إسرائيل تعلن اعتقال أسير سابق قتل جنديين في الضفة

المحققون يركزون على {كشف علاقاته بالسلطة الفلسطينية}

فلسطينيون خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين كانوا ينفذون عملية توغل قرب رام الله ليلة الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيون خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين كانوا ينفذون عملية توغل قرب رام الله ليلة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعلن اعتقال أسير سابق قتل جنديين في الضفة

فلسطينيون خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين كانوا ينفذون عملية توغل قرب رام الله ليلة الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيون خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين كانوا ينفذون عملية توغل قرب رام الله ليلة الاثنين (أ.ف.ب)

بعد شهر كامل من عمليات التفتيش في مختلف أنحاء الضفة الغربية، واعتقال ما يزيد على 40 شخصاً، أعلن «الشاباك» (جهاز المخابرات العامة في إسرائيل) إلقاء القبض على الأسير السابق عاصم البرغوثي (33 عاماً) الذي نفذ عملية إطلاق نار على موقع عسكري وقتل جنديين. ونُقل البرغوثي فور اعتقاله إلى التحقيق في مواقع خاصة للمخابرات التي باشرت التحقيق معه فوراً وممارسة الضغوط الشديدة عليه، وفقاً لمحامي الدفاع عنه.
وكانت عملية قتل الجنديين قد نفذت أواسط الشهر الماضي، وذلك بعد أيام من عملية أخرى وقعت في المنطقة القريبة. وتعتقد المخابرات الإسرائيلية أن هناك علاقة وثيقة بين العمليتين، إذ شارك فيهما عاصم وشقيقاه عمر وصالح. العملية الأولى وقعت قرب مستوطنة «عوفرا» شمال شرقي رام الله في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2018، وتم خلالها إطلاق النار على مستوطنين، مما أدى إلى إصابة 9 إسرائيليين، والعملية الثانية وقعت في 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتم خلالها إطلاق نار قرب مستوطنة «جفعات أساف» شرق رام الله، وأدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين. وتتهم إسرائيل في العملية الأولى، صالح البرغوثي الذي قتل برصاص الجنود، وفي الثانية شقيقه عاصم، الذي هرب وتمكن من الاختفاء عن الأنظار طيلة شهر، وتم اعتقاله فجر الاثنين.
وقد رصدت عمليات اجتياح وتفتيش جذرية في بيوت المئات من الفلسطينيين، في قرية كولر، التي نما وترعرع فيها الشقيقان، وكذلك في بلدات أخرى. ونفذ الجيش حملة اعتقالات في صفوف عائلة البرغوثي في بلدة كوبر، طالت عدداً من أشقاء عاصم وأقربائه؛ بينهم والد الأسير المحرر عمر البرغوثي البالغ من العمر 66 عاماً ونجله (ما زالا معتقلين في المسكوبية في القدس الشرقية المحتلة). وطالت الاعتقالات الإسرائيلية أكثر من 40 شخصاً، شباناً وأطفالاً ومسنين ونساء كثيرات ليس بغرض التحقيق والمعرفة فحسب، بل ضمن الضغط على عاصم كي يسلم نفسه.
وقالت مصادر إسرائيلية إن نتائج التحقيق مع هؤلاء من جهة، ومعلومات استخبارية متراكمة من جهة ثانية أوصلتها إلى مكان اختباء عاصم البرغوثي، في ضياء إدريس في بلدة أبو شخيدم الواقعة شمال غربي رام الله. فحشدت قوات ضخمة في ساعات الليل المتأخرة، لكن أبقتها بعيدة. وأرسلت قوة مستعربين كبيرة، تسللت إلى القرية بعد منتصف الليل. ووصلت القوة إلى البيت وفتحته من دون أن يشعر بها أحد، ودخلت إلى الغرفة التي كان ينام فيها. وحسب الأوامر، فقد أرادوه حياً، حتى يكشفوا أسرار التنظيم الذي أقامه وإن كان يعمل بشكل انفرادي أو بتوجيه من تنظيم معين، وما هي علاقاته بالسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، وهل عمليات إطلاق الرصاص هي عمليات انفرادية، أو أنها جاءت تنفيذاً لأوامر جهة ما في السلطة الفلسطينية أو في حركة «فتح». وترى السلطات الإسرائيلية في عمليات إطلاق الرصاص على الجنود والمستوطنين تطوراً خطيراً يحتاج إلى تحقيق معمق لمعرفة ما إذا كان ناجما عن تخطيط من السلطة كما كان عليه الحال خلال الانتفاضة الثانية في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات. وتمكنوا فعلاً من اعتقاله، قبل أن يصل إلى رشاش كلاشينكوف كان مزوداً به.
وحسب تلك المصادر، دخلت حشود من الجنود إلى القرية بعد تنفيذ الاعتقال. وراح الجنود يجرون عمليات تفتيش تخللها تخريب كبير، وعثروا على رشاش «كلاشينكوف» وذخيرة ومعدات رؤية ليلية. وتم اعتقال الأسير المحرر ضياء إدريس، ووالده محمد عبد المعز إدريس واثنين من أبنائه (أشقاء ضياء) هيثم ومهند، بتهمة إيواء عاصم البرغوثي، عقب تحطيم محتويات المنزل.
يشار إلى أن عاصم البرغوثي أسير محرر قضى سابقاً في معتقلات الاحتلال 11 عاماً وأُفرج عنه بعد انتهاء محكوميته في أبريل (نيسان) 2018، فيما قضى والده عمر البرغوثي أكثر من 26 عاماً في الأسر بين أحكام واعتقال إداري.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».