مصادر مصرية لـ («الشرق الأوسط»): لسنا طرفا باتفاقية المعابر.. والأمر يرجع للفلسطينيين

معبر رفح رئة الغزيين ومنفذهم إلى الخارج.. ومصيره رهن مباحثات القاهرة والسلطة

فلسطينيون عند معبر رفح أمس على أمل السماح لهم بالدخول إلى مصر (رويترز)
فلسطينيون عند معبر رفح أمس على أمل السماح لهم بالدخول إلى مصر (رويترز)
TT

مصادر مصرية لـ («الشرق الأوسط»): لسنا طرفا باتفاقية المعابر.. والأمر يرجع للفلسطينيين

فلسطينيون عند معبر رفح أمس على أمل السماح لهم بالدخول إلى مصر (رويترز)
فلسطينيون عند معبر رفح أمس على أمل السماح لهم بالدخول إلى مصر (رويترز)

مع انطلاق المفاوضات الحالية في القاهرة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عاد معبر رفح البري، الذي يربط بين مصر وقطاع غزة، إلى الواجهة بوصف فتحه واحدا من المطالب الرئيسة لحركة حماس من أجل التهدئة في غزة.
وعبرت السلطات المصرية عن انفتاحها إزاء تسهيلات في إدارة المعبر، لكنها أصرت على أن ذلك لن يناقش ضمن المفاوضات الثلاثية الحالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين والمصريين، بل من خلال محادثات ثنائية بين القاهرة والسلطة الفلسطينية.
وأكد مسؤولون مصريون رفيعو المستوى لـ«الشرق الأوسط» أن القاهرة أوضحت للوفد الفلسطيني أن أي حوار حور المعبر يجب أن يكون بين الإدارة المصرية، والممثل الرسمي للدولة الفلسطينية، وهي السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس.
وأوضحت المصادر، التي طلبت حجب هويتها، أن إدارة أي معبر يجب أن تكون من خلال «دولتين»، وليس بين دولة و«قوى غير رسمية»، في إشارة إلى حماس. وحسب المصادر، فإن ذلك يستوجب أن يكون أي اتفاق مستقبلي مع السلطة الفلسطينية بوصفها «قوة ضامنة» من جهتها، وليس الفصائل التي تتحكم في الأمور على الأرض في قطاع غزة.
وعما إذا كانت القاهرة تريد العودة إلى «اتفاقية المعابر» لعام 2005، التي تشير ضمنيا إلى تدخل إسرائيلي في إدارة المعبر من جهة قطاع غزة، مع مراقبة أوروبية، أوضحت المصادر أن ذلك أمر لا يخص الجانب المصري، لأن «اتفاقية 2005 كانت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ولم تكن مصر طرفا بها».
وأكدت: «إذا أرادت السلطة الفلسطينية العودة إلى ذلك في إطار رؤيتها وقدرتها على الإدارة من جانبها، فلها ما تريد، لكن ما يهم القاهرة هو أن أي ترتيب من الجانب المصري للمعبر هو خاضع تماما للسيادة المصرية، وأي ترتيبات تريد مصر لها أن تكون ثنائية مع السلطة الفلسطينية، وليست في إطار متعدد».
وتطلب حماس بفتح المعبر دون شرط أو قيد باعتبار ذلك أساس رفع الحصار عن غزة، بينما تصر السلطة على فتحه وفق اتفاقية 2005 مع عودة المراقبين الدوليين إلى رفح، وهو الاتفاق الذي طالما رفضته حماس في السابق معلنة أن الزمن تجاوزه.
أما مصر فتصر على تسلم قوات أمن الرئاسة الفلسطينية المعبر مع انتشار على طول الحدود المصرية - الفلسطينية البالغة 14 كيلومتر.
وطالما كان معبر رفح محل نقاش وجدل، وسببا في توتر العلاقات الإسرائيلية - المصرية، من جهة، والمصرية - الفلسطينية، من جهة أخرى، بل وحتى الفلسطينية - الفلسطينية، بسبب الخلافات الكبيرة حول السيادة وآليات تشغيله.
