون في القمة إلى خارطة طريق مشتركة للفترة ما بين 2014 - 2017 تشمل مختلف أنواع التعاون من أجل تعزيز السلام والاستقرار وتحقيق التنمية ومواجهة التحديات المشتركة مثل المناخ والهجرة إلى جانب تنسيق المواقف بشأن الكثير من الملفات الدولية ذات الاهتمام المشترك.
وعلى هامش القمة أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن خطة مع ألمانيا من أجل إقامة «تحالف» بين أوروبا وأفريقيا «بشأن ثلاثة رهانات هي الأمن والتنمية والبيئة».
وقالت رئاسة الاتحاد الأفريقي إنه لا بد من آليات لضمان تنفيذ ما جرى التوصل إليه خلال القمة لتحقيق الفائدة للجميع. وفي أبريل الماضي دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الاتحاد الأوروبي لضخ المزيد من الاستثمارات في قارة أفريقيا لمواجهة المنافسة الاقتصادية المتزايدة من جانب الصين في القارة السمراء. ورأت ميركل ضرورة أن تكون المنافسة الصينية لأوروبا في أفريقيا حافزا لأوروبا على زيادة الاستثمارات هناك وليس سببا للانتقاد. كما أشارت ميركل إلى ضرورة أن يتجاوز دور الاتحاد الأوروبي في أفريقيا مجرد تقديم مساعدات تنموية.
وقام رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ في مطلع مايو (أيار) الماضي بجولة في أفريقيا شملت إثيوبيا ونيجيريا وكينيا وأنغولا واستمرت أسبوعا، وكانت الزيارة هي المدخل لتقرير إخباري تحت عنوان «الأموال الصينية تستحوذ على أفريقيا»، ونشرته صحيفة «ستاندرد» البلجيكية الناطقة بالفلمنية في هذا التوقيت. وبعد أن أشارت إلى أهمية زيارة رئيس الوزراء الصيني، ركزت الصحيفة على حجم الاستثمارات الصينية الضخمة الموجهة نحو أفريقيا والتي بدأت بـ200 مليون دولار لإقامة مقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا مع استمرار تدفق الاستثمارات الصينية بمبلغ 12 مليار دولار في البنية الأساسية مع رهان رئيس الوزراء الصيني بإقامته خط قطار سريع يربط العواصم الأفريقية بعضها ببعض لتسهيل التعاون الأفريقي - الأفريقي ليجعل الحلم حقيقة، هذا إلى جانب الاستثمارات الضخمة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وكذلك إعلان الصين عن تحديد حجم قروضها لأفريقيا للفترة من 2013 - 2015 بعشرين مليار يورو.
وترغب الصين في تدفق المواد الأولية نحو مراكز إنتاجها، ولذلك فهي لا تستثمر ملياراتها في البنية الأساسية الأفريقية، ولكن أيضا في إقامة مشروعات الطاقة؛ إذ تشير إحصاءات بنك التنمية الأفريقي إلى 85 في المائة من إجمالي صادرات أفريقيا للصين من المواد الأولية والمعادن، فأنجولا على سبيل المثال تمثل نموذجا جيدا للاستثمارات الصينية بالإضافة إلى أنها تعد ثاني أكبر مورد للنفط للصين بعد السعودية. ويبذل رئيس الوزراء الصيني قصارى جهده لتحسين علاقات بلاده مع القارة الأفريقية فقد ارتفعت السوق التجارية بين بكين وأفريقيا إلى 210 مليارات دولار العام الماضي مع طموح صيني بوصول هذا الرقم إلى 400 مليار من الآن وحتى عام 2020.
وشهد عام 2006، نموا متسارعا في مجال التجارة - على وجه الخصوص - بين الطرفين؛ خاصة بعد أن أصدرت الحكومة الصينية «وثيقة سياسة الصين تجاه أفريقيا»، التي طرحت من خلالها إقامة شراكة استراتيجية صينية - أفريقية على نمط جديد.. ليبدأ الرئيس الصيني السابق هو جين تاو في العام نفسه زيارة للقارة السمراء شملت 14 بلدا أفريقيا على التوالي، في حين زار رؤساء 12 بلدا أفريقيا بكين؛ ووقعت الصين اتفاقيات تجارية مع 41 بلدا أفريقيا، واتفاقيات ثنائية لدفع وحماية الاستثمار مع 29 بلدا، واتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي والوقاية من التهرب الضريبي مع تسع دول، تجاوزت قيمتها حاجز العشرة مليارات دولار، وحافظت على معدل نمو بلغ أكثر من 30 في المائة في السنوات السبع الماضية. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2006 ذاته، أضفى مؤتمر القمة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي حيوية جديدة على تطور التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول الأفريقية؛ حيث طرح الرئيس الصيني السابق أثناء المؤتمر ثمانية إجراءات عملية لبلوغ قيمة التجارة الصينية الأفريقية عشرة تريليونات دولار أميركي. وقد قدرت دراسة حديثة حجم مشاريع المساعدة الاقتصادية الصينية في أفريقيا بـ800 مشروع؛ منها 137 مشروعا زراعيا، و133 مشروع منشآت تحتية، و19 مدرسة، و38 مستشفى، وملاعب رياضية؛ وبعثت الصين نحو 16 ألفا من العاملين في الحقل الطبي إلى أفريقيا.
وفي هذا السياق، قال المحلل البحثي لبنك «ساوث أفريكا ستاندرد» سيمون فريمانتل، والخبير الاقتصادي جيرمي ستيفنز، في تقرير نشر العام الماضي، إن الاعتماد المتبادل يمكن رؤيته في التجارة البينية بين الجانبين، فحصة الصين من إجمالي الصادرات الأفريقية زادت من عشرة في المائة عام 2008 إلى ما يقرب من 18 في المائة لعام 2012، محققا ربطا ماليا مقداره 50 مليار دولار، بزيادة 25.5 في المائة على أساس سنوي من 39.5 مليار دولار عام 2011. وأضاف التقرير أن الصين تقدم نحو ملياري دولار مساعدة ثنائية سنويا، ويقدم صندوق التنمية الصيني - الأفريقي نحو ملياري دولار استثمارات في الأسهم الأفريقية. وبحسب التقرير الذي نشرته منظمة التجارة العالمية، فقد تفوقت الصين على الولايات المتحدة بفارق كبير في حجم وحصة الصادرات العالمية لأفريقيا في عام 2012؛ حيث تصدرت الصين قائمة الدول الـ30 الأكبر من حيث الصادرات بفارق 502 مليار دولار فيما جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية.
وأوضح التقرير أن الصادرات الصينية بلغت 2.049 تريليون دولار عام 2012. وبلغ نصيب الصين من إجمالي الصادرات العالمية حصة 11.2 في المائة مقابل حصة 8.4 في المائة للولايات المتحدة التي بلغت صادراتها 1.547 تريليون دولار.
ولكنَّ اقتصاديا يابانيا قال على هامش مؤتمر في لندن، إن حجم الصادرات الصينية لا يعكس بدقة حجم التجارة الفعلي للصين، وإن الكثير من مكونات الصناعة الصينية تصنع في الخارج، وضرب مثلا على ذلك بهاتف «أبل» الذي يصدر من الصين. وقال إن 50 في المائة من مكوناته تصنع في اليابان.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.