لوحات حوارية بين فناني مصر وكندا تبحث عن المشترك

جانب من المعرض
جانب من المعرض
TT

لوحات حوارية بين فناني مصر وكندا تبحث عن المشترك

جانب من المعرض
جانب من المعرض

الفن يحتفي بالجمال، ويجسده الفنان وفقاً لرؤيته ومشاعره أثناء خلق العمل الفني، وفي معرض «الفن... مساحات مشتركة» تتحاور أعمال فنانين كنديين ومصريين ليجسدوا نبض الفن المعاصر في البلدين وآفاق التحليق في فضاء اللوحات، بينما تشتبك المنحوتات المستلهمة من الحضارتين المصرية القديمة والإغريقية مع الفراغ.
تحتضن المعرض القاعة الشرقية بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية، ويستمر حتى 12 يناير (كانون الثاني) الحالي، وقد افتتحه الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي بمكتبة الإسكندرية، والفنان المصري المقيم بكندا إيميه زايد، وقومسيير المعرض الدكتورة صفاء عبد السلام، أستاذة ورئيسة قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، التي أشارت في كلمتها عن المعرض إلى أنه «يعد نافذة للإبداع الفني لتطور الحركة الفنية والتشكيلية وتقارب وتعارف بين بلدين ثقافاتهما شديدة التنوع، لكن يجمع بينهما حب الجمال في شتى صوره».
جمع المعرض بين الأعمال الفنية المرتكزة على الرؤية العابرة للزمان والمكان إلى جانب الأعمال التي تقتنص اللحظة الآنية معبرة عن العصر الرقمي بكل تجلياته التكنولوجية. هذا التنوع يجعل المتلقي مع جرعة مكثفة من الأعمال التي تنوعت بين التصوير، والفسيفساء، والنحت، والتصوير الفوتوغرافي. ومن اللافت اهتمام الفنانين الكنديين بتقنيات الطباعة، ففي لوحة «الأخبار الزائفة» استعان الثنائي بيسنيك هيجيلاري وفلوتورا بريكا بالطباعة الحبرية على الورق، بينما قدمت لورين بوليو في عملها «الأجواء المزمنة» طباعة رقمية على ورق، أما فاليري جيموند في عملها المؤثر «إخفاق قوة الفتيات» فقدمت طباعة الشاشة الحريرية وطباعة على قماش.
كذلك قدم عدد من الفنانين المصريين من كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية لوحات باستخدام الطباعة على وسائط متعددة، حيث قدمت عزة أبو السعود وزينب الدمرداش وأماني فاروق أعمالاً تصويرية باستخدام الطباعة.
وجاءت أعمال الفنان طارق زبادي النحتية بالبرونز والخشب التي قام فيها بتجريد أشكال الطيور برؤى أسطورية، فيما قدم الدكتور سعيد بدر منحوتات تركيبية تجسد مشروعه الفني في استلهام الحضارة المصرية القديمة، خصوصاً حجر رشيد برموزه الهيروغليفية. وقدمت الفنانة الكندية فرانس غويل في عملها الفني «رعاية» رؤية تجريدية باستخدام ألوان متعددة من الخيوط على الورق، أما فيليب بواسونيه فقدم في لوحته «عالم متضائل»، بطباعة حبرية ورسم بقلم رصاص أبيض، رؤية للكرة الأرضية في عصر التحولات الرقمية، حيث تتماهى الحدود بين الدول والقارات متلاعباً بالضوء والظلال.
ويقول الفنان محمود هجرس، من مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض يضم أعمال 14 فناناً وفنانة من جامعة الأنهار الثلاثة بكندا، وفنانين مصريين من كلية الفنون الجميلة، ويمثل هذا المعرض اللقاء الثاني بين فناني كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، وفناني جامعة مدينة الأنهار الثلاثة في كيبك، بكندا، ليكون بمثابة حوار فني مشترك لمختلف الأفكار والاتجاهات الفنية، بعد معرض (فنانو الإسكندرية - مصر) الذي أقيم في عام 2016 بغاليري جامعة مدينة الأنهار الثلاث في كيبك».



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».