ومنذ سيطرة حماس على قطاع غزة منتصف يوليو (تموز) 2007 ظل طلب فتح المعبر مع مصر على رأس أولويات الحركة الإسلامية، لأنه يعني بالنسبة لها الانفتاح على العالم الخارجي والتخلص من حصار سياسي واقتصادي ومالي، وهو الأمر الذي رفضته مصر والسلطة الفلسطينية على الدوام، لأنه بالنسبة للأولى مسألة سيادية ومرتبطة بالوضع الأمني والسياسي، وبالنسبة للثانية، يعني أن حماس «المنقلبة» على السلطة ستأخذ شرعية يجب ألا تحصل عليها.
ويقع معبر رفح، الذي يعد رئة الغزيين الوحيدة نحو العالم الخارجي، جنوب القطاع على الحدود المصرية - الفلسطينية، ويعد الوحيد الواصل بين غزة ومصر ولا يخضع لسيطرة إسرائيلية، وهو مخصص لحركة الأفراد بجانب تجهيزه لنقل البضائع.
وشيد المعبر بعد معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية سنة 1979، وما تمخض عنها من تغيير في الحدود، وظلت تديره هيئة المعابر الإسرائيلية حتى تسلمت السلطة الفلسطينية قطاع غزة عام 1994 بعد اتفاق أوسلو للسلام، وأصبحت إدارته مشتركة من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين، الذين اتفق على وجودهم داخله بشكل غير مرئي للجمهور الفلسطيني.
وعمل المعبر بكل طاقته بعد تدمير إسرائيل مطار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الدولي في نهاية 2001، وكان المطار الوحيد الذي كان يسمح من خلاله للفلسطينيين بالسفر جوا.
وعطلت إسرائيل العمل في المعبر عدة مرات تحت حجج مختلفة حتى أبرمت اتفاقية المعابر في 2005، بعدما نفذت إسرائيل خطة «فك الارتباط» وانسحبت من القطاع.
وظلت الحركة على المعبر بعد الاتفاقية الدولية مستمرة بشكل يومي باستثناء مرات قليلة عندما كانت إسرائيل تغلقه لأسباب أمنية. وعلى هذا المعبر سجلت في 15 ديسمبر (كانون الأول) 2006 محاولة لاغتيال القيادي في حماس إسماعيل هنية.
وبعد سيطرة حماس على قطاع غزة في منتصف يونيو (حزيران) 2007، أغلق المعبر بشكل نهائي إلا في حالات استثنائية وإنسانية؛ إذ فتحته مصر من أجل عبور طلاب ومرضى ومعتمرين وحجاج وحملة تأشيرات، وسمحت لأعضاء من حماس باستخدامه بحسب الظروف السياسية الأمنية.
وفي 1 يونيو 2010 أمر الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك بفتح المعبر لأجل غير مسمى، وفي 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه تقرر فتح المعبر طوال أيام الأسبوع ما عدا يومي الجمعة والسبت وأيام الإجازات الرسمية.
وفي 28 يناير (كانون الثاني) 2011 عقب بداية ثورة «25 يناير»، أغلق المعبر بشكل نهائي قبل أن يأمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإعادة فتحه في 22 فبراير (شباط) 2011 للحالات الإنسانية فقط. وفي مايو (أيار) 2011 فتح المعبر بشكل يومي لكنه أغلق في أغسطس (آب) 2012 بعد اتهامات لمسلحين من غزة بالمشاركة في هجوم على نقطة أمنية مصرية في سيناء وقتل 16 من الجنود المصريين وإصابة آخرين، ومن ثم ظل فتحه وإغلاقه رهن التطورات الأمنية.
وبعد ثورة «30 يونيو 2013»، أغلقت مصر المعبر نهائيا. وفي هذا العام فتح لعدة أيام فقط، وتشير إحصاءات وزارة الداخلية في غزة إلى أن معبر رفح أغلق 175 يوما، فيما فتح 42 يوما فقط.
واليوم يوضع معبر رفح على طاولة المفاوضات الفلسطينية – المصرية، والفلسطينية - الإسرائيلية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم