العراق: تضارب ترشيحات بشأن الوزارات المتبقية في الحكومة

{تحالف الإصلاح} يدعو رئيس الوزراء إلى إقالة المشتبه بهم

البرلمان العراقي
البرلمان العراقي
TT

العراق: تضارب ترشيحات بشأن الوزارات المتبقية في الحكومة

البرلمان العراقي
البرلمان العراقي

أرجأ البرلمان العراقي جلسته التي كانت مقررة أمس إلى يوم غد الخميس بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني. ومع أن جدول أعمال المجلس كان يخلو من فقرة إكمال الكابينة الوزارية واقتصارها على مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لكن الخلافات السياسية بين الكتل بشأن الحكومة ما زالت تحول دون التوصل إلى توافق ينهي الجدل حول الأسماء المرشحة.
وفي وقت تضاربت الترشيحات بشأن الحقائب المتبقية مع ظهور وثيقتين إحداهما تخص مرشحا جديدا لوزارة الدفاع وصادرة عن عدة كتل ضمن ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي، بينما تخص الأخرى مرشحي الوزارات الثلاث المتبقية وهي الدفاع والداخلية والعدل، فقد طالب تحالف الإصلاح والإعمار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بإقالة الوزراء الذين عليهم مؤشرات قانونية. وقال التحالف في بيان له على أثر اجتماع عقده مساء أول من أمس إنه «دعا رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي إلى إقالة الوزراء الذين سجلت عليهم مؤشرات قانونية». كما شدد التحالف على «مراعاة النظام الداخلي لمجلس النواب وضرورة إعادة النظر في آلية التصويت الذي جرى على وزيري الدفاع والتربية، كونه يعد مخالفة للنظام الداخلي لمجلس النواب، وإقامة دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية للطعن بآلية التصويت المخالفة للنظام». كما أعلن التحالف رفضه «أن يكون التوزيع على أساس مذهبي في رئاسة اللجان النيابية واعتبار أنه يعد تهديدا للمشروع الوطني، وضرورة أن يكون التوزيع مبنيا على أساس التوزان بين التحالفات النيابية».
وفي هذا السياق أكدت ندى شاكر جودت، عضو البرلمان عن تحالف الإصلاح، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك وزراء تم التصويت عليهم ضمن الجولة الأولى لكن ظهر فيما بعد وجود مؤشرات عليهم سواء من قيود جنائية أو شمول بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة لكن عبد المهدي لم يتخذ أي إجراء بحقهم وهو أمر أردنا التنبيه إليه لأنه مخالف للدستور». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان هذا يشمل وزيرة التربية شيماء الحيالي علما بأنها ما زالت تنتظر أداء اليمين لأن عبد المهدي لم يبت باستقالتها، قالت ندى شاكر جودت إن «وزيرة التربية وبعد ظهور الفيديو الخاص بشقيقها لا يمكن أن تؤدي اليمين الدستورية تحت أي ذريعة أو حجة». وبخصوص المرشح لوزارة الداخلية فالح الفياض، قالت إن «موقفنا ثابت من هذا الأمر ولكن من الضروري التوضيح أن المسألة ليست استهدافا لشخص الرجل، بل كل ما هنالك هو خرق مبادئ الاتفاق بين الكتلتين الكبيرتين، (الإصلاح) و(البناء)». وبشأن المرشح لوزارة الدفاع تقول النائبة إن «الدفاع أمرها مختلف بعكس الداخلية التي تعكس خلافا بين كتلتين تضم عدة ائتلافات، بينما الدفاع التي هي من حصة المكون السني الخلافات حولها تدور داخل المكون نفسه وأمر تسوية هذا الخلاف مرهون بما يتفق عليه الإخوة السنة».
إلى ذلك تداولت الكثير من وسائل الإعلام وثيقة قيل إن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وجهها إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تتضمن ترشيح كل من فالح الفياض للداخلية وسليم الجبوري للدفاع وقاضي صدام حسين رزكار محمد أمينا للعدل. لكن مكتب عبد المهدي نفى صحة الوثيقة.
إلى ذلك، أكد النائب أحمد الأسدي، الناطق الرسمي باسم كتلة الفتح المنضوية في تحالف البناء، لـ«الشرق الأوسط» أن «الفياض حتى هذه اللحظة لا يزال مرشح كتلة البناء»، مبينا في الوقت نفسه «وجود مناقشات مع باقي الكتل للتوصل إلى حل بشأن هذه الأزمة».
في السياق نفسه، جرى تداول وثيقة أخرى موقعة من عدد من رؤساء الكتل داخل تحالف الوطنية بزعامة إياد علاوي تتضمن ترشح مهند البياتي، مدير مكتب صالح المطلك رئيس جبهة الحوار الوطني، وزيرا للدفاع. وفي هذا السياق أكد رئيس كتلة الوطنية في البرلمان، النائب كاظم الشمري، في تصريح مقتضب لـ«الشرق الأوسط» أن «مهند البياتي واحد من بين عدة مرشحين لائتلاف الوطنية»، مبينا أن «الأهم في الأمر أننا ننتظر نتيجة الطعن الذي تقدم به السيد فيصل الجربا، مرشح (الوطنية) الذي فشل في البرلمان، بشأن طريقة احتساب الأصوات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم