الحكومة المغربية تتجنّب الصدام مع التجار

وزير الداخلية يواصل مشاوراته مع النقابات

من جلسات البرلمان المغربي (الشرق الأوسط)
من جلسات البرلمان المغربي (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة المغربية تتجنّب الصدام مع التجار

من جلسات البرلمان المغربي (الشرق الأوسط)
من جلسات البرلمان المغربي (الشرق الأوسط)

قررت الحكومة المغربية، أمس، تعليق العمل بنظام الفواتير الإلكترونية الذي أدى إلى احتجاجات التجار في عدد من المدن، مهددين بشن إضراب عام قصد المطالبة بإرجاء تنفيذه.
وقال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إنه سيجري إيقاف الإجراءات التي أثارت ردود فعل التجار والمهنيين وأصحاب المهن الحرة في عدد من المدن، إلى حين التواصل المباشر بين القطاعات الحكومية المعنية، وجميع الأطراف الممثلة لهذه الفئة، من أجل الوقوف على حقيقة الصعوبات والبحث على الحلول المناسبة لها.
وأوضح العثماني، خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة، أنه يتابع الموضوع شخصياً وعن كثب مع وزير الاقتصاد والمالية ووزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي ووزير الداخلية، مشدداً على أنه مستعدّ للتدخل، وإيجاد الحل المناسب لأي تجاوز غير مقبول.
كما أعلن العثماني أنه من المقرر عقد اجتماع الاثنين المقبل بين الإدارة العامة للضرائب، وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة مع ممثلي التجار، فضلاً عن اجتماع آخر مرتقب، الأربعاء المقبل، بمقر وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار الرقمي، قصد مناقشة جميع المواضيع ومعالجة كل الإشكالات في هذا الباب. وقال بهذا الخصوص: «نريد أن نقف على الضرر والعمل على إيجاد الحلول المناسبة».
في غضون ذلك، كشف العثماني عن تلقيه مذكرات من جمعيات ومنظمات ونقابات مهنية، مؤكداً استعداده لدراسة جميع المقترحات للوصول إلى حلول متوازنة، تراعي مصلحة التجار والمقاولات والاقتصاد الوطني، عبر حوار صريح وبنّاء.
وأوضح العثماني أن التجار الصغار غير معنيين بالإجراءات الأخيرة، ما داموا يخضعون لنظام التصريح الضريبي الجزافي، مشدداً على أن كثيراً مما يروِّج في بعض المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي «أخبار غير صحيحة ومضخمة، كما أننا نولي اهتماماً كبيراً للتجار والمهنيين لدورهم الكبير، ولأنهم عصب الاقتصاد الوطني».
وكان التجار قد احتجوا على اعتماد نظام فوترة جديد، دخل حيز التنفيذ، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، يعتبر الفاتورة الإلكترونية وثيقة إلزامية في التصريح الضريبي، ورفض الفواتير المحررة بخط اليد، وطالبوا بإجراءات مواكبة لتنفيذه.
وفي موضوع منفصل، رفض مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أمس، التعليق على الانقلاب الفاشل الذي عرفته جمهورية الغابون، الاثنين الماضي، وما جرى تداوله بشأن وجود قوات عسكرية مغربية هناك، ودور المغرب في إفشال عملية الانقلاب التي شهدتها البلاد في غياب رئيسها علي بانغو، الذي يمضي فترة نقاهة في أحد المستشفيات بالرباط.
واكتفى الخلفي بالقول خلال لقاء صحافي عقده أمس عقب اجتماع الحكومة إن «موضوع الغابون لم يجر التطرق إليه في اجتماع الحكومة حتى أجيب عن سؤال بشأنه».
في سياق آخر، ورداً على سؤال بشأن مطالب الحركة الأمازيغية باعتماد السنة الأمازيغية عطلة رسمية في البلاد، التي يحتفل بها الأمازيغ، غداً (السبت)، وتأخر إخراج القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، قال الخلفي إن مطلب السنة الأمازيغية أحيل في مرحلة سابقة على رئيس الحكومة، وهو بصدد دراسته، وأي قرار سيتخذه سيعلن عنه.
وأوضح الخلفي أن تأخّر صدور القانون يتحمل مسؤوليته البرلمان، مشيراً إلى أن الحكومة حرصت على أن يكون هناك تقدم في إخراج هذا النص، باعتباره خطوة أساسية باللغة والثقافة الأمازيغيتين، وتفعيل الطابع الرسمي لها في مختلف مجالات الحياة العامة.
وسرد الخلفي في هذا الإطار عدداً من الإجراءات العملية التي قال إنه جرى تنفيذها، ومن بينها كتابة عناوين الإدارات والمؤسسات العامة باللغتين العربية والأمازيغية، والتدريس في المعاهد العليا، واعتماد الأمازيغية والعربية في الوثائق الإدارية.
أما بخصوص مستجدات حوار الحكومة مع النقابات، الذي وصل إلى باب مسدود، فقال الخلفي إن العثماني كلّف عبد الوفي لفتيت وزير الداخلية مواصلة لقاءاته مع رؤساء الاتحادات العمالية إلى حين التوصل إلى اتفاق نهائي وحلول ترضي جميع الأطراف، وذلك بعد تشبث النقابات بمطالبها وعلى رأسها الزيادة في الأجور والتعويضات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.