استقالة وزيرة دولة بريطانية اعترضت على موقف بلادها من غزة

أول احتجاج وزاري في أوروبا يهز حكومة كاميرون

استقالة وزيرة دولة بريطانية اعترضت على موقف بلادها من غزة
TT

استقالة وزيرة دولة بريطانية اعترضت على موقف بلادها من غزة

استقالة وزيرة دولة بريطانية اعترضت على موقف بلادها من غزة

في أول استقالة على مستوى وزاري في أوروبا بسبب الحرب على غزة، تقدمت وزيرة الدولة البريطانية البارونة سعيدة وارسي باستقالتها من الحكومة البريطانية احتجاجا على موقف المملكة المتحدة من القضية الفلسطينية. وبالإضافة إلى كونها أول وزيرة مسلمة في الحكومة البريطانية، كانت وارسي حتى يوم أمس كبيرة وزراء الدولة بوزارة الخارجية البريطانية وزيرة شؤون الأديان والجاليات في الوزارة وتعد من المقربين من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. إلا أنه يوم أمس، بعثت البارونة وارسي برسالة إلى كاميرون تعلن فيها أنه لم يعد بوسعها «تأييد سياسة الحكومة» بخصوص حرب غزة التي «لا يمكن الدفاع عنها أخلاقيا».
وانشغلت الأوساط السياسية والإعلامية باستقالة وارسي بعد أن أعلنتها عبر حسابها على موقع «تويتر»، ناشرة نسخة من رسالة الاستقالة وقائلة في تغريدة: «بأسف عميق كتبت إلى رئيس الوزراء لأقدم له استقالتي. لم يعد بإمكاني دعم سياسة الحكومة إزاء غزة». وتزيد هذه الاستقالة الضغوط على حكومة كاميرون الذي يمضي حاليا إجازة في البرتغال ويتعرض منذ أيام لانتقادات من المعارضة العمالية لعدم اعتماد نهج أكثر تشددا حيال إسرائيل. ورد كاميرون بعد الظهر: «أتفهم قوة مشاعركم بخصوص الأزمة الحالية في الشرق الأوسط. الوضع في غزة لا يحتمل»، معربا عن أسفه لإعلان وارسي استقالتها عبر «تويتر» قبل إطلاعه مسبقا عليها. وأضاف: «نعتقد بالطبع أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. لكننا أعربنا باستمرار عن قلقنا حيال عدد الضحايا المدنيين المرتفع ودعونا إسرائيل إلى ضبط النفس والتوصل إلى حلول لوقف هذه المعارك»، موجها الحديث إلى وارسي التي يشير موقعها على الإنترنت إلى أنها «معروفة على الأخص لأنها أول مسلمة تتولى وزارة في الحكومة البريطانية».
وقالت وارسي، المحامية البالغة 43 من العمر والتي كانت من الوجوه البارزة في حزب المحافظين الحاكم، في رسالة استقالتها: «لا يمكن من الناحية الأخلاقية الدفاع عن مقاربتنا ولهجتنا خلال الأزمة الحالية في غزة وهذا لا يصب في مصلحة البلاد الوطنية وسيكون لذلك وقع سلبي على الأجل البعيد على سمعتنا على المستويين الدولي والوطني».
كما أعربت عن خشيتها من أن تشكل الأزمة في غزة والرد البريطاني عليها «أساسا للتشدد» الذي قد «تكون له عواقب (في المملكة المتحدة) في السنوات المقبلة». ولفتت وارسي إلى «استياء كبير في وزارة الخارجية (..) حول الطريقة التي اتخذت فيها القرارات أخيرا». ويذكر أنه على الرغم من شغل وارسي في وزارة الخارجية وكونها مسؤولة عن ملفات حقوق إنسان وأفغانستان وباكستان وإصلاح الأمم المتحدة، إلا أنها في الآونة الأخيرة كانت مقيدة في القضايا السياسية التي تتحدث عنها. وعندما طلبت «الشرق الأوسط» مقابلتها في الأسابيع الماضية، كانت قضايا لا تثير جدلًا، مثل الصيرفة الإسلامية، هي الوحيدة المخولة التصريح عنها. وفي لقاء مقتضب مع «الشرق الأوسط» الشهر الماضي، لم تتحدث وارسي عن القضايا السياسية مثل حقوق الإنسان أو المحكمة الجنائية الدولية، بل فضلت الحديث فقط عن الصيرفة الإسلامية. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تولت «فريق العمل الوزاري» حول الصيرفة الإسلامية وأشرفت على إصدار صكوك إسلامية في بريطانيا لأن «المسألة كانت لدى وزارة الخزانة لعقد من الزمن، فتوليته لأنه كان بحاجة لدفعة قوية، جلبت مسؤولين من وزارات الخزانة والعمل والتنمية الدولية وغيرها من دوائر».
وأضافت: «هذا نموذج من القوة الناعمة الذي يمكن لبريطانيا أن تستغلها»، معبرة أكثر من مرة عن أهمية الموافق البريطانية من القضايا الدولية بما فيها المتعلقة بالمسلمين.
ورد فيليب هاموند، الذي خلف في منتصف يوليو (تموز) ويليام هيغ في وزارة الخارجية، على وارسي عادا استقالتها «مفاجئة» في وقت «نشهد فيه أخيرا بعض التهدئة».

شاطئ غزة عاد ليمتلئ مجددا بقوارب صيادي السمك بعد انقطاع طويل (أ.ف.ب)



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.