البنك الدولي يحذّر من «غيوم عاصفة» للاقتصاد العالمي في 2019

أكد أن الحرب التجارية ستنعكس سلباً على النمو مع فقدان «قوة الدفع»

مقر البنك الدولي
مقر البنك الدولي
TT

البنك الدولي يحذّر من «غيوم عاصفة» للاقتصاد العالمي في 2019

مقر البنك الدولي
مقر البنك الدولي

بعنوان غاية في الوضوح... «غيوم العاصفة»، (وفي تفسير آخر «سماء مظلمة»)، ودون أي مواربة، حذّر البنك الدولي في أحدث تقاريره الاقتصادية نصف السنوية من أن الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين؛ أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، تسببت منذ الآن بأضرار جانبية كثيرة، وتهدد أخطارها بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وقالت كريستالينا جورجيفا، الرئيسة التنفيذية للبنك، والتي ستتولى رئاسة البنك بشكل مؤقت في مطلع الشهر المقبل بعد استقالة الرئيس الحالي جيم يونغ كيم، في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الذي يصدره البنك مرتين سنوياً: «في بداية 2018 كان الاقتصاد العالمي يعمل بكامل طاقته، لكنه فقد القوة الدافعة خلال العام؛ بل إن الطريق قد تصبح أكثر وعورة في العام الجديد».
ولا يتوقع البنك حدوث ركود في أي من الاقتصادات الكبرى، رغم أن بعض المعلقين يشيرون الآن إلى أن الولايات المتحدة متجهة إليه العام المقبل... ولكن البنك يرى أنه «إذا حدث ذلك، فإن خطر حدوث ركود عالمي سيزداد بشكل حاد».

يقول التقرير: «في الماضي كان خطر حدوث ركود عالمي في أي عام عند مستوى 7 في المائة. ولكن إذا كانت الولايات المتحدة تعاني من تراجع، فإن الاحتمالية ترتفع إلى 50 في المائة».
وتأتي توقعات البنك الدولي، التي صدرت مساء أول من أمس الثلاثاء، في وقت تنخرط فيه الولايات المتحدة والصين في نزاع تجاري مرير يؤثر على الأسواق العالمية في أنحاء العالم منذ شهور، وتبادلت الدولتان فرض رسوم؛ كلتاهما على سلع الأخرى، غير أن هناك علامات على التقدم ظهرت يوم الثلاثاء.
وحسب التقرير، فإن صدام أكبر اقتصادين على سطح كوكب الأرض، سيدفع بالنمو الاقتصادي العالمي إلى التباطؤ هذا العام ليبلغ 2.9 في المائة، مقابل 3 في المائة في التوقعات الفصلية السابقة في يونيو (حزيران)، و2.8 في المائة في 2020. ورجح البنك الدولي أن يتباطأ الاقتصاد الأميركي إلى 2.5 في المائة هذا العام، من 2.9 في المائة في 2018. وتوقع أن ينخفض نمو الاقتصاد الصيني إلى 6.2 في المائة هذا العام، مقارنة مع 6.5 في المائة في 2018. كما توقع التقرير كذلك أن تسجل اقتصادات الأسواق الناشئة نموا نسبته 4.2 في المائة في 2019، مقابل اثنين في المائة للاقتصادات المتقدمة.
وأشارت حسابات البنك إلى أن 2.5 في المائة من التجارة العالمية تتأثر بالتعريفات الجديدة، والضرائب التجارية، التي تبادلت واشنطن وبكين فرضها في العام الماضي، وستكون مضاعفة إذا تم تنفيذ التعريفات الإضافية التي تمت مناقشتها. ويقول التقرير إن خطر ازدياد الحماية على الاقتصاد لا يزال مرتفعا، ويمكن أن يخفض النشاط الاقتصادي في هذين الاقتصادين العملاقين، مشيرا إلى أن تباطؤ النمو في الصين يمثل مشكلة خاصة بالنسبة للبلدان النامية التي تصدر المواد الخام، والسلع الصناعية والطاقة والمعادن، حيث إن الصين هي أكبر مستورد لهذه المنتجات.
وأوضح التقرير أن اقتصاد الولايات المتحدة تأثر سلباً بسبب الحرب التجارية التي تخوضها مع الصين، مما سينعكس تباطؤاً في النمو؛ إذ سيبلغ معدل النمو هذا العام 2.5 في المائة، مقابل 2.6 في المائة في التوقعات الفصلية السابقة... في حين سينخفض معدل النمو إلى 1.7 في المائة في 2020، مقابل اثنين في المائة في التوقعات الفصلية السابقة. وبحلول عام 2021، سوف ينخفض نموها الاقتصادي إلى نحو النصف، ليصل إلى 1.6 في المائة.
وقالت فرنزيسكا هنسورغ، الخبيرة الاقتصادية في البنك الدولي والمعدة الرئيسية للتقرير، في مقابلة مع شبكة «بي بي سي»: «في الصين، تم تصميم السياسة على أساس تباطؤ متعمد نحو نمو أكثر استقرارا على المدى الطويل». وأضافت أن التجارة بين الولايات المتحدة والصين تمثل 20 في المائة من التجارة العالمية، و40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي؛ وإذا تأثر كلاهما «فإن هذا شيء يشعر به الجميع حول العالم».
ويعد هذا التقرير متشائماً بالمقارنة مع سابقه الصادر في يونيو الماضي، عندما توقع البنك الدولي أن يحقق الاقتصاد العالمي نمواً ثابتاً، ودعا في الوقت نفسه إلى التحرك «بشكل عاجل» و«ضروري».
وبحسب مقتطفات من التقرير نشرها البنك الدولي على موقعه الإلكتروني، فإن «آفاق الاقتصاد العالمي عام 2019 تصبح قاتمة»؛ إذ إن «التجارة والاستثمار يشهدان تراجعاً على الصعيد العالمي، وما زالت التوترات التجارية مرتفعة، وتعرض كثير من الأسواق الناشئة الضخمة لضغوط مالية شديدة في العام الماضي». وعدّ البنك أنه «على هذه الخلفية التي تنطوي على تحديات جسيمة، فإنه من المتوقع أن يظل النمو في الأسواق الناشئة والبلدان النامية ثابتاً عام 2019».
ولفت إلى أن «وتيرة الانتعاش الذي شهدته البلدان التي تعتمد إلى حد كبير على صادرات السلع الأولية، ستزداد تراجعاً عن المستوى المنشود»، كما أنه «من المرتقب أن يتراجع معدل النمو في كثير من البلدان الأخرى».
وتواجه أسواق المال أيضا خطرا متزايدا مع زيادة فرص حدوث تطورات غير منظمة؛ فإذا ارتفعت أسعار الفائدة مرة أخرى في الولايات المتحدة، أو إذا حقق الدولار مكاسب كبيرة، فقد يكون لذلك تأثير على الاقتصادات الناشئة والنامية.
ويظهر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، في تقييم البنك الدولي بوصفه خطرا محتملا بالنسبة للبلدان التي تعتمد بشكل خاص على البيع لأوروبا. وإذا خرجت بريطانيا من دون اتفاق، فستكون هناك فرصة لحدوث ضرر اقتصادي كبير لكل من لندن والاتحاد الأوروبي، ويمكن أن يؤثر بعد ذلك على بلدان أوروبا الشرقية وشمال أفريقيا التي تتكامل بشكل وثيق مع أوروبا.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
TT

رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)

قال الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما، إنه لن يتخلى عن حزمة الإنقاذ البالغة 3 مليارات دولار والتي حصلت عليها البلاد من صندوق النقد الدولي، لكنه يريد مراجعة الاتفاق لمعالجة الإنفاق الحكومي المسرف وتطوير قطاع الطاقة.

وأضاف ماهاما، الرئيس السابق الذي فاز في انتخابات 7 ديسمبر (كانون الأول) بفارق كبير، لـ«رويترز» في وقت متأخر من يوم الجمعة، أنه سيسعى أيضاً إلى معالجة التضخم وانخفاض قيمة العملة للتخفيف من أزمة تكاليف المعيشة في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وكان ماهاما قال في وقت سابق، إنه سيعيد التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه حكومة الرئيس المنتهية ولايته نانا أكوفو في عام 2023.

وقال ماهاما: «عندما أتحدث عن إعادة التفاوض، لا أعني أننا نتخلى عن البرنامج. نحن ملزمون به؛ ولكن ما نقوله هو أنه ضمن البرنامج، يجب أن يكون من الممكن إجراء بعض التعديلات لتناسب الواقع». وأعلنت اللجنة الانتخابية في غانا فوز ماهاما، الذي تولى منصبه من 2012 إلى 2016، بالانتخابات الرئاسية بحصوله على 56.55 في المائة من الأصوات.

وقد ورث الرئيس المنتخب لثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم، دولة خرجت من أسوأ أزمة اقتصادية منذ جيل، مع اضطرابات في صناعتي الكاكاو والذهب الحيويتين.

التركيز على الإنفاق والطاقة ساعد اتفاق صندوق النقد الدولي في خفض التضخم إلى النصف وإعادة الاقتصاد إلى النمو، لكن ماهاما قال إن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتخفيف الصعوبات الاقتصادية.

وقال ماهاما، الذي فاز حزبه المؤتمر الوطني الديمقراطي بسهولة في تصويت برلماني عقد في 7 ديسمبر: «الوضع الاقتصادي مأساوي... وسأبذل قصارى جهدي وأبذل قصارى جهدي وأركز على تحسين حياة الغانيين».

وأوضح أن «تعدد الضرائب» المتفق عليها بوصفها جزءاً من برنامج صندوق النقد الدولي، جعل غانا «غير جاذبة للأعمال». وقال: «نعتقد أيضاً أن (صندوق النقد الدولي) لم يفرض ضغوطاً كافية على الحكومة لخفض الإنفاق المسرف»، مضيفاً أن المراجعة ستهدف إلى خفض الإنفاق، بما في ذلك من جانب مكتب الرئيس.

ولفت إلى أن صندوق النقد الدولي وافق على إرسال بعثة مبكرة لإجراء مراجعة منتظمة، مضيفاً أن المناقشات ستركز على «كيفية تسهيل إعادة هيكلة الديون» التي وصلت الآن إلى مرحلتها الأخيرة. وقال إن الاتفاق المنقح مع صندوق النقد الدولي سيسعى أيضاً إلى إيجاد حلول مستدامة لمشاكل الطاقة، لتجنب انقطاع التيار الكهربائي المستمر.

وقال ماهاما: «سنواجه موقفاً حرجاً للغاية بقطاع الطاقة. شركة الكهرباء في غانا هي الرجل المريض لسلسلة القيمة بأكملها ونحن بحاجة إلى إصلاحها بسرعة».