احتجاجات السودان تتمدد في مدن جديدة... ودعوة إلى «مسيرة الشهداء» غداً

مصلون في مسجد النيلين بأم درمان حيث خرجت احتجاجات بعد صلاة الجمعة (أ.ف.ب)
مصلون في مسجد النيلين بأم درمان حيث خرجت احتجاجات بعد صلاة الجمعة (أ.ف.ب)
TT

احتجاجات السودان تتمدد في مدن جديدة... ودعوة إلى «مسيرة الشهداء» غداً

مصلون في مسجد النيلين بأم درمان حيث خرجت احتجاجات بعد صلاة الجمعة (أ.ف.ب)
مصلون في مسجد النيلين بأم درمان حيث خرجت احتجاجات بعد صلاة الجمعة (أ.ف.ب)

أطلقت شرطة مكافحة الشغب السودانية، الغاز المسيل للدموع على متظاهرين خرجوا إلى الشوارع في الخرطوم وأم درمان عقب صلاة الجمعة، فيما دعا منظمو المسيرات إلى مظاهرات أخرى الأسبوع المقبل، ضد نظام الرئيس عمر البشير.
كما دوت هتافات مطالبة بالتغيير، في مناطق جديدة للمرة الأولى، في مدينة بارا بولاية شمال كردفان (وسط)، وضاحيتي الجيلي وحلفاية الملوك شمال الخرطوم بحري، وضاحية جبرا جنوب الخرطوم، عقب صلاة الجمعة، بالإضافة إلى سلسلة المظاهرات الدورية عقب كل صلاة جمعة من مسجد السيد عبد الرحمن بأم درمان، التابع لطائفة الأنصار، الرافد الديني لحزب الأمة المعارض.
وقال «تجمع المهنيين السودانيين» في بيان أمس، إن «دماء الشهداء لن تضيع هدراً، وإن إقامة العدل ومحاسبة القتلة، تتقدم أجندة التغيير»، ودعا إلى تنظيم موكب أطلق عليه «مسيرة الشهداء» غداً (الأحد)، ينطلق من «المحطة الوسطى» في مدينة بحري، إكمالاً للمواكب التي نظمها في مدينتي الخرطوم وأم درمان، لتغطي مواكبه «العاصمة المثلثة»، وفي الوقت ذاته تنظيم مواكب مسائية معلن عنها في عدد من مناطق البلاد.
وأعلن التجمع الذي تولى مبادرة تنسيق وتنظيم الاحتجاجات التلقائية التي انتظمت في البلاد، الخميس المقبل، موعداً لمسيرة «الحرية والتغيير» في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث، وعدد من المدن الأخرى.
وقال شهود إن المئات من مواطني مدينة بارا، نحو 250 كيلومتراً غرب الخرطوم، التحقوا بمواكب الانتفاضة الشعبية، وخرجوا من المساجد في مظاهرة حاشدة عقب صلاة الجمعة، واجهتها الأجهزة الأمنية بعنف مفرط، واعتقلت عدداً كبيراً من المتظاهرين. وتعد مدينة بارا الرابعة من بين مدن ولاية شمال كردفان. وقد شهدت معظم مدنها الكبرى «الحاضرة الأبيض، والرهد، وأم روابة» مظاهرات كبيرة، لتضاف إليها مدينة بارا، لتكون معظم مدن الولاية الشهيرة بإنتاج الصمغ العربي والحبوب الزيتية والمواشي، قد شاركت في الاحتجاجات.
وفي شمال الخرطوم بحري، خرج سكان ضاحية الجيلي في مظاهرة حاشدة، استطاعت تعطيل حركة السير في الطريق البرية الرابطة بين شمال البلاد والعاصمة الخرطوم، قبل أن تفرقها أجهزة الأمن بالغاز والعصي، وتعتقل 3 من شباب المنطقة بينهم الصحافي عقيل أحمد عقيل.
وإلى الجنوب قليلاً من الجيلي، تظاهر مواطنو ضاحية حلفاية الملوك عقب صلاة الجمعة، وأحرقوا الإطارات وأقاموا المتاريس في الشوارع الداخلية، بيد أن قوات الأمن أرسلت ترسانة أمنية كبيرة، لم تفلح في دخول المدنية، وقامت بإلقاء الغاز المسيل للدموع، قبل أن تعتقل أعداداً كبيرة من المواطنين، حسب شهود.
وفي جنوب الخرطوم، خرج المصلون من مسجد «سيد المرسلين» بضاحية جبرا، وطالبوا إمام المسجد رجل الدين الشهير عبد الحي يوسف بقيادتهم في التظاهر والاحتجاج ضد نظام البشير والمطالبة بإسقاطه، بعد خطبته التي انتقد فيها سفك دماء المحتجين السلميين، واستخدام القوة للبقاء في السلطة، وحق المواطنين في المطالبة بتغيير الحاكم. وبحسب شهود من هناك، خرج المصلون في مظاهرة هادرة، وصلت إلى الشارع الرئيسي قبل أن تفرقها الأجهزة الأمنية بالغاز المسيل للدموع.
كما هتف مئات المصلين بعد صلاة الجمعة في مسجد السيد عبد الرحمن، معقل طائفة «الأنصار» في مظاهرتهم الدورية التي درجوا على إقامتها أسبوعياً عقب كل صلاة جمعة، على الرغم من الترسانات الأمنية التي اعتادت أجهزة الأمن حشدها حول المسجد، بل وأطلقت عليهم زخات قنابل الغاز داخل المسجد.
وقتل ثلاثة متظاهرين خلال احتجاجات أول من أمس الخميس، واتهمت منظمة العفو الدولية قوات الأمن بتعقب متظاهرين مصابين داخل مستشفى أم درمان. وقالت السلطات إنها شكلت لجنة للتحقيق في الحادث.
وانتقدت المفوضية القومية لحقوق الإنسان في السودان في بيان شديد اللهجة الهجوم على مستشفى أم درمان، وطالبت بتحقيق عاجل في مقتل المحتجين. وقالت المفوضية: «‎ونحن ننظر بأسف بالغ لاستخدام الرصاص الحي ضد مواطنين عزل... وترفض المفوضية التعرض لحياة المواطنين وإزهاقها، إذ إن حفظ الحياة حق مكفول في كل الأديان والدساتير». وتابعت: «كما نبدي قلقنا البالغ من استخدام الغاز المسيل للدموع داخل حرم مستشفى أم درمان، والذي أدى إلى إيذاء المرضي والمرافقين والممارسين الصحيين وتعريضهم لخطورات محتملة... والمطاردات داخل المستشفى التي أدت إلى ترويع المواطنين».
وانزلق السودان إلى أزمة اقتصادية منذ استقلال الجنوب في عام 2011 واستئثاره بجزء كبير من موارد البلاد النفطية. وتفاقمت الأزمة منذ العام الماضي عندما شهدت البلاد احتجاجات لفترة وجيزة على نقص الخبز. ورفعت الولايات المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 عقوبات تجارية كانت مفروضة على السودان منذ 20 عاما. لكن الكثير من المستثمرين يتجنبون البلد الذي لا يزال مدرجا على القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